العيد لم يمر من غزة| مساجد مدمرة وأسواق خاوية ومواطنون يغرقون في أوجاعهم

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

■ كتب: أحمد جمال

لم يعد فى قطاع غزة أى مظاهر لعيد الفطر المبارك، فالهدف الأسمى لأهالى القطاع هو وقف الحرب والعودة إلى منازلهم وإن كانت تدمرت، والحلم بعودة الحياة شبه الطبيعية كما كانت قبل السابع من أكتوبر، والتطلع إلى غذاء صحى وجيد يمكن أن يسد جوعهم ويعوض أطفالهم عما يواجهونه من مرارات خلال سبعة أشهر الماضية منذ بدء العدوان الإسرائيلى الغاشم، وهو ما يجعل أبناء القطاع يقنعون بأن العيد لم يمر عليهم هذا العام.

يشير على قنيطة، وهو شاب غزاوى يبلغ من العمر 38عامًا نزح من منزله فى شمال القطاع إلى مدينة رفح، إلى أن معانى العيد لا وجود لها فى غزة، وكل ما نمر به هذه الأيام هو حزن على فقدان الأحبة وتدمير القطاع ومآسى الحياة الصعبة داخل مخيمات النزوح، ويبقى الهم الأول هو أن نحصل على ما يسد الرمق على مدار اليوم، ولا يوجد شخص لديه رغبة فى أن يبدى أى مظاهر الفرح فى حين أن القطاع جرى تدميره ولا نعرف أى مصير ينتظره مستقبلاً.

«لم تحضر زينة العيد التى كانت تملأ شوارع غزة وضواحيها، كما أن المساجد إذا لم تكن دمرت فإنها تعانى دماراً جزئيا ما يغيِّب بهجة العيد والخوف يسيطر على الجميع من الذهاب إليها لأنه لا يعرف أحد ما إذا كان الاحتلال سوف يستهدفها أم لا، ويفضل الجميع أن يكون العيد داخل المخيم على أن يقتصر على بعض الكلمات التى تخفف من الواقع الأليم بين أهالى القطاع وبعضهم البعض»، وفقًا لما روى قنيطة هو يحاول التغلب على دموعه.

ويوضح أن غزة لا يوجد بها أى مقومات لاستقبال العيد، وفى حال توفرت السلع التى تتواجد بكميات قليلة للغاية فإن أهالى القطاع لم يعد لديهم السيولة الكافية لشرائها، ولا يوجد أى مصارف أو بنوك يمكن لأى شخص فى الخارج أن يحول إليهم أى أموال، ولا يستطيعون الوصول إلى ما يمتلكونه فى البنوك قبل اندلاع الحرب، وبالتالى فإن عادات شراء الملابس وحلوى العيد لم تكن حاضرة هذا العام فى ظل الاعتماد بشكل كامل على المساعدات التى تدخل إلى القطاع من الخارج.

«أهالى القطاع لم يشعروا بلذة شهر رمضان ولا فرحة العيد، هم فقط يقضون اليوم بيومه ويكون طموحهم الأقصى أن يظلوا على قيد الحياة، لم يجد أهالى رفح سوى أماكن تجمعات صغيرة لأداء صلاة العيد ثم العودة مرة أخرى إلى الخيام، وهناك مخاوف من أى عمليات غادرة قد تصيب التجمعات الكبيرة مع التحذيرات والمنشورات التى يلقيها جيش الاحتلال بين الحين والآخر ويطالبهم فيها بمغادرة أماكن تواجدهم»، بحسب ما يذكر غيث.

وأوضح أن عادات الفلسطينيين فى العيد كانت تتمثل فى التجمع داخل بيوت العائلات الكبيرة وصناعة الكعك والتجمع فى المساجد الكبيرة للصلاة والانطلاق منها إلى زيارة الأهل والأقارب وتزيين الشوارع وتواجد الأطفال للعب والاستمتاع بفرحة العيد، مشيراً إلى أن تلك العادات لا وجود لها هذا العام والأمر يقتصر على الصلاة، والعودة إلى الخيمة للبحث عن غذاء يمكن أن يتناوله الأطفال فى العيد لكى يشعروا بأن هناك عيدا.

◄ اقرأ أيضًا | واشنطن تدعـم تنفيذ مخطط «دولة الشيطان الكبرى»

وفى شهر يناير الماضي، قالت وزارة الأوقاف فى غزة، إن جيش الاحتلال الإسرائيلى قام بتدمير ألف مسجد فى غزة من أصل 1200 مسجد فى القطاع، مشيرة إلى أن الاحتلال لم يكتفِ بتدمير المساجد فقط، بل دمر العديد من الكنائس منها كنيسة الروم الأرثوذكس وعدد من المكاتب التابعة لها.

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أيمن الرقب، إن الوضع فى غزة مليء بالدماء والدموع مع حلول العيد، ولا يوجد بيت إلا وقد فقد أحد أحبته، ويوميًا مازلنا نفقد الأصدقاء والأقارب ونسمع أن عدد أشخاص جددا نعرفهم ارتقوا شهداء، وبالتالى فإنه لا وجود للعيد فى القطاع، ولا معالم للعيد أيضًا، فى ظل محاولات لإغاثة الناس والتخفيف عنهم، وهناك بعض الأشخاص يريدون أن يرسموا البسمة على المواطنين من خلال توزيع الكعك الخاص بالفلسطينيين لكنه يبقى بلا طعم.

وأشار إلى أن تكدس الأسر بأعداد كبيرة داخل المخيمات نتج عنه مشكلات أسرية وشخصية عديدة فى ظل حياة وظروف صعبة يعانيها أهالى القطاع، والجميع ينتظر الهدنة للعودة إلى منازلهم وإن كان مدمرة لكن على الأقل هناك رغبة فى الخروج من المخيمات المتكدسة وسيكون ذلك أخف وطأة من الوضع المعيشى الحالى داخل المخيمات فى ظل انتشار الأوبئة ونقص المواد الغذائية.