مصر البشر

في مصر.. الأعياد طعام

  وعشت في انجلترا ثلاثة أعوام متقطعة كانت الأعياد خروجا للحدائق أو مساء للمسارح ولا يدخل الطعام في بند من بنود الأعياد

في العيد الكبير «الأضحي» معروف بالأضحية «وتفريق» ما يمكن تفريقه أما الأكل فهو هام جدا حيث «الكبد والكلاوي» و«الريش» أما «اللية» فهي لخلطها «بالفتة» أو باللحم المشوي وتتفنن الأسر في الصواني والمشويات والمحشيات.. أما عيد رمضان فهو «الكعك» والبسكويت والبيتي فور والكيك والحمام المحشي في الغداء ولا مانع من «أوزة» عظيمة الشأن تتوسط المائدة أو «بطتان» لا مانع من أن تكونا سمينتين وبعد الأكل الكعك والشاي وممكن بعض الفاكهة.

وبعد قليل يتوافد الأحباء للتهنئة فيقدم الكعك مع الشاي والبسكويت ولا مانع «كيكة» محشوة بالكريمة أو كنافة بالكريمة.

أما في العيد الكبير فبعد الغداء هناك الكنافة أو المهلبية أو الأرز باللبن.. المهم ان يكون كل ما يؤكل أمامنا في العيد.

وعشت في انجلترا ثلاثة أعوام متقطعة كانت الأعياد خروجا للحدائق أو مساء للمسارح ولا يدخل الطعام في بند من بنود الأعياد عدا«الكريسماس» أو رأس السنة فالديك الرومي هو سيد المائدة.

فهم لابد من العشاء مع الأسرة أو الأصدقاء ويكون عشاء العيد معد له منذ مدة والإعداد ليس للطعام ولكن لتوفير الأكل لأن «الكريسماس» فيه أكلة هامة لتعوضهم عما وفروه قبله بمدة استعدادا لأكلة الكريسماس والأسر في الغرب يستعدون للكريسماس بالزينات في البيوت وبتجهيز برامج والذهاب إلي مسرح معين حجزوا له قبل العيد بشهر مثلا. ولكن لا يستعدون بالطعام لأن عشاء «الكريسماس» معروف ولا يجهز له كثيرا ويكون العشاء مناسبة للإجتماع واللقاء والحوارات ولكن عندنا يكون الاجتماع من أجل الوجبة الدسمة اللذيذة وبالرغم من أن الكثيرين يكونون مدعوين للعشاء إلا أنهم يعدون العشاء في بيوتهم أيضا كعادة متأصلة في الشرقيين عموما والمصريين خصوصا.

والذبح ليس في مصر منذ الأضحية في الاسلام ولكنه عادة فرعونية وهناك صورة علي أحد الجدران حيث تذبح البقرة من فخذها وليس من رقبتها.

وفي الرسومات علي جدران المعابد توجد دائما الموائد حتي أن العبادات المصرية القديمة كانت كلها تحتوي علي موائد القرابين التي تقدم للآلهة.

والطعام في مصر هو ما يجمع البشر حوله ولا دعوة لتجميع الأحباء إلا دعوات الطعام.

وأنا في انجلترا وحينما سافرت إلي روسيا والنمسا وفرنسا كانت الدعوات دائما علي موائد ثقافية إما ندوة يعقبها «شاي بسيط» أو محاضرة يقدم في منتصفها الشاي قبل حوار حول المحاضرة مع المحاضر نفسه ولكن عندنا هنا تصبح الموائد مليئة بالطعام وإلا اعتبر هذا عيبا أو «بخلا» من أصحاب الدعوة.

وحتي بعد أن تطور المجتمع وانتشر التعليم لم يقض علي عادة تقديم الطعام في أي مناسبة واستبدلت مائدة العشاء بتقديم الشاي الذي يحتوي علي الحلوي و«التورتة» والساندويتشات وهو عشاء تقريبا. ودائما تفكر الأسر قبل أي اجتماع عما تقدمه قبل ان تفكر فيما يحدث من حوارات أو ما يناقش من مواضيع في هذا الاجتماع.

ليتنا نقلع عن هذه العادة لأننا الآن لسنا في حاجة إلي «رجيم» للطعام فقط ولكن محتاجون إلي رجيم أي نظام للانفاق حيث تغير الحال واصبح الطعام مكلفا للغاية.. كان الله في العون.