استكمل معكم اليوم مقال الأسبوع الماضي والذي شجعني علي كتابته هو تجربتي في عالم الاتصالات عندما عرض عليّ الاستثمار في مشروع لشركة موتورولا اسمه ايريديوم ويتلخص في أن يكون لدي العميل هاتف جوال يعمل في جميع أنحاء العالم بنفس الرقم عن طريق إطلاق عدد كبير من الأقمار الصناعية في الفضاء الخارجي بتكلفة ٢٨ مليار دولار.. ولم أقتنع وقتها بالفكرة وقد أثبتت لي الأيام أني كنت علي حق فلقد توصل أحد العاملين في مجال البرمجيات إلي اختراع سوفتوير يؤدي نفس الغرض وهو ما يسمي بالرومينج أو التجوال بتكلفة بعض الآلاف من الدولارات مما أدي إلي إفلاس ايريديوم وتم بيعه بـ ٣٠ مليون دولار من أصل الـ ٢٨ مليارا.. وهو نفس ما حدث وما أشرت إليه في مقالي السابق عن إفلاس شركة كوداك ! والآن أكمل لكم باقي التوقعات للواقع الجديد الذي سيواجهه العالم في غضون السنوات القليلة القادمة في ظل التقدم والتطور الهائل الذي يشهده عالمنا اليوم.
من المتوقع أن تفلس معظم شركات السيارات فشركات السيارات التقليدية تنظر للتطور علي أنه فقط بناء سيارة أفضل في حين أن شركات التكنولوجيا والبرمجيات (تسلا، أبل، وجوجل) تفعل النهج الثوري وتبني جهاز كمبيوتر علي عجلات. شركات التأمين أيضا لديها مشكلة كبيرة لأنه من دون وقوع الحوادث سيختفي التأمين علي السيارات. وسوف تصبح السيارات الكهربائية هي السائدة في عام 2020 وستصبح المدن أقل صخبا.
ستصبح الكهرباء رخيصة للغاية ونظيفة. لقد كان إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية يتزايد بهدوء خلال الثلاثين عاما الماضية والآن فقط يمكنك رؤية ذلك الإنجاز العظيم. فمن المتوقع أنه بحلول عام 2025 ستتوقف جميع شركات الفحم نظرا لانخفاض ثمن الطاقة الشمسية. ومع كهرباء رخيصة سيأتي الماء رخيصا ووفيرا بفضل محطات تحلية المياه. إن تحلية متر مكعب من الماء تحتاج 2 كيلو وات ومع انخفاض سعر الكهرباء ستتوفر المياه النظيفة في كل المناطق بلا تكلفة تقريبا فليس لدينا ندرة مياه في معظم الأماكن.. لدينا فقط مياه الشرب شحيحة.
وفي مجال الصحة: ستكون هناك الشركات التي ستقوم بصناعة جهاز طبي اسمه ترايكوردر ( من ستار تراك) يعمل مع الهاتف، ويأخذ مسحة من شبكية عينك وعينة من دمك ومن نفسك ثم يحلل 54 من العلامات الحيوية التي من شأنها تحديد أي مرض تقريبا. وسوف يباع هذا الجهاز بثمن رخيص لذلك من المتوقع أنه في غضون سنوات قليلة سوف يحصل الجميع علي هذا الكوكب علي تشخيص طبي عالي المستوي بالمجان تقريبا.
سوف تختفي 70- 80٪ من الوظائف التقليدية في السنوات العشرين المقبلة وسيكون هناك الكثير من الوظائف الجديدة ولكن ليس من الواضح ما إذا كانت ستكون كافية في مثل هذا الوقت القصير. سيكون هناك في المستقبل روبوت زراعي ثمنه مئة دولار يمكن المزارعين في دول العالم من أن يتحولوا إلي مديرين لمزارعهم بدلا من العمل كل يوم في حقولهم وسوف يتحولون إلي الزراعة الهوائية التي تحتاج إلي كميات أقل من المياه.
هناك حاليا برنامج يسمي موديز يمكنه تحديد حالتك المزاجية وفي عام 2020 سوف تكون هناك تطبيقات يمكنها عن طريق تعبيرات وجهك أن تعرف إذا كنت تكذب. من المتوقع كذلك زيادة طول العمر ليصل المتوسط إلي مائة عام.
سوف تسود عملة بيتكوين هذا العام وقد تصبح عملة الاحتياطي الافتراضي. وهي عملة إلكترونية بشكل كامل تتداول عبر الإنترنت فقط من دون وجود مادي لها كما أنها تختلف عن العملات التقليدية بعدم وجود هيئة تنظيمية مركزية تقف خلفها، لكن يمكن استخدامها كأي عملة أخري للشراء عبر الإنترنت أو حتي تحويلها إلي العملات التقليدية.
أما بالنسبة للتعليم: فإن 70٪ من كل البشر سيمتلكون الهاتف الذكي بأرخص الأسعار في عام 2020 ومن خلاله سيكون لدي كل شخص القدرة علي الوصول إلي تعليم علي المستوي العالمي من خلال برامج مثل أكاديمية خان التي تتيح لأي طفل تعلم كل شيء يتعلمه الأطفال في مدارس بلدان العالم الأول. إن التعليم عالي الجودة عادةً ما يُكلّف أموالًا ولكن مع عهد برامج التعليم مثل أكاديمية خان وغيرها أصبح الأمر مختلفا.
باختصار، إن توقعات المستقبل قد أثبتت لنا أن أي فكرة مصممة للنجاح في القرن العشرين محكوم عليها بالفشل في القرن الواحد والعشرين. إن العالم المتقدم يجري ويلهث ليملك المستقبل ولكن البعض منا مصرون علي الجمود أو السير إلي الخلف وأخذنا معهم في اتجاه معاكس لقوانين الطبيعة التي لا تكف عن التطور. إن الكون حولنا يتغير والمعطيات اختلفت وإذا واجهنا ذلك بالتجاهل والجمود كان مصيرنا تعيسا ويائسا فلا مكان في المستقبل إلا للأقوياء والشاطر من يستعد.