مصر تستعد لوظائف المستقبل

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

■ كتب: هانئ مباشر

يرتبط التعليم بسوق العمل بشكل كبير، فمن خلال توفير تعليم جيد وربطه بسوق العمل، يمكن تعزيز الاقتصاد، بالتالي تحسين مستوى المعيشة وتعزيز التنمية الاقتصادية فى المجتمع وتحقيق الازدهار والتنمية المستدامة، وهو ما فطنت إليه القيادة السياسية والدولة، حيث وجه الرئيس عبدالفتاح السيسي بضرورة تعظيم الاستفادة مما يوفره التعليم والتدريب وإتاحة جميع أنواع العلوم والمعارف، في تنمية المهارات وإعداد خريجين قادرين على تلبية متطلبات سوق العمل.

◄ وزير التعليم العالي: التوسع فى إنشاء البرامج الجديدة لتلائم احتياجات سوق العمل

◄ تدشين منصة إلكترونية للإرشاد المهني لطلاب الجامعات

◄ 10 جامعات تكنولوجية تم إنشاؤها خلال 3 سنوات

◄ عدد الجامعات المصرية تضاعف من 50 إلى 100 خلال 10 سنوات

تعد الجامعات شريكًا أساسيًا وجوهريا للدولة، فالجامعات هى التى تصدر خريجين للمنافسة فى سوق العمل المحلى والدولى، وحرصت الجامعات على تلبية احتياجات المجتمع عبر تطوير لوائح الكليات، واستحداث برامج دراسية جديدة تلبى احتياجات سوق العمل ووظائف المستقبل.

ويقوم المجلس الأعلى للجامعات سنويا بإعداد وإصدار دليل استرشادى لطلاب الثانوية العامة، يشمل كل البرامج الدراسية المتاحة على مستوى الجامعات الحكومية، ونظام الدراسة بها وشروط الالتحاق، إضافة لفرص العمل المتاحة فى سوق العمل المحلى والإقليمى والدولى.

◄ خدمة قضايا التنمية
الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالى والبحث العلمى، يقول: إن الوزارة حريصة على خدمة قضايا التنمية فى المجتمع، وتحقيق الترابط بين الجامعات ومتطلبات سوق العمل، من خلال تشجيع الابتكار وريادة الأعمال، مع مراعاة الأنشطة الاقتصادية المختلفة بكل الأقاليم الجغرافية فى مصر، وربطها بالأنشطة التعليمية والبحثية بالجامعات الواقعة فى نطاق كل إقليم.

كما يلفت إلى تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار فى التعليم العالى ودعم الشراكة معه، بما يساعد على توفير مناخ محفز على توطين وإنتاج المعرفة وإيجاد بيئة مناسبة للابتكار والإبداع، وربط مخرجات المعرفة والابتكار بأولويات الدولة، وتحسين جودة العملية التعليمية وفقًا لمعايير الجودة العالمية، وربط مؤسسات التعليم العالى بالمؤسسات الصناعية، ومتطلبات سوق العمل، بما يحد من البطالة، ويوفر للخريجين فرص عمل مناسبة لمؤهلاتهم العلمية.

ويشير إلى أن الجامعات الحكومية توسعت فى إنشاء البرامج الجديدة المتميزة لتلائم احتياجات سوق العمل والاهتمام بمخرجات التعليم فى ضوء رؤية مصر 2030، للوصول لمستويات عالمية تتواكب مع وظائف المستقبل مع مراعاة متطلبات الثورة الصناعية الرابعة والخامسة، ودعم احتياجات الدولة بما يتيح القدرة على مواجهة تحديات المستقبل، والبرامج الجديدة فى الجامعات أصبحت من أهم الروافد الأساسية لسوق العمل بتخصصاته المختلفة.

ويوضح أن ذلك يتم ضمن اهتمام الوزارة بإعداد نظام معلومات مستدام لسوق العمل، لضمان تتبع حالة العمل بين خريجى التعليم العالى ودراسات العرض والطلب ودراسات سوق العمل المستقبلية، لدعم وضع سياسات القبول والسياسات الاقتصادية، والعمل على ربط الجامعة بالصناعة ورجال الأعمال، وهناك الكثير من المبادرات والمشروعات التى تم تقديمها للمبتكرين والمبدعين لاختيار أفضل الأفكار التى يمكن تحويلها لشركات ناشئة، بهدف تخريج رواد أعمال ومبتكرين للمساهمة فى بناء الاقتصاد وتنمية السوق.

وكانت الوزارة قد دشنت «منصة إلكترونية للإرشاد المهنى لطلاب الجامعات» بهدف تحقيق التكامل بين المسارين الأكاديمى والمهنى، من أجل توفير بيئة ملائمة لمتطلبات سوق العمل، وربط مخرجات التعليم العالى بمؤهلات الخريجين، فضلا عن توقيع اتفاقية تعاون بين الوزارة، ومنظمة العمل الدولية لإطلاق برنامج التعليم العالى للإرشاد المهنى من أجل التوظيف، بتمويل مقدم من المملكة المتحدة؛ لتدريب 2000 شاب وإيجاد أكثر من 1000 وظيفة لائقة بحلول نهاية العام.

◄ جامعات تكنولوجية
من جانبه، يقول الدكتور مصطفى رفعت، أمين المجلس الأعلى للجامعات: فى ضوء رؤية مصر 2030 وتنفيذا لاستراتيجية وزارة التعليم العالى نحو التوسع فى إنشاء البرامج الجديدة تم إضافة عدد من البرامج الدراسية الجديدة بكليات الجامعات الحكومية، فضلا عن تطوير المقررات واللوائح الدراسية بما يخدم متطلبات سوق العمل محليا ودوليا، وهناك تنوع فى البرامج فى مختلف التخصصات بما يسهم فى تحقيق استراتيجية الدولة وتأهيل الخريجين لسوق العمل، وتم استحداث مسار تعليمي جديد بإنشاء عدد من الجامعات التكنولوجية، بهدف تخريج كوادر فنية وحرفية متخصصة يحتاجها سوق العمل، وبالفعل أصبح لدينا 10 جامعات تكنولوجية خلال الـ3 سنوات الماضية.

◄ صحة المسار
فيما يقول الدكتور أشرف حنيجل، رئيس جامعة السويس: منذ أن استقلت الجامعة عام ٢٠١٢ عن جامعة قناة السويس، حيث كانت تضم فى هذا التوقيت ٦ كليات فقط، ونحن كجامعة نسعى لاستحداث كليات وتخصصات أكاديمية جديدة تخدم أقليم الجامعة، وكافة أبناء مصر، حتى وصلت الآن إلى 16 كلية ومعهدًا لمواكبة متطلبات سوق العمل، وإيمانا منا بأن الدراسة الأكاديمية لابد أن يكون لها مردود إيجابى على الخريج بحيث تمكنه من أن يجد لنفسه فرصة عمل مناسبة.

كما أن الاستراتيجية الوطنية للتعليم العالى والبحث العلمى تضمنت 7 محاور رئيسية هى: «التكامل، التخصصات المُتداخلة، التواصل، المشاركة الفعالة، الاستدامة، المرجعية الدولية، ريادة الأعمال والابتكار»، تضع على كاهلنا مسئولية كبرى تتعلق بدور الجامعات فى خدمة المجتمع ليس فقط بتقديم الخريجين المؤهلين لسوق العمل، ولكن أيضا لتوظيف إمكانات الجامعات لخدمة البيئة المحيطة بما يحقق أهداف خطة مصر الطموحة للتنمية المستدامة ٢٠٣٠.

ويضيف: إذا نظرنا لجامعة السويس والتخصصات المقدمة منها لسوق العمل، نجد كلية هندسة البترول والتعدين، وهى الوحيدة بهذا الحجم والإمكانات على مستوى مصر والمنطقة، كذلك كلية التكنولوجيا والتعليم، الآن تعد إحدى الكليات التى تتبناها رؤية قيادة مصر، وتعول عليها كثيرا لتقدم خريجين مؤهلين طبقًا للمعايير الأكاديمية المرجعية فى مجالى التكنولوجيا والتعليم الصناعى بما يلبى احتياجات سوق العمل، وكذلك كلية الثروة السمكية من التخصصات الفريدة التى تقدمها الجامعة، من خلال إعداد كوادر فنية فى كافة مجالات الثروة السمكية مؤهلين لسوق العمل. ولو نظرنا بشيء من الموضوعية لبعض الكليات التى ينظر إليها على أنها كليات نمطية، ولا تخدم سوق العمل بالقدر المأمول، مثل كليات التجارة والآداب على سبيل المثال، أستطيع أن أؤكد أن جامعة السويس قد فطنت منذ سنوات لفكرة تطوير هذه التخصصات، والعمل على إخراجها من القالب النمطى بالشكل الذى يقدم مخرجات قادرة على مواكبة سوق العمل.

وأوضح: كلية الآداب حاليا لم تعد تهتم بالعلوم الإنسانية التقليدية المعروفة فحسب، بل تمكنت من استحداث عدد من البرامج الأكاديمية الجديدة والمطلوبة بقوة فى سوق العمل، مثل برامج الترجمة التخصصية والفورية للغات الإنجليزية والفرنسية، وكذلك برنامج اللغة الصينية وبرنامج المساحة ونظم المعلومات الجغرافية، وقريبا سيتم افتتاح عدد آخر من البرامج المطلوبة بقوة فى سوق العمل لاسيما من خريجى كلية الآداب مثل برنامج علم النفس الإكلينيكى.

◄ 100 جامعة مصرية
ويقول الدكتور محمد الشناوى، رئيس جامعة الجلالة: إن عدد الجامعات المصرية تضاعف بشكل كبير خلال السنوات العشر الماضية، حيث كان فى عام 2014 حوالى 50 جامعة، والآن أصبح عدد الجامعات 100 جامعة، ولا يوجد دولة فى العالم تضاعف عدد الجامعات فى 9 سنوات، وهو ما يؤكد أن الدولة وضعت البحث العلمى والجامعات ضمن أبرز اهتماماتها..

وقد تم تطوير طريقة التعليم وربط التعليم العالي والبحث العلمي باحتياجات سوق العمل وطرح مهارات للطلاب وتجهيزهم لسوق العالم ونخرج الآن منتجا مختلفا، حيث إن طريقة التعليم أصبحت مختلفة ونربط كل برامجنا الدراسية بسوق العمل وإكساب الطلاب مهارات مختلفة.

◄ التنمية الشاملة
أما الدكتور حسن شحاتة، الخبير التربوي أستاذ المناهج بكلية التربية بجامعة عين شمس، فيقول: من خلال مواكبة واقع الحياة المتغير والمتسارع، تعمل الجامعات على تطوير المناهج والبرامج الأكاديمية بما يتناسب مع متطلبات سوق العمل واحتياجات المجتمع، وتعزيز البحث العلمي والابتكار والتعاون مع القطاعات المختلفة فى المجتمع لتحقيق التنمية الشاملة.

ويوضح أن «سوق العمل» يعتبر أحد المكونات الرئيسية للاقتصاد حيث يرتبط بشكل مباشر بسوق رأس المال والخدمات والسلع والمنتجات الأخرى، لأن سوق العمل يعبر عن التفاعل بين العرض والطلب على العمالة، حيث يقدم أصحاب العمل وظائف للباحثين عن عمل ويقوم الآخرون بتقديم الخدمات والمهارات التى يمكنهم توفيرها فى سوق العمل، ويتم تحديد أجور العمالة بناء على توازن العرض والطلب، حيث يزيد الطلب على العمالة ويرتفع سعرها وعكس ذلك فى حالة زيادة العرض، لذلك، يعد سوق العمل هاما جداً فى تحديد مدى صحة ونجاح الاقتصاد بشكل عام..

وعملية دمج مجالات التكنولوجيا في المناهج التعليمية، تواكب التحديات المحيطة وتساهم فى زيادة عدد الوظائف الجديدة فى ظل التوسع فى استخدام التكنولوجيا وفى ظل التقدم الكبير الذى يشهده العالم فى مجالات الرقمنة وتحليل البيانات والذكاء الاصطناعي، لأن تكنولوجيا المعلومات أصبح لها قدرة على إيصال المعلومات بطريقة سلسة ومنظمة، فأصبح من الضرورى التفاعل معها..

وإذا كانت وزارة التعليم العالى والبحث العلمى والجامعات والجهات المعنية تعمل على ملاءمة الخريجين للاحتياجات المستقبلية للتوظيف من خلال عدة محاور هامة، وذلك لمواءمة مخرجاتها مع متطلبات سوق العمل المحلى والعالمى، وتنويع برامجها وفق مهارات القرن الـ21، والثورة الصناعية الرابعة.. فإنه من الضرورى وفى نفس الوقت تغيير ثقافة المجتمع لأن ذلك يعتبر أمرا هاما لتحقيق تحول حقيقى نحو التخصصات الجديدة وتلبية احتياجات سوق العمل المتغيرة.