قصة «سوق الكفاف» بغزة.. بين جحيم الحصار الإسرائيلي والبحث عن لقمة العيش

"سوق الكفاف" في غزة مصدرًا للأمل للسكان
"سوق الكفاف" في غزة مصدرًا للأمل للسكان

تحت وطأة القصف الإسرائيلي المتواصل والحصار القاتم الذي يعاني منه قطاع غزة، اتجه الاقتصاد نحو الانهيار، حيث تعرضت البنية التحتية والأسواق والمؤسسات التجارية لأضرار جسيمة، مما أدى إلى فقدان السكان لمصادر دخلهم ووسائل عيشهم، بما في ذلك الغذاء وفرص العمل.

وفي ظل هذا الوضع المتوتر، كان "سوق الكفاف" في غزة مصدرًا للأمل للسكان خلال الثمانية أشهر الأخيرة من الحرب على القطاع، ولكن رغم هذا، فإن الحصار الإسرائيلي الجديد أضاف تحديات جديدة على هذا السوق الحيوي، مما أثر بشكل كبير على توفر السلع الأساسية وزيادة أسعارها، وزاد من  معاناة أهالي غزة، وجعل الوضع المعيشي أكثر صعوبة للسكان الذين يكافحون من أجل البقاء وتلبية احتياجاتهم الأساسية.


واقع اقتصاد غزة قبل وبعد الحرب

وسلطت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، الضوء على واقع اقتصاد غزة، فعلى الرغم من أن 74% من سكان غزة كانوا يعجزون عن العثور على فرص عمل قبل اندلاع الحرب الإسرائيلية، وبلوغ معدل البطالة الـ 45%، وفقًا لتقرير من البنك الدولي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، فإن بعض السكان لجأوا إلى العمل في الفنادق والمطاعم الصغيرة التي كانت موجودة على شاطئ البحر قبل الحرب.

ولكن منذ السابع من أكتوبر الماضي، أصبح اقتصاد غزة مدمرًا على جميع الأصعدة، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 86% في الربع الأخير من العام الماضي 2023، وفقًا لتقارير خبراء.


«سوق الكفاف».. نموذج للبقاء رغم الصعوبات

لذلك، بدأ السكان في إقامة سوق بديل يعرف بـ "سوق الكفاف"، الذي لم يعتمد على مبادئ العرض والطلب التقليدية، بل على توفير أي شيء يمكن للفرد العيش منه، في ظل الحرب الإسرائيلية التي دمرت كل شيء في القطاع المنكوب.


«الجوع» يقتل الهاربون من القصف

وكشفت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة خلال الأشهر الماضية وجهًا آخر من المأساة الإنسانية وواقع مرير يتربص فيه الموت بأطفال غزة بين جنبات المعاناة، محاصرين بين طلوع شمس الجوع وغروبها مع قصف متواصل يهدد حياتهم كل لحظة.

ويعيش سكان القطاع المنكوب، تحت ظلال الحرب التي دخلت شهرها الثامن، لتتفاقم المآسي بشكل مروع في كل اتجاه، ليظل الأطفال هم "الحلقة الأضعف" في هذا الصراع الدامي تُلاحقهم آفة الحرب والحصار..

ووفقًا لأرقام منظمة "اليونيسيف" خلال الشهر الماضي، فإن أكثر من 11 ألف طفل استشهدوا منذ بدء الحرب الإسرائيلية الغاشم، ولكن الموت ليس الشيء الوحيد الذي يتربص بحياة أطفال غزة، فالجوع يهدد حياتهم أيضًا، حيث لم تتحمل أجسادهم الصغيرة مرارة الجوع في ظل انعدام كل مستلزمات البقاء على قيد الحياة.

ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة، يمكن أن تشهد غزة مزيدًا من الوفيات بسبب سوء التغذية، حيث يعاني 1 من كل 6 أطفال دون سن الثانية في شمال القطاع أسوأ أنواع سوء التغذية الحاد في العالم. 

وفي جنوب القطاع المكلوم، حيث تصل المساعدات بشكل أفضل نسبيًا، فإن 5% من الأطفال دون سن الثانية يعانون من سوء التغذية الحاد أيضًا، وذلك بحسب شبكة "سكاي نيوز" البريطانية.

كما كشفت الإحصائيات الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف"، عن تفاقم معاناة الأطفال في غزة مع تزايد عدد الأيتام والأطفال الذين فقدوا ذويهم أو انفصلوا عن عائلاتهم بسبب الحرب الدامية، وأفادت التقديرات بأن حوالي 17 ألف طفل أصبحوا في هذه الحالة المأساوية حتى اللحظة.