«بنك المخلفات المصري».. جاد الكريم يحول النفايات إلى «ذهب»..

بنك المخلفات المصري.. جاد الكريم يحول النفايات إلى «ذهب»

عطاء جاد وهو يشارك بمشروعه بنك المخلفات المصري في المنطقة الخضراء بقمة المناخ
عطاء جاد وهو يشارك بمشروعه بنك المخلفات المصري في المنطقة الخضراء بقمة المناخ

 

 عطاء جاد: مصر تنتج أكثر من 250 الف طن من المخلفات المتنوعة يوميًا

 

سحب سوداء كثيفة تخيم على سماء محافظة الأقصر، وما يجاورها من مدن؛ جراء حرق المخلفات الزراعية عن كل موسم حصاد، ولكن يتربع على عرش المخلفات الزراعية «سفير القصب»، وهو أحد أهم المخلفات الزراعية الناتجة عن زراعة القصب في محافظات الصعيد لتميزها بزراعته.


مشهد مزعج يؤرق عطاء جاد الكريم، ابن الأقصر، التي تبعد عن العاصمة نحو 670 كيلومترا جنوبً،  فهذا المنظر يلازمه منذ الصغر، ولا يدري كيف يمكن أن يساهم في تخلص المجتمع من تلك الظاهرة. قرر الرجل الأربعيني أن يؤسس شركة صغيرة لإدارة المخلفات، عام 2012، لتستمر قرابة الـ 10 سنوات، إذ تعمل على تخليص مدن الصعيد من مخلفات قصب السكر.


وسّع «جاد الكريم» نشاطه تدريجياً ليشمل إدارة المخلفات الطبية الخطرة، حتى توسع بشكل كامل لإدارة جميع مخلفات محافظة الأقصر وتصبح نموذج مشرف للمحافظة الخالية من المخلفات .
«تنتج مصر أكثر من 250 الف طن من المخلفات  المتنوعة يومياً وهي بمثابة كنوز مهدرة»، هكذا يعبر جاد الكريم عن الكم الهائل والثروة المهدرة يومياً من مخلفات مصر، فقد أصبح لديه خبرة جيدة في إدارة المخلفات، وإعادة تدويرها بما يساهم في الاقتصاد القومي ويُحدث نقلة نوعية بها.

اقرأ ايضاً : وزير التنمية المحلية يشهد توقيع عقد للتخلص من المخلفات مع إحدى الشركات


قرر «جاد الكريم» توسيع نطاق عمله جغرافيا، لتمتد أعمال الشركة إلى محافظات أخرى حتى بات يعمل في كل أنحاء الجمهورية، ليؤسس مشروع «بنك المخلفات المصري».
المشروع مكون من جزئين أحدهما رقمي متمثل في المنصة الإلكترونية للمشروع والآخر عبارة عن زيارات ميدانية، وذلك لتعريف الأفراد بفكرة المشروع خاصة من لا يجيدون التعامل مع مع التكنولوجيا.


حصد «جاد الكريم» مجهود 10 سنوات، عندما أعلنت مبادرة المشروعات الوطنية الذكية، عن فوزه بجائزة المركز الأول عن فئة المشروعات الكبرى، وكرّمه الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء ووزارة البيئة. 


يقول جاد: "أنها تتيح خدمات لكل مجمع من المجمعات في كل وقت ومكان، ويؤدى المشروع خدماته من خلال شبكة من المتعهدين والمندوبين في محيط إداري وجغرافي لكل مجمع، وذلك لعمل دمج للأطراف التي تعمل في جمع المخلفات، ويقوم بمنع الحرق المكشوف لتلك المخلفات أو دفنها، وإهدار قيمتها، وتتيح المنصة صندوقين لكل عميل، الأول خدمي، لرفع المخلفات عديمة القيمة، ويدفع عليها المواطن رسوم للمندوب، والصندوق الثاني يطلق عليه التجاري، وفيه يتم تداول المخلفات ذات القيمة الاقتصادية، ولكن يكون بمقابل مادى.


يهدف المشروع للإدارة الكاملة للمخلفات، بكافة أنواعها، من مخلفات بلدية متمثلة في القمامة، ومخلفات زراعية وعضوية، وتتيح المنصة الإلكترونية لكل المستخدمين عند التسجيل فتح صندوقين، منها الخدمي، ومن خلاله يتم طلب خدمة رفع القمامة، والمخلفات عديمة القيمة، بمقابل رسوم عادلة، ومقابل خدمة حقيقية، يتم خصمها مباشرة من حساب طالب الخدمة.


 تقدم المنصة خدمات هذا الصندوق عن طريق متعهدي جمع القمامة، ونقلها سواء من الأفراد أو الشركات، ومن خلال مصانع المعالجة والحكم المحلي عن طريق التعاقد بين مقدمي هذه الخدمات وبين المنصة، وفقا للشروط والأحكام المنظمة، وتحت سيادة قانون المخلفات الجديد ٢٠٢ لسنة ٢٠٢٠، ولائحته التنفيذية.

والثاني يتمثل في الصندوق التجاري، والذى يتيح خدمة طلب شراء وبيع مفروزات القمامة، وكل المخلفات ذات القيمة الاقتصادية، من مصادر تولدها عن طريق متعهدين مرخص لهم بالعمل داخل النطاق الجغرافي والإداري المحدد لكل مجمع.


يستكمل جاد يتوجه المندوب للمجمعات الخاصة بجمع المخلفات بعد أن يقوم بتوصيلها من الأفراد، والتي يصل عددها لـ 185، تمثل تلك المجمعات سلاسل إمداد للصناعات والغذاء والطاقة، فيما يعنى أن المستهلكين  لتلك المخلفات يتعاقدون مع المنصة أو مع المجمعات الخاصة  بجمع مخلفاتهم وتقوم بإعادة تدوير الورق والبلاستيك الصناعات الاخرى المعتمدة على الطاقة البديلة التي يتم تجهيزها من المخلفات الزراعية، مثل روث الحيوانات، والذى يعد من أهم مصادر الكتلة الحيوية المولدة للغاز والأسمدة العضوية.


موضحاً أنه يوجد 185 مركز ريفي في مصر وسوف يتم إنشاء بنفس عدد المراكز مستودعات أو مجمعات متكاملة بمواصفات ذكية والاستشعار عن بعد، خاصة ان مصر 90% منها تحتوى على مراكز ريفية، وهناك مراكز  سوف يتم إنشاء بها  أكثر من مجمع، وبالتالي سوف يتم ربط المجمعات بالمستهلكين من خلال المنصة الإلكترونية .


يعد بنك المخلفات هو آلة للجمع السليم للمخلفات، وعلى سبيل المثال تعد محافظة الأقصر بها أكبر منظومة جمع روث الحيوانات في مصر بل إفريقيا، ويتم توريده لمصانع الأسمنت بجنوب الصعيد، ويستخدم كبديل لطاقة الوقود الأحفوري، التي عجزت عن استيراده أو لارتفاع سعر المحروقات، لذا أصبحت مصانع الأسمنت تعتمد على  تلك المخلفات كبديل للوقود الأحفوري، وتعد مصر تنتج أكثر من 50 الف طن من مخلفات روث الحيوانات، يومياً، من صغار مربى الماشية والمزارع الكبرى،  ويمثل أهم مصدر للكتلة الحيوية، ومولدات الغاز عالية الجودة وهو ما يطلق عليه البيو جاز.


متابعاً، تنتج مصر 70 ألف طن من المخلفات البلدية يومياً "القمامة "، منهم 80% مخلفات ذات قيمة، و20% مخلفات لا قيمة لها، يتم شراء المخلفات ذات القيمة، وسيوفر المشروع تنظيم للكتلة البشرية التي تعمل في مجال جمع القمامة والتي يتجاوز عددها الـ2 مليون، وتوفر لهم مظلة حماية.


أما بالنسبة للمخلفات الزراعية، يتميز الصعيد بزراعة قصب السكر وتتجاوز مخلفاته الزراعية لما يقرب من 2 مليون طن سنوياً، يتم إعادة تدويرها واستخدامها كعلف جاف للحيوانات، وإنتاج الطاقة البديلة، وتعتمد عليها العديد من مصانع الاسمنت، وتستخدمها أوروبا في أغراض التدفئة، وتزايد عليها الطلب هذا العام ليعوض النقص في الطاقة، وهناك إطارات السيارات الهالكة، وتتجاوز مصر أكثر من 40 ألف طن يومياً، ويتم حرقها وتسبب تلوث الهواء، وأصبح هناك مصانع تقوم بإعادة تدوير هذه الإطارات.


منوهاً تختلف كمية المخلفات الناتجة عن المراكز باختلاف عدد السكان وكثافتهم، ووفقا للاستهلاك الأدمي، أصبح لدينا مخلفات هامة تصدر من المنشآت الصناعية، خاصة مع انتشار العديد من المصانع العملاقة والورش،  وكلاهما ينتج كمية هائلة من المخلفات، وأصبح هناك حصر لها، ويمكن إعادة توظيفها واستخدامها مرة أخرى.

 
الآثار البيئية للمشروع


يمثل أكبر مشروع بيني بنظام أساسي موحد في العالم، ويقدم خدمة بيئية واقعية ملموسة، ويقلل المشروع من أعمال الدفن للمخلفات، ويقضي على الحرق المكشوف للمخلفات، كما يقضي المشروع على كل الآثار والمظاهر السلبية والضارة للمخلفات بكل أنواعها، ويقوم بتوفير البدائل الخضراء والحلول الذكية للصناعات الكثيفة في استهلاك الطاقة (مثل مصانع الأسمنت).


والوصول السريع للحد المعقول، والأقصى، من القضاء على مشكلات البيئة الناتجة، من التداول العشوائي للمخلفات، وتحويل 50 مليون طن من المخلفات سنويا من مشكلة بيئية الي مورد اقتصادي مستدام.