«الحريفة» .. يفتح ملف الأجزاء فى السينما

فيلم الحريفة
فيلم الحريفة

أحمد‭ ‬إبراهيم‭ - ‬محمد‭ ‬إسماعيل

فكرة استغلال النجاح التي تتعلق بتكرار تقديم أجزاء أخرى من أعمال ناجحة متواجدة على مدار تاريخ السينما المصرية، لكن اختلفت أشكالها مع تغييرات العقود، على سبيل المثال في الخمسينيات والستينيات كان أغلبية الممثلين الذين يتصدرون دور البطولة يحاولون الحفاظ على نفس القوالب الذين يظهرون بها مع وجود تغييرات طفيفة تتعلق بطبيعة كل عمل، مع ثورة “جيل المضحكين الجدد”، بقيادة محمد هنيدي.

أصبح التكرار يتعلق بنجاح الشخصية التي قًدمت في عمل، هنيدي مثلا استغل نجاح شخصية “الخالة نوسة” ثم “رمضان مبروك أبو العلمين حمودة”، ومحمد سعد قدم “اللمبي” في معظم أعماله، أحمد مكي ظل مع شخصية “أتش دبور” فترة بين الدراما والسينما قبل أن يلتصق بشخصية “الكبير” وأخوته، أيضا تجربة أحمد آدم الطويلة مع شخصية “القرموطي” منذ بداية التسعينيات وحتى الآن.

وفي الأعوام العشرة الأخيرة، أصبحت مسألة التكرار مرتبطة بتقديم أجزاء ثانية من الأعمال الناجحة، والأمثلة أمامنا كثيرة مثل “الكنز، الفيل الأزرق، ولاد رزق”، ومؤخرا بعد إعلان المنتج طارق الجنايني عن إنتاج جزء ثان من فيلم “الحريفة”، أحد أهم التجارب في عام 2024 حتى الآن، والذي حقق نجاحا جماهيريا كبيرا منذ بداية عرضه رغم الرهان فيه على مجموعة من الشباب، وجاء إعلان الجنايني بالتزامن مع قرار تقديم الجزء الثالث من فيلم “الفيل الأزرق”، وإقتراب إنتهاء تصوير الجزء الثالث من “ولاد رزق”، ومع وجود تصريحات غير رسمية تتحدث عن وجود نية لدى أحمد حلمي لتقديم جزء ثان من فيلم “كده رضا”، وأيضا أحمد مكي مع فيلم “لا تراجع ولا استسلام”.

ولأن الظاهرة ليست حديثة العهد بالسينما المصرية، كان علينا الإتجاه إلى 3 من صناع الأعمال الذين قرروا تقديم أجزاء أخرى من أفلامهم السابقة، لنعرف منهم وجهة نظرهم الخاصة في تلك المسألة وهل هذه الأعمال تحتمل دراميا وجود أجزاء أخرى؟، أم أن المسألة تخضع لمتطلبات السوق؟، أم مطالب جماهيرية أم محاولة لاستغلال النجاح؟

في البداية يقول المنتج طارق الجنايني: “بالفعل نحن بصدد إنتاج جزء ثاني من فيلم (الحريفة) الذي لاقى إعجاب الجمهور وحقق نجاحا وإيرادات ينافس بها على شباك التذاكر في هذا الموسم، وتصدر الفيلم الإيرادات رغم وجوده مع أفلام لنجوم كبار منهم أفلام طرحت قبله في دور العرض مثل (أبو نسب) و(الإسكندراني)، وفي بداية المشروع لم يكن ضمن الخطط وجود جزء ثاني للفيلم، لكن بعدما لمسنا النجاح الذي حققه الفيلم وإعجاب الجماهير وأن الفكرة جذبت قطاعات كبيرة من المشاهدين قررنا تقديم جزء ثاني، لأن بالفعل ذوق الجمهور المصري يميل إلى الأفلام التي تتعلق بكرة القدم”.

وبسؤاله عن أن دراما الفيلم تحتمل وجود جزء ثان قال: “بالطبع، وهذا ينقسم إلى شقين، الأول المرتبط بدراما كرة القدم، وهي إطار متسع يمكن لأي مؤلف الإبداع فيه ويحتمل الكثير من الأفكار، شرط أن تقدم بنفس الصورة التي قدمناها من قبل، وكيفية المزج بين الإطار الرياضي والأبعاد الدرامية الإنسانية، وهو ما استطعنا إبرازه في فيلم (الحريفة)، فكل الشخصيات كانت لديها أزمات وأبعاد درامية، أما الشق الثاني المتعلق بأن الجماهير دائما تتعطش لوجود دماء جديدة يقدمون تجارب ناجحة في السينما مثلما حدث مثلا في فيلم (أوقات فراغ)، وقرار نفس الممثلين بتقديم (الماجيك) بعد ذلك”.

وعن عدم تحقيق “الماجيك” نفس نجاح “أوقات فراغ” قال الجنايني: “هنا تكمن صعوبة الأمر، وهو كيفية الحفاظ على النجاح السابق، وقد يبدو الأمر أقرب إلى إشكالية، لكن بالنسبة لنا يمكن أن نعتبره دافعا للتركيز أكثر وتقديم تجربة مختلفة، ونجعلها تحقق النجاح المنتظر منها، صحيح أن هناك تجارب لم يقدر لها النجاح، لكن هناك أخرى لقت قبولا جماهيريا منذ زمن بعيد مثل سلسلة شخصيات إسماعيل ياسين، وأيضا ليلى مراد في الأفلام التي حملت اسمها، وحديثا تجربة تامر حسني مع فيلم (عمر وسلمى) وأيضا محمد سعد مع (اللمبي)”.

السيناريست أحمد مراد مؤلف رواية وكاتب سيناريو فيلم “الفيل الأزرق” بجزئيه يقول عن التجربة: “شهدت الفترة الماضية تحضيرات مكثفة من أجل وضع اللمسات النهائية للجزء الثالث من فيلم (الفيل الأزرق)، وقرار وجود جزء ثالث كان لدينا جميعا بعد الانتهاء من تصوير الجزء الثاني، وقبل عرضه تجاريا، لكن كان الإضطرار إلى التأجيل أكثر من مرة بسبب انشغال كريم عبد العزيز بفيلم (بيت الروبي) ثم مسلسل (الحشاشين)، وهو مسلسل كبير وضخم ويحتاج إلى تركيز وفترات طويلة من التجهيزات ثم التصوير، وكان من الصعب أن يوازن كريم بين الشروع في تحضيرات المشروعين معا”.

ويضيف مراد: “السبب الثاني للتأجيل كان يتعلق بأن نعطي للفكرة وقتها في الإعداد والتحضيرات، مثلا الفارق الزمني بين الجزء الأول والثاني 5 أعوام، فالأول عرض عام 2014، والثاني عام 2019، ووفقا لهذه المدد الزمنية من المفترض أن يظهر الجزء الثالث هذا العام أو العام المقبل”.

وبسؤاله عن هل وجود جزء ثالث استغلال نجاح أم مطلب جماهيري أجاب: “بشكل عام تحويل الروايات الأدبية إلى أفلام سينمائية فكرة لاقت نجاحا كبيرا في الأعوام الأخيرة، ليس مع (الفيل الأزرق) فقط، لكن مع روايات أخرى سواء لي أو لزملائي، والجمهور متلهف للجزء الثالث، لأن التسلسل الطبيعي الذي حدث للجن من الجزء الأول - الذي جسده خالد الصاوي - ثم هند صبري في الثاني، لذلك ينتظر الجمهور المعركة التي ستحدث بين (دكتور يحيى) والجن، ومن الذى سينتصر في النهاية”.

في حين يقول صلاح الجهيني مؤلف سلسلة “ولاد رزق” التي وصلت للجزء الثالث: “الجمهور هم من طلبوا أن يكون هناك جزء ثالث من (ولاد رزق)، خاصة بعد النجاح الكبير الذي تحقق في الجزئين الأول والثاني، والمنافسة الشرسة مع فيلم (الفيل الأزرق) وقتها، أما على المستوى الدرامي فحياة (ولاد رزق) بها تفاصيل ومراحل عديدة يمكن تطويعها بشكل جديد ونسج حكايات أخرى، خاصة مع وجود شخصيات محورية خارج إطار الأخوة مثل (المعلم صقر) و(الضابط رؤوف حمزاوي) وظهور شخصية (الشايب) الجديدة التي يقدمها آسر ياسين، وهذا ما حدث مع الجزء الثاني، صحيح أن الفيلمين يدورا حول نفس الأشقاء، لكن التفاصيل مختلفة، وسنجد اختلافا كبيرا أيضا في الجزء الثالث”.

وأضاف الجهيني: “هناك ممثلون أعتذروا عن الإستمرار، مثل أحمد الفيشاوي وأحمد داود، وهذا تطلب تغيير جذري في الأحداث، لأن الأمر لم يعد يتعلق بـ4 أشقاء، لهذا الرهان حول مدى نجاح الأجزاء الثانية من الأفلام يتوقف على وجود قصص مختلفة منسوجة بشكل مميز مترابط مع العصر، وليست مجرد تعلق بالماضي، وهي بالتأكيد معادلة صعبة لكن يمكن تحقيقها، كما فعلنا مع الجزء الثاني، والمخرج طارق العريان يلجأ دائما إلى التقنيات الحديثة في تنفيذ مشاهد الأكشن، وهذا ما سنجده في الجزء الثالث بصورة مبهرة، حيث يتم الآن تصويرالجزء الثالث من الفيلم بين مصر والسعودية، وتم رصد ميزانية كبيرة له حتى يخرج بصورة لا تقل عن الجزئين السابقين، وفي نفس الوقت تنال إعجاب كل من طالبوا بوجود جزء ثالث”.

يقول الناقد طارق الشناوي عن فكرة الأجزاء الثانية: “ظاهرة موجودة على مستوى العالم، وليس مصر فقط، ويمكن أن تحقق نجاحات أكثر من الأجزاء الأولى، إذا تم الاعتماد على كتابة جيدة وبها تطوير للأحداث ولأبعاد الشخصيات، وعلى مدار تاريخ السينما المصرية هناك مشاريع حققت هذه النجاحات وأخرى فشلت فشلا ذريعا، لهذا هنا المعيار الرئيسي للتقييم يكون بعد مشاهدة الجزء الجديد، ومدى التطوير الذي شهده، وهل نجح صناعه في ابتكار حبكة جديدة تضيف للعمل؟، أم الأمر برمته مجرد استغلال نجاح سابق؟”.

 

بينما يقول الناقد أحمد سعد الدين: “مسألة تكرار وجود أجزاء تالية من أفلام نجحت في السابق ظاهرة سلبية، لأن الجميع يهدف إلى استغلال نجاح الجزء الأول، بدلا من محاولات التفكير (خارج الصندوق)، وصنع فكرة جديدة، لهذا هناك نوع من الإستسهال يسيطر على صناع السينما في مصر، معتمدين على تصدر شباك التذاكر، لكن على مدار التجارب المتكررة في السينما المصرية لا تزال الأجزاء الأولى من الأفلام الأفضل والأقوى دراميا، بل والأكثر تحقيقا للنجاحات الجماهيرية، وهذا ما حدث مؤخرا مع (الفيل الأزرق) و(ولاد رزق)، وسوف يحدث مع (الحريفة) لأن المسألة برمتها تخضع لتكرار نجاح فقط، لكن هل يسألوا أنفسهم هل دراما الفيلم تحتمل هذا؟.. مع الأسف التفكير فقط يكون في تكرار تحقيق الإيرادات”.

اقرأ  أيضا : ياسمين رئيس تحصل على جائزة أفضل ممثلة عن «أنا لحبيبي» بمهرجان المركز الكاثوليكي


 

;