على أقرب عربة فول من منزلك تناول افطارك المعتاد مع الوجبة الأشهر والأطعم للمصريين وانت تلتهم طبق الفول المحلى بالزيت الحار وبجانبه أنواع المخلل المختلفة ولا مانع من طبق بصل مقطع ستستمع لتحليل شعبى لكافة مشاكل وتحديات الدولة المصرية مع عرض فورى لأبسط الحلول، من زملائك الذين يشاركونك الافطار اليومى وجميعهم باتوا محللين وعلى دراية بكافة المشكلات وكيفية حلها وكأنهم يمتلكون العصا السحرية وهم لا يفقهون .
توجه بعد ذالك إلى رحلتك المعتادة لتستقل مترو الانفاق استمع اثناء رحلتك الى الركاب وتحليلاتهم المستمرة سواء كانت رياضية أو فنية أو حتى سياسية ولا مانع من الاستماع إلى وصلة هجوم على الحكومة التى رفعت سعر التذكرة لتقديم خدمة للراكب أفضل وصيانة مستمرة للمرفق جراء الإهمال المتعمد وسلوكيات من يتلقى الخدمة كفيلة بتدمير المرفق بعد ان اعتادوا تلقى الخدمات دون مقابل وهو أمر لا يحدث فى العالم ، ثم غادر المترو بعد وصوله إلى محطتك وتابع الركاب الذين كانوا محللين لأحوال البلد منذ لحظات ستجدهم خاضعين لمافيا التوك توك ليقطع المسافة من محطة المترو الى باب منزله بقيمة مضاعفة ومتغيرة يوميا بدون سند أو سبب الا أنه لايستطيع ان يتذمر من زميله المواطن سائق التوك توك المستمتع برفع الأجرة يوميا دون أن يشتكى هؤلاء المواطنون عباقرة التحليل او حتى يعبروا عن رفضهم لهذا الاستغلال غير المبرر وهو يعلم ايضا أن التوك توك وسائقه مهدران لكافة التشريعات ومخالفان للقوانين.
عندما تصل لعملك لا تنسى المشاركة فى المائدة المستديرة لوضع أسهل الحلول للمشاكل التى نعانى منها متوهمين ان الحكومه عجزت عن التفكير فى مثلها بينما توصل لها كافة العاملين بدولاب الدولة الذين يتجاهلون مصالح المواطن الذى يشاركهم فى عملية التنظير اليومية، بعد انتهاء يومك توجه الى محل الحلاقة واستسلم بين يدى مصففك لتسمع قدرة مذهلة على وصف احوال مصر وشرح أسباب الداء وأنسب الدواء وسيشارك فى الحوار الزبائن المنتظرون بينما مصففك فى طريقه لفقدان السيطرة على خريطة شعرك ولا زال غير متمكن من صنعته فى الوقت الذى يطالب الحكومة بتنفيذ ما تصور انة حلول عبقرية لإنقاذ الوضع وأنها ستظل تعانى طالما انة لا احد فى الحكومة لايريد الاستماع له.
وقبل النوم لاتنسى أن تفكر قليلا عن حالة التوحد الشعبى والالتفاف حول الفراغ لتكتشف سمات مشتركة دونها فى عقلك وهى :
لدينا نحن المواطنين قدرة مذهلة على الفتوى بغير علم
دائما وأبدا لدينا الإصرار على مستوى استهلاكى يفوق الإمكانيات المتاحة
الجميع لايرى انه مطالب بأى جهد
المواطن الذى يؤدى عملة باتقان وفى صمت أصبح عملة نادرة
لا يوجد احد يرى انه ملزما باى واجبات تجاه الدولة
الأغلبية ترتب لنفسها حقوق لايقابلها عمل
الجميع يملك كل الحلول السحرية ( غير المنطقية والتى بدون علم )
