خلف خطوط الإخوان (٣:١)

أحمد الخطيب
أحمد الخطيب

على مدار سنوات مؤلمة طويلة عانت الدولة المصرية من مرض عضال، بعد أن انتشرت فى أذهان الأجيال المتتالية أفكار شيطانية غرستها أيادٍ إخوانية آثمه فى قلب هذا الوطن.

تنظيم إجرامى ما نشأ إلا بأياد استعمارية من أجل استهداف فكرة «الدولة الوطنية»، بل ومن أجل ضمان استمرار حالة مذهلة من «الاستعمار عن بعد» بإشراف وكلاء تدثروا بعباءة الإسلام فراحوا يخدعون ويخادعون الجماهير باسم الدين من أجل التأليب على الدولة الوطنية بعد مناهضتها واستخدامهم كوسيلة ضغط مستدامه لا تتوقف ضغوطها أبدا نحو القاعدة الصلبة لفكرة الدولة الوطنية.

عملية «الاستخدام الاستعماري» لتنظيم الإخوان كانت لها أهداف محددة وضعتها «أجهزة التشغيل» داخل أروقتها، بعد أن وقع الاختيار بعناية على كبيرهم الذى علّمهم السحر حسن البنا.

الأهداف الاستعمارية لم تكن لتتحقق إلا بيد إخوانيه راحت تعمل على المحاور الآتية: 

1- تفكيك وحدة المجتمع المصرى بفرض أشكال من الطقوس الدينية لم تعرفها مصر من قبل، من خلال تسويق حالة تمييز شكلى ظاهر تم البناء عليها لاحقا بموجة من التمييز الدينى.

2- الدفع بفكرة وهمية لما يسمى بالمشروع الإسلامى الذى لا يمكن أن يتحقق إلا على أطلال الدولة الوطنية القُطرية. 

3- خلق وإيجاد كيانات لدول دينية مُعترف بها فى المنطقة من أجل خلق مبرر إقليمى لدولة دينية يهودية إسرائيلية بمنطقة الشرق الأوسط.

 مرت السنون على هذا النحو بعد أن نجحت عملية الحقن الاستعمارى للجسد الوطنى بفيروس التفكيك الاخواني.. وجرت السموم الإخوانية فى جسد الدولة المصرية، لكنه ظل يقاوم عبر السنين، حتى حانت لحظة الانكشاف بعد وصول التنظيم الإجرامى إلى حُكم الدولة فتنبه الجسد ونشطت عوامل المقاومة من أجل لفظ هذا المكون الغريب خارج الجسد الوطنى الحى .

 لم يلبث أن انتصف العام 2013 بقليل كان الجسد المصرى بكامل لياقته العضوية والفكرية  قد تمكن من الانتصار على مفعول «السم الإخواني» بفعل ترياق الوطنية المصرية الخالصة، لكن الأعراض الجانبية الإرهابية لذلك التنظيم ظلت تحاول الانقضاض مرة أخرى على جسد الدولة، لكن إرادة الله شاءت أن تحمى الأرض الطاهرة برغم الاستمرار فى ارتكاب جرائمة واستباحة الدماء المصرية، وصولا إلى عام 2018 حيث ارتكب التنظيم جريمه نحسبها ضد الإنسانية عندما استهدفت إحدى خلاياه معهد الأورام وسط القاهرة.

فى تلك اللحظة كان الغضب الشعبى قد وصل إلى ذروته، لكنها كانت نقطة تحول هى الأخطر فى مرحلة المواجهة.

لقد أحدثت عملية تفجير معهد الأورام تحديدا غضبا شعبيا مُدويا وكشفت عن أى مساحة إنسانية كانت قد استخدمتها الجماعة من قبل فى خداع الجماهير، إلى أن وصلت شظايا هذا التفجير إلى مقر مكتب الإرشاد الدولي.

عقب هذه العملية قرر التنظيم اصدار تكليفاته بضرورة التوقف عن أى عمليات ارهابية، ليس اعترافاً بخطأ، ولا نبذا لعنف أو تطرف، أو تراجعا عن التكفير الإجرامى، بل انسحابا تكتيكيا اضطراريا بعدما أثبتت التجربة أن قوة «الدولة الوطنية المصرية» قادرة على سحق أى إرهاب، وأن حجم الغضب الشعبى تجاه التنظيم وصل إلى مرحلة لم يشهدها تاريخ الجماعة من قبل.

لقد كانت تكليفات مكتب الارشاد الدولى الذى يضم فى عضويته كوادر غير مصرية والتى ظنت بوهم «الفكرة الإخوانية» أنه يمكن لها أن تشارك فى تحديد مصير دولة بحجم مصر. 

لذا فقد تم تعميم حالة من الصمت التنظيمى مُلزمة لكل كوادر وقواعد الجماعة هدفها ضبط شكلى للسلوك العام للتنظيم، أو ما يمكن تسميته بتطوير إدارة السلوك الإخوانى الإرهابى .

عند هذه المرحلة صدر تكليف مكتب الإرشاد الدولى بمخطط جديد باسم «استعادة الحضانة الشعبية». وهو مشروع قائم على أساس قدرة التنظيم على معاودة خداع الجماهير باستغلال بعض حالات الانضغاط الاقتصادى التى كانت سببا رئيسيا فى فشل حكم الجماعة، أو باستغلال حالة النسيان التى اعترت عموم الوعى المصرى.