جايزة زنجر

سعدنيات

منذ عام تقريبا فقدت مصر رجلا عظيما حمل روحه على كفه ذات يوم من العام 1956 وخرج هو ومجموعة من الشباب البورسعيدى منهم محمد حمد الله وأحمد هلال وحسين عثمان وطاهر مسعد واختطفوا عسكريا انجليزيا اسمه مور هاوس وتبين أن المخطوف قريب الملكة وقامت الدنيا وانقلبت أحوال المدينة الصغيرة واستدعى المحافظ الشباب الثائر وأبلغهم تهديد القوات البريطانية بهدم المدينة على رءوس أهلها إذا لم يظهر مور هاوس، ورفض الشباب أن يسلموا الضابط الإنجليزى أو يكشفوا عن المكان الذى وضعوه فيه وانتصرت إرادة الشباب الصغار أمام إله الحرب البريطانية ولم يهدأ شعب القناة بأكمله عن المقاومة حتى رحيل آخر عسكرى بريطانى عن أرض مصر.
وللأسف الشديد لم يعد من هؤلاء أحد على قيد الحياة كان أحد الراحلين هو عمنا وتاج راسنا على زنجر الذى غادر دنيانا فى مثل هذه الأيام من العام الماضى دون ضجة وبلا احتفال، غادرنا وهو غير آسف على شئ فقد اهملنا الرجل ولم نحتفل به ولم نقدم له يد المساعدة حتى وهو يعانى ألم المرض وقسوة الشيخوخة، وأسلم البطل الروح فى 15 أغسطس من العام 2015 ومع الأسف الأشد لم نحتفل بالرجل وسيرته وبطولات وتاريخه. ولكن ما اسعدنى هو وجود سيدة فاضلة اسمها عزة كامل ارتبطت بالرجل بعد أن غادره الشباب وعلا الشيب رأسه وتمكن منه المرض ،هذه السيدة الفاضلة  تصغر البطل بـ 33 عاما بالتمام والكمال كانت بمثابة البلسم المداوى للجروح مسحت عن البطل غبار الإهمال والتجاهل وغدر الزمن وبالطبع الرجل لم يخلف وراءه لا ملايين ولا ملاليم فهو لايملك حتى قرطاسا من تراب هذا الوطن الذى دافع عنه ولم يبخل فى سبيله لا بدمه ولا بروحه .ومن عجائب بلدنا بل قل من سلو بلدنا أن على زنجر ومن هم على شاكلته لم يحصل على تكريم ولا على نوط ولا وسام ولا مكافأة ولم يتقدم بطلب قرض من بنك ولم يهرب فلوس المصريين ويطلع ولم يبحث عن جنسية غير جنسية بلاده ولم يحصل على جائزة نوفل ولكنه الأوقات العصيبه التى مرت على بلاده ووطنه عندما تعرضت بورسعيد الغالية على نفوس المصريين والعرب للغزو من قوتين عظميين بالإضافه إلى اسرائيل.
اقول كان هناك رجال عظماء تفخر بهم الأمم وتتباهى مثال على زنجر ورفاقه الأبرار الرجل كان أيامها يعمل سائق تاكسى حملت سيارته رقم 57 القناة ولو كنت من محافظ بورسعيد لبحث عن الرقم وعن السيارة لتكون نواة لمتحف يخلد تضحيات هذه المدينة التى ظلمناها كثيرا وغضب عليها كبير مصر عندما تقدم إليه أحدهم بطلب مكتوب فقتل الرجل بحجة انه حاول اغتيال مبارك وأى عيل فى بورسعيد يعلم الحقيقة كاملة.
المهم أن علينا اليوم أن نصحح الخطأ الجسيم الذى ارتكبناه فى حق على زنجر الرجل الذى عاش ومات فقيرا معدما وكانت مصر هى أمله وهى حلمه وهى قبلته وهى حاضره وماضيه ومستقبله وهى أيضا التى احتوت جسده الطاهر.
وياعم على انا لست مسئولا فى هذا البلد ولكننى انحنى لك احتراما وتقديرا فمثلك من الرجال مشاعل ضوء ومنارة تهدى الأجيال ذكراك إذا لم تقم الدولة بتخليدها فاعلم تماما انك خالد وباقٍ فى قلوب أهل بورسعيد والإسماعيلية والسويس وفى كل بقعة مصريه وعربية.
الأمم العظيمه لاتنسى أبطالها وأنت ورفاقك كنتم وسوف تبقون مع أبطال ورجال وشهداء هذا البلد الغنى العظيم بمن هم على شاكلتك من رجال.