مصر البشر

رحيل الهرم الرابع.. أحمد زويل

 ها هو عالم مصري يرحل بعد أن بصم بعقله وعلمه ليس علي جدار الوطن فقط ولكن علي جدار العالم أجمع.. أحمد زويل أوصل مصر إلي العالم بعد أن خفت صوتها وأقام بعلمه الهرم الرابع

كان بيتي هو أول بيت في مصر يزوره أحمد زويل بعد أن جاءني مع كبيرة الاذاعيات الأستاذة آمال فهمي جاء تسبقه ابتسامته الودودة الملفوفة بتواضع جم وكان سعيدا بالجمع الذي كان في بيتي وقال لي بالحرف الواحد:

- أفتقد هذا الدفء وهذه الضحكات هناك.. إن مصر هي الناس وليست الأرض فقط.. لم يتكلم كثيرا.. كان سعيدا بالاستماع.

ولكني (جرجرته) في الكلام عما يفعل من أبحاث وتكلم ببساطة شديدة ولكنه كما يقال أوجز فأوصل وكان شديد الذكاء في شرحه للبسطاء ليوصل لهم العلم ببساطة.

وحكي عن الحياة هناك وكيف أننا هنا نعيش بعواطفنا فيضيع منا كثير من الحقائق ولكن هذه الحقائق لا تعوقنا في الحياة ولكن كما النيل تشارك في الري الدائم للحياة.

لم يكن يشعر بتفوقه علي الاطلاق بل كان يشعر أن ما وصل إليه يمكن أن يصل إليه أي إنسان لو ركز فيما يفعل ولم تأخذه الأشياء الصغيرة التي حوله.

قال لي العالم الراحل - وتعز عليّ الكلمة - قال لي إنه حينما يأتي إلي مصر كأنما يأتي (ليشحن البطارية) ويعود إلي الخارج ممتلئا أملا وإقبالا علي العمل وأن الابتعاد عن مصر والشوق لها هو ما يحفزه علي العمل وأن مصر لم تغب عن خاطره ولا عن عينيه لحظة واحدة.

وحينما سألته كيف نكتشف في النشء القدرة علي استيعاب العلم والقدرة علي الاكتشاف قال:

ان استيعاب العلم يأتي من داخل الإنسان أما القدرة علي الاكتشاف فهي لابد أن تكون في دفع من الآخرين ومساعدتهم لمن يرون أنه يحمل في عقله كنزا من المعلومات أو من لديه قدرة هائلة من حب الاستطلاع. وفي رأي الراحل العالم العظيم أن في رأس كل منا كنزا من المعرفة ومن القدرة علي اطلاقها ولكن الممارسات اليومية والأحداث الصغيرة حتي انقطاع المياه أثناء اليوم تؤجل كثيرا من القدرات أو أحيانا تمحوها تماما.

وحينما سألته عن الطفل الصغير الذي سوف يكون نابغة قال:

- النابغة مثل القطار الذي ينطلق بركابه ولن يخرج عن طريقه ولكن أحيانا يساهم المجتمع في تأخر النبوغ بسحب النابغة إلي أشياء أخري تظهر فجأة وأحيانا لا يلتفت الأم والأب إلي نبوغ الصغير بالتعامل الصارم أو القسوة في تناول الأخطاء الصغيرة فينسحب من الطفل جزء كبير من ذكائه في الاحساس بالقهر.

رحم الله العالم النابغة الذي أطلقت عليه الهرم الرابع.. لقد كنت في أمريكا منذ عدة أعوام وسألتني فتاة أنت من مصر؟ قلت نعم.. قالت يا لك من سعيدة أنت من بلد أحمد زويل..

وهكذا كان هرما متنقلا لنا في الخارج.. جازاه الله عما فعله لمصر والعالم خير الجزاء.