بسبب حرب الإبادة والمجازر الإسرائيلية فى غزة .. شرارة غضب تحولت إلى نار احتجاجات فى جامعات أمريكا

احتجاجات فى جامعات أمريكا
احتجاجات فى جامعات أمريكا

 التجارب فقط هى التي تكشف الوجوه الحقيقية، تخوض الولايات المتحدة الأمريكية أو بلد الحريات كما تُطلق على نفسها دومًا تجربة كاشفة مع سياسات حرية الرأى والتعبير داخل جامعاتها، ما أن اندلعت مظاهرات طلابية للاحتجاج على الدعم الامريكي للحكومة الإسرائيلية وتجاوزاتها في حربها الدموية غير الانسانية ضد غزة حتى تصاعدت الاحداث سريعًا تحت مرأى ومسمع من الكاميرات والشهود لتكشف عن لجوء الشرطة الأمريكية سريعًا إلى اختراق حُرمة وهيبة الجامعات الأمريكية واللجوء إلى اعتقال وقمع الطلاب لتتسبب في حالة غير مسبوقة من الفوضى داخل الجامعات الأمريكية.

غضب وثورة ضد المجازر والتجاوزات الإسرائيلية المستمرة ضد الفلسطينيين، بدأت شرارتها داخل جامعات امريكا ووصل صداها وتفاصيلها إلى كافة انحاء العالم، اعتقد الكثيرون في البداية أن امريكا ستواجه الامر مثلما تدعو العالم طوال الوقت بالتعامل مع المظاهرات بدعم كامل لحرية الرأى والتعبير إلا أن الامور ازدادت سوءًا يومًا بعد يوم، وتحولت مظاهرات طلاب الجامعات الامريكية إلى حالة من الاتهامات والتجاوزات التي ترتكبها السلطات الأمريكية داخل حرم جامعاتها لأكثر من أسبوعين كاملين. 

اقتحام الجامعة

اندلعت الاحتجاجات ضد الحرب في غزة في عدد من الجامعات الأمريكية، بدأت المظاهرات من قلب جامعة كولومبيا وتحديدا في 17 ابريل الماضي وازدادت الامور تصعيدًا حين اتخذت رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق قرارها باستدعاء قوات الامن من مركز شرطة نيويورك لإبعاد المتظاهرين المؤيدين لفلسطين من الحرم الجامعي وأثار الامر المزيد من الغضب لدى طلاب الجامعات الأمريكية، واشارت وسائل الاعلام الأمريكية أن القضية بدأت بالفعل حين تم استجواب نعمت شفيق رئيسة الجامعة بعد مثولها للتحقيقات حول تعاملها مع قضية «معاداة السامية» داخل الحرم الجامعي من قبل لجنة التعليم في مجلس النواب التي يقودها الجمهوريون، وفي اليوم التالي، طلبت شفيق من الشرطة إخلاء معسكرات الطلاب المحتجين ضد اسرائيل لتُخلي مسئوليتها عنهم، وبالفعل اعتقلت الشرطة الامريكية أكثر من 100 متظاهر ليؤكد الطلاب أن تلك الواقعة هى التي اشعرتهم بحالة من القمع والرقابة لم يتوقعوا أن يشهدوها من قبل في بلادهم، وتواجه نعمت شفيق، ذات الاصول المصرية موجة عارمة من الغضب ضدها لتخاذلها عن حماية طلاب الجامعة المحتجين والسماح للشرطة بتجاوز الحدود بطلب منها بالإضافة إلى اعلانها  فصل الطلاب الذين لم يغادروا الاعتصام مما أدى إلى تزايد احتجاجات الطلاب في كولومبيا وكذلك ارتدى عدد من أعضاء هيئة التدريس سترات السلامة الصفراء والبرتقالية مقررين البقاء طوال الليل للتأكد من احترام حق طلابهم فى الاحتجاج، وسرعان ما انتقلت مشاعر الغضب ضد السياسات الأمريكية لتندلع المزيد من الاحتجاجات في جامعة نيويورك، وييل، وحتى جامعة إلينوي وخارجها غربا، وانتقلت إلى جامعة واشنطن، وجامعة جنوب كاليفورنيا التي اضطرت إلى اغلاق أبوابها بسبب تزايد المظاهرات.

مطالب المتظاهرين

توالت الاخبار والصور التي تعلقت بوجود اشتباكات عنيفة بين الطلاب وعناصر الشرطة بعد اقتحام اغلب الجامعات التي شهدت احتجاجات داخل حرمها؛ حيث طالب المحتجون الجامعات بإنهاء التعاون مع إسرائيل، والضغط على الإدارة الأمريكية لوقف الضربات الإسرائيلية على المدنيين الفلسطينيين، وكشفت وسائل الاعلام قيام عناصر مكافحة الشغب المدعومة بحافلات محملة بالاسلحة والتعزيزات الامنية ومعدات مكافحة الشغب، وأزالوا الحواجز المؤقتة التي اقامها الطلاب المصنوعة من صناديق القمامة والألواح الخشبية أثناء سيرهم في مخيم جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، ودفع الغضب المتظاهرين إلى الاستعانة بالمظلات والدروع وارتداء الخوذات لمقاومة تقدم الشرطة واجبروهم بالفعل على التراجع حيث تفرق ضباط شرطة لوس أنجلوس بعد أن فاق عدد المتظاهرين عدد الشرطة ممن كانوا يحملون مظلات ودروعا مؤقتة.

تحولت ليال الجامعات الأمريكية الهادئة إلى مشاهد عنف واشتباكات متكررة بين الشرطة والطلاب في اغلب الجامعات، وترصد مروحيات الهليكوبتر صور ومشاهد تتداولها وسائل الاعلام الامريكية ومنها قيام ما لا يقل عن 200 طالب محتج فى جامعة كولومبيا بوضع حواجز عند مدخل قاعة هاميلتون في مشهد يحمل رمزية كبيرة لجامعة كولومبيا؛ حيث شهدت نفس القاعة في عام 1968 تظاهر الطلاب احتجاجًا على صلة الجامعة بالحرب فى فيتنام، كما امتلأت القاعة بالطلاب المحتجين فى الثمانينات من القرن الماضي كجزء من حركة سحب الاستثمارات من حكومة الفصل العنصرى فى جنوب افريقيا احتجاجًا على سياستها، كما احتوت المشاهد على مشهد إلقاء القبض على أستاذة جامعية وهي تقول أنا أستاذة جامعية في واقعة غير مسبوقة في امريكا.

عنف واعتقالات

استمرت تهديدات شرطة مكافحة الشغب الأمريكية بسرعة اعتقال أي شخص يرفض مغادرة المخيمات المؤيدة للفلسطينيين في حرم جامعة كاليفورنيا وسط ليال متتالية من الاحتجاجات في جميع أنحاء أمريكا وتحولت المواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في حرم كاليفورنيا  إلى اشتباكات جسدية عنيفة، كما جرت اعتقالات في جامعة تكساس  في دالاس، وجامعة ويسكونسن في ماديسون، وفي ولاية ويسكونسن ألقت الشرطة القبض على أكثر من 34 شخصا وأصيب بعض رجال الشرطة في الاشتباكات، وفي نيويورك فرقت الشرطة الاحتجاجات في فوردهام بعد يوم وكليات مدينة نيويورك حيث اعتقل الضباط عشرات المتظاهرين.

عناصر خارجية

تغيرت لهجة السلطات الأمريكية لتفسير الاحداث الاخيرة بالفوضى العارمة ولجأت إلى تبني نظريات المؤامرة واتهام اطراف خارجية بالوقوف وراء الاحتجاجات الاخيرة حيث ألقى عمدة مدينة نيويورك إريك آدامز اللوم على «محرضين خارجيين»  في قيادة المظاهرات وأشار إلى وجود اشخاص مدانين بتهم الارهاب ممن يقفون وراء تلك الاحتجاجات، وتصاعدت اللهجة لتطرح تساؤلات حول من يقف وراء الاحتجاجات في الحرم الجامعي؟ طرحت صحيفة نيويورك تايمز تساؤلات حول مصدر تمويل المتظاهرين والخيام الباهظة الثمن واللافتات العملاقة وكذلك وجود محرضون كبار في السن لا علاقة لهم بالمدارس التي يتسببون فيها في الفوضى، واتهمت وسائل الاعلام الامريكية المحتجين لتتهمهم بتلقي تمويلات لتنظيم حركة الاحتجاجات بشكل منهجي لتصفها بمعسكرات منظمة داخل الجامعات الأمريكية.

لفتت تلك الاحتجاجات الانظار نحو امر آخر؛ حيث توجهت الاتهامات إلى منظمة تسمى «متظاهرين تحت الطلب» التي تدفع بالمحتجين في أى مظاهرات لزيادة أعداد المتظاهرين، ونفى رئيسها سوارت الاتهامات الموجهة الى مؤسسته مؤكدًا أن مؤسسته لا تقبل أى طلبات تتعلق بتظاهرات ضد الحرب في غزة، لأنها ليست من نوع القضايا التي يفضل التورط فيها مؤكدا أن شركته تستعين وتوظف فقط المتظاهرين الذين يؤمنون بقضية ما، ولكن قد لا يكونون قادرين على تحمل تكاليف قضاء يومهم في الاحتجاج وهم يقومون بتمويلهم، واضاف متهمًا دول خارجية بإثارة الفوضى مثل الصين أو روسيا لزرع الفتنة والفوضى في الولايات المتحدة.

خارج الجامعات

كشفت الصحف الامريكية ايضا عن امر آخر؛ لتشير إلى اختراق المحتجين محبي الفوضى واصحاب نظريات المؤامرة صفوف المتظاهرين، وخاصة ممن شاركوا في جامعة تكساس وكشفت الشرطة انه لا علاقة لهم بالجامعة، حيث تم إلقاء القبض على ستة معتقلين من بين 79 معتقلا، ومنهم مدرس سابق في مدرسة ابتدائية، ومصمم أزياء، وصاحب متجر، ومترجم فوري، تتراوح أعمارهم بين أوائل الثلاثينيات وحتى الخمسينات دون أن يتم تسجيل أى منهم في الجامعة، وهو ما يوصف بالأمر المثير للقلق، كما اشارت بعض الاتهامات نحو المنظمات الاسلامية داخل امريكا والتي يدعمها الحزب الديمقراطي لتتهم تلك المنظمات باشعال الفوضى في الجامعات الامريكية، وتشير التحليلات إلى تسبب الاحتجاجات في المزيد من دعوات الكراهية ضد المسلمين ويؤكد طلاب الجامعات؛ ان الحرب في غزة تسببت في ارتفاع حالة الفوضى والاضطرابات في امريكا بشكل عام حيث تشهد ارتفاع غير مسبوق للاعتداءات على المسلمين وكذلك حوادث معاداة اليهود على الجانب الآخر.

اقرأ أيضا : قمع الاحتجاجات بجامعات أمريكية وأوروبية.. مستمر

 

 

;