حكايات| «ستار الكعبة».. تحفة فنية منسوجة في مصر العثمانية  

ستار الكعبة
ستار الكعبة

تعكس "ستارة الكعبة" أو "كسوة الكعبة"، التي صُنعت في مصر قبل أكثر من 170 عامًا جمال الحرفية الإسلامية وتاريخها العريق، هذه الستارة التي نُسجت خلال فترة الحكم العثماني لمصر في عهد السلطان عبد المجيد (1839-1861م)، وتُعد منسوجة بدقة من الحرير ومزينة بخيوط معدنية، مما يجعلها مثالًا رائعًا على الفنون الإسلامية التقليدية، كما أكده الباحث الآثري الدكتور حسين دقيل المتخصص في الآثار اليونانية الرومانية.

وتعتبر ستارة الكعبة، واحدة من أروع الأعمال الفنية التي أنتجتها مصر خلال الحكم العثماني، وقد كانت هذه الستارة تغطي الكعبة المشرفة، البيت المقدس لدى المسلمين، مما يضفي عليها أهمية دينية وثقافية بالغة، عملية نسج هذه الستارة استغرقت جهودًا كبيرة من الحرفيين المهرة الذين استخدموا أفضل أنواع الحرير وأدخلوه بخيوط معدنية ذهبية وفضية، لتنتج ستارة تليق بمكانة الكعبة.

أصل الحكاية| تأثير زبيدة بنت جعفر على مدينة تبريز: رحلة في التاريخ والثقافة العباسية

ستارة الكعبة وتطور فن النسيج في مصر

وأضاف د. دقيل، أنه في عهد السلطان عبد المجيد، شهدت مصر فترة من النشاط الفني والثقافي المكثف، حيث كانت القاهرة مركزًا هامًا للصناعات الحرفية، وتوضح ستارة الكعبة مدى تطور فن النسيج في مصر خلال تلك الفترة، واستخدام الحرير والخيوط المعدنية لم يكن فقط لجمالها، بل أيضًا لقوة تحملها وظلت الستارة محافظة على رونقها طوال هذه السنوات.

هذه الستارة ليست مجرد قطعة قماش، بل هي رمز للتفاني والإيمان والجمال الفني، وجودها اليوم يعد شاهدًا على العلاقة الوثيقة بين الفنون الإسلامية والممارسات الدينية، وأيضًا على الروابط التاريخية بين مصر والحجاز، وتعرض ستارة الكعبة في المتاحف اليوم لتذكرنا بقدرة الفن على التعبير عن أسمى مشاعر الإيمان والتاريخ.

- تجليات الزخرفة.. كسوة الكعبة المشرفة

وأوضح د. دقيل، أنه منذ القدم كانت الكعبة الشريفة، قبلة المسلمين، تُغطى بكسوة مبهرة تُجدَّد كل عام، ومن بين أجزائها، يبرز الجزء الظاهر أمامنا الآن، وهو الجزء الأكثر زخرفة، حيث كان يُعلق فوق أبواب الكعبة.

وكان السلاطين العثمانيون، الذين حكموا لفترة طويلة في العالم الإسلامي، يُلقبون بـ "خُدام الحرمين الشريفين" في مكة والمدينة المنورة، وكانوا يولون اهتمامًا كبيرًا لحفظ كرامة وسلامة الحرمين الشريفين، وكانوا يرسلون كل عام مجموعة جديدة من المنسوجات وكسوة الكعبة مع قافلة الحجة تعبيرًا عن تقديرهم وإكرامهم لهذين المكانين المقدسين في الإسلام.

- تراث مكة والمدينة من كسوة الكعبة إلى متحف الفن الإسلامي بقطر

وأشار د. دقيل، إلى أن الستارة التي تغطي الكعبة الشريفة تعكس تاريخًا طويلًا من الإيمان والتقدير، حيث كانت جزءًا لا يتجزأ من تقاليد الحج والعبادة في الإسلام، ومن الجدير بالذكر أن هذه الستارة، التي كانت جزءًا من كسوة الكعبة، توجد الآن في متحف الفن الإسلامي بقطر، حيث يتم عرضها للزوار.