فى أمريكا.. الجرائم تبدأ من جوجل أحيانًا

بريان والش متهم  بقتل زوجته
بريان والش متهم بقتل زوجته

 محرك بحث تحول إلى احد عوامل ارتكاب الجريمة بل وأصبح أحد أدلة الاتهام نحو الجناه الغامضين وهو الامر الذي أثار الجدل نحو دور محرك البحث «جوجل» الاشهر على مستوى العالم، حيث تحول في الآونة الاخيرة إلى خطوة أو مرحلة من مراحل الجريمة التي تبدأ ببحث الجاني عن طرق للقتل او السرقة أو التخلص من مشكلة تواجهه بطريقة إجرامية؛ ليدفع السلطات الامنية إلى اللجوء إلى اختراق الخصوصية والتفتيش للكشف عن اسرار بحث المشتبه بهم للتوصل الى مفاتيح الجريمة.

تشهد المحاكم الأمريكية عددًا من القضايا الجنائية التي لعب فيها محرك البحث جوجل دورًا هامًا في دفع الجناه الى الجريمة وحثهم على ارتكابها عبر الإجابة عن تساؤلاتهم ومنحهم المزيد من التفاصيل التي تشجع على إنهاء أزماتهم بشكل إجرامي بسبب تساؤلات البحث التي لا تتوقف فيها الإجابات والأفكار التفصيلية، تجري محاكمة الزوج القاتل بريان والش، 47 عامًا، المتهم بقتل زوجته آنا امام محكمة نورفولك العليا بولاية ماساتشوستس، تحولت قضية بريان إلى نموذج لتحول محرك البحث جوجل إلى دليل قاطع في قضية بل ووسيلة لإتمام الجريمة بكل خطواتها.

اسبوع بحث

بدأ الامر برغبة الزوج في الانفصال عن زوجته إلا انه امام تحدي وهو الطلاق وتقسيم الثروة والخسائر المادية الهائلة، وهو ما دفع بريان إلى البحث عن افضل طرق الطلاق دون خسائر مادية إلا أن البحث لم يفده فقاده عقله وبحثه لمعرفة تفاصيل اخرى حول الاستفادة من ميراث الزوجة المتوفاة وإمكانية الحصول عليه ومن هنا تحول البحث إلى طرق التخلص من زوجته، كشف المدعي العام لين بيلاند سجل بحث الزوج عبر جوجل امام القاضي وهيئة المحكمة ورصد الجدول الزمني لعمليات البحث التي بدأت في 27 ديسمبر العام الماضي بسؤال جوجل حول افضل الولايات للطلاق دون خسائر، ويبدو انه لم يعثر عن اجابة راضية فاستمر بحثه بتساؤلات عديدة منها: «كيف نمنع الجثة من التحلل؟»، «كم من الوقت يجب أن يغيب الشخص لكى نرثه؟»، «أفضل الطرق للتخلص من الجثة»، «كيفية تنظيف الدم من الأرضية الخشبية»، «ماذا يحدث عند وضع أجزاء الجسم في المواد الكيماوية؟»، «هل الأفضل إخفاء ملابس القاتل أم غسلها؟»، «هل المنشار أفضل أداة للتقطيع؟»، «هل يمكن أن يتم اتهامك بالقتل بدون جثة؟»، «هل يمكنك التعرف على جثة بأسنان مكسورة؟»، وانتهت تساؤلات القاتل بارتكاب جريمته في 3 يناير أى خلال اسبوع واحد فقط من بحثه للتخلص من زوجته حيث قطع اطرافها وتخلص من بقايا جثتها بتوزيعها في صناديق القمامة المتفرقة في ضواحي بوسطن.

لم تنكشف جريمة الزوج الغامض بريان إلا من خلال الكشف عن سجل بحثه على جوجل لتنقلب القضية رأسًا على عقب، واشار جون ميلر، كبير محللي القانون والاستخبارات: «بحث المشتبه به يكشف بشكل أساسي تفاصيل خطته في عمليات البحث، والغريب في الامر أن اغلب عمليات البحث أجراها على الكمبيوتر الشخصي الخاص بابنه فلم يتوقع أن يعثر احد على تلك الادلة على جهاز طفل مخصص للعب ليقود المحققون لفك لغز كبير، وبالفعل انكشفت محاولاته لتضليل المحققين الذين يبحثون عن اختفاء زوجته وكاد يحصل على البراءة ليصبح غير مذنب في جميع التهم الموجهة إليه؛ حيث أشار محامي دفاعه أن الأدلة ضده لم تكن قوية إلى أن ظهر جوجل ليتحول المشتبه به إلى متهم مذنب بارتكاب جريمة قتل وينتظر الحصول على اقصى عقوبة امام المحاكم.

خطة جوجل

جريمة أخرى لفتت الانتباه نحو محرك البحث جوجل ارتكبها رجل من كاليفورنيا؛ حيث بدأ جريمته بالاستعانة بجوجل وسؤاله «كيفية قتل خطيبتي السابقة» وانتهى به المسار إلى إدانته بجريمة قتل امام المحكمة منذ ايام قليلة ليواجه عقوبة السجن مدى الحياة؛ حيث اقدم على قتل صديق خطيبته السابقة للتخلص منه معتقدًا ان القضية ستسجل دفاعًا عن النفس كما اشارت عليه عمليات البحث التي اجراها عبر جوجل وانتهى الامر باعتبار عمليات بحثه دليل قاطع لإدانته بارتكاب الجريمة عن عمد.

أدانت هيئة المحلفين بالمحكمة الجنائية في ولاية كاليفورنيا المتهم جيسي ألفاريز، 33 عامًا،  بارتكاب جريمة قتل الضحية ماريو فييرو بسبب ارتباطه بخطيبته السابقة؛ حيث حاول ألفاريز الاشتباك مع ضحيته ليظهر الامر كشجار واطلق عليه النار وكأنه في وضع الدفاع عن النفس، لم تنكشف حقيقة الواقعة إلا بعد الكشف عن  سجل بحث ألفاريز اثناء محاكمته؛ حيث قدم المدعون عبارات بحث المشتبه به امام المحكمة واحتوت تلك الكلمات على عبارات وتساؤلات إجرامية منها «كيف تقتل خطيبتك السابقة»، و»استئجار قاتل محترف من سان دييجو كاليفورنيا» وبعد الحصول على كم هائل من المعلومات  قام الجاني بالبحث بسؤال «كيفية حذف سجل بحث جوجل»، اكد ممثلو الادعاء إن ألفاريز قتل فييرو بدافع الغيرة وبسبب ارتباطه بصديقته السابقة حيث يعملان سويا في مدرسة دينية ثانوية في سان دييجو، حاول القاتل الفاريز الدفاع عن نفسه امام المحكمة مؤكدًا انه كان على علاقة بحبيته لمدة ثلاث سنوات ونصف تقريبًا وفوجئ بانتهاء علاقتهما وقام بمطاردتها الى ان اضطرت للانتقال من منزلها وتغيير رقم هاتفها وبدأت في قصة حب جديدة وحين اكتشف الامر قرر التخلص منها بالاستعانة بقاتل محترف لكنه لم يستطع فقرر التخلص من صديقها الجديد بطريقة مختلفة ليبدو أن الامر وكأنه قتل خطأ او شجار غير مخطط له كشفه جوجل.

مؤيد ومعارض

اثارت تلك القضايا الجدل بعد تكرارها بشكل ملحوظ، ليتحول الامر نحو قضية اخرى وهى استخدام بيانات المشتبه بهم وسجلاتهم الإلكترونية في تحقيقات الشرطة حيث يشير المدافعون عن الحريات والخصوصية إلى أنها تنتهك الحقوق الدستورية للأميريكيين وتحول الجدل الى امر آخر وهى اتهام الابرياء ممن يقومون بالبحث عن طرق ارتكاب الجرائم بدافع الفضول؛ حيث توضح حملة رفض تفتيش محركات البحث الامر مؤكدين انه حين يتم البحث عبر الإنترنت عن عنوان شارع معين، أو اسم ضحية جريمة أو ربما عقار للإجهاض في ولاية تجرم عمليات الاجهاض، فقد يكتشف رجال الشرطة ذلك، ويشير المدافعون إلى تحول جوجل الى مستودع للفضول والاسرار؛ حيث يساعد الشرطة في العثور على المشتبه بهم عندما يكون لديهم القليل من الأدلة على ارض الواقع ولكنه من ناحية اخرى قد يجر الأبرياء إلى التحقيقات دون ادلة حقيقية.

أوامر تفتيش

امام تلك الآراء المتناقضة جاءت ردود من مؤسسة جوجل لتؤكد؛ أن لديها إجراءات لحماية خصوصية مستخدميها مع دعم التعاون مع عناصر إنفاذ القانون ويشير المدافعون عن الخصوصية إلى ان الشرطة تعتبر جوجل بمثابة منجم ذهب ولن يتكاسلوا عن استخدامه، وفي احدى قضايا السطو في ولاية فلوريدا قبل فترة قصيرة اكد رجل انه قاد دراجته بالقرب من موقع وقعت فيه عملية سطو على منزل، وحققت الشرطة معه بعد الحصول على بيانات من جميع الأجهزة التي سجلتها ورصدتها جوجل بالقرب من المنزل في وقت قريب من عملية السطو، وفي عام 2020، طالب مسؤولو شرطة دنفر بموجب مذكرة قضائية، شركة جوجل بتسليم معلومات عن أي شخص بحث عن عنوان منزل وقع فيه حريق متعمد ادى إلى مقتل خمسة أشخاص، وقال ممثلو الادعاء إن سجلات بحث الأشخاص كانت بمثابة خيوط أساسية للمساعدة في التعرف على المشتبه بهم المتهمين بارتكاب جرائم قتل، وقال ممثلو الادعاء إن أحد الأشخاص بحث في العنوان 14 مرة في الأيام التي سبقت الحرق العمد وهو ما دفع الشرطة للتوصل للجاني، قضت أغلبية قضاة المحكمة العليا في كولورادو مؤخرًا بأن مذكرة الحرق العمد في دنفر كانت قانونية نظرًا للظروف الخاصة.

قالت جوجل في بيان لها؛ إن مصطلح البحث الواسع تتضمن بالفعل مخاطر انتهاك الخصوصية، واكدت أنه خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية تقريبا، نجحت الشركة في الاعتراض على أكثر من 2000 أمر تفتيش واسع النطاق باعتبارها غير دستورية، الا ان مسؤولي إنفاذ القانون اشاروا الى ان بيانات جوجل عن مواقع الأشخاص وتاريخ البحث تساعد في حل الجرائم، وهو ما حدث بالفعل في الايقاع بالمتهمين في احداث شغب في الكابيتول عام 2021، ، وصدرت أوامر المحكمة الأولية الموجهة لشركة جوجل بضرورة تقديم معلومات للشرطة لا تكشف عن هوية الأشخاص، وحين ملاحظة بيانات مشبوهة تطلب الشرطة الكشف عن مزيد من المعلومات حول هوية المشتبه بهم، وتمر اجراءات التفتيش النموذجي بعدة مراحل حيث تضع الشرطة في الاعتبار المشتبه به وتطلب موافقة القاضي لتفتيش منزله وبيانات الهاتف والأدلة المحتملة الأخرى للوصول الى الجناة.

اقرأ  أيضا : في بريطانيا.. قتل زوجته وقطع جسدها 224 قطعة ثم رماها فى النهر


 

 

 

;