الممثل الشرعي للفلسطينيين يبحث عن طوق نجاة| أين «منظمة التحرير» من الحرب في غزة؟

ياسر عرفات وسط عدد من قيادات منظمة التحرير
ياسر عرفات وسط عدد من قيادات منظمة التحرير

■ كتب: أحمد جمال

بعد شهر كامل من اندلاع الحرب الدائرة حاليا بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي فى قطاع غزة يتساءل كثيرون عن أدوار منظمة التحرير الفلسطينية فى التعامل مع الموقف الراهن، ولماذا لم تسجل حضوراً يذكر بعد أن أضحت حركة حماس وغيرها هى المهيمنة على محور الأحداث، لتظل المنظمة التى تأسست بهدف تحرير الأراضى الفلسطينية قابعة فى خندق لعب أدوار دبلوماسية ليست بالقوية أصابها كثير من الوهن مع حاجتها الملحة لإعادة هيكلة لتضم من خلالها الفصائل الرئيسية غير المنضوية بها.

وشارك أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حسين الشيخ فى الاجتماع الذى عقده وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن مع وزراء خارجية كلٍ من الأردن ومصر والسعودية وقطر والإمارات وفلسطين،  وحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الفلسطينية، فقد طالب الشيخ بالوقف الفورى للعدوان على قطاع غزة، وشدّد على «ضرورة تجنيب المدنيين ويلات الحرب، فى ظل القصف الهمجى على العزّل فى قطاع غزة»، وندد كذلك بـ»إرهاب المستوطنين، واعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلى فى الضفة والقدس الشرقية». مجدّدا «رفض دولة فلسطين القاطع لتهجير الفلسطينيين».

◄ محطات
ومرت منظمة التحرير الفلسطينية بمحطات رئيسية وبعد أن بدأت كمنظمة جوهر عملها تحرير الأراضى الفلسطينية المحتلة تغير دورها وبرنامجها السياسى وأضحت بالأساس تبحث عن تسوية سياسية على أسس حل الدولتين، كما أن ارتباط المنظمة بالسلطة الفلسطينية قلص كثيراً من أدوارها، وبعد أن كانت كإطار ائتلاف لقوى سياسية أصبح الفاعل فيها حركة فتح، ونتيجة الخلافات المستمرة بين الفصائل الفلسطينية شهدت المنظمة موجات عديدة من الاستقالات والإقالات، وكذلك فإن غياب الفاعلية السياسية والعسكرية لكثير من الفصائل الموجودة داخلها، التى كان لها حضور قوى فى فترات تاريخية سابقة قبل أن تتراجع الآن مثل الجبهة العربية الفلسطينية ومنظمة الصاعقة وغيرها من المنظمات والفصائل، أسهم فى إضعافها مع وضع شروط لانضمام أى حركات جديدة إليها بينها الاعتراف بالتسوية والتزامات السلطة الفلسطينية والتى بينها الاعتراف بإسرائيل وهو ما يجعل حركات حماس والجهاد الإسلامى ليسوا ممثلين فيها.

وتأسست منظمة التحرير الفلسطينية فى عام 1964 بعد انعقاد المؤتمر العربي الفلسطيني الأول فى القدس نتيجة لقرار مؤتمر القمة العربى المنعقد فى العام ذاته بالقاهرة لتمثيل الفلسطينيين فى المحافل الدولية، وذلك كمنظمة سياسية شبه عسكرية، معترف بها فى الأمم المتحدة والجامعة العربية تكون ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطينى داخل وخارج فلسطين، وجرى تحديد تعريف مهام المنظمة بأنها ستكون «كيانا ثورياً عسكرياً» سيقوم على أربع دعائم هى الجهاز العسكرى، والجهاز التنظيمى، والجهاز السياسى، والجهاز المالى. وأن الجهاز السياسى، مهمته خدمة قضية فلسطين على الصعيدين: العربى والدولى خاصة فى نواحى الدعاية والإعلام». وأن الجهاز العسكرى، لتمكين القادرين على حمل السلاح من خدمة وطنهم. والجهاز التنظيمى، ليشمل التنظيمات الشعبية. والجهاز المالى، يشتمل على الصندوق القومى الفلسطينى.

◄ الناطق باسم فتح: ترفض الحلول الأمريكية المطروحة حول مستقبل غزة

◄ البدء
وفى مايو من عام 1964 عقد أول مجلس وطنى فلسطينى جلسته الأولى فى فندق الكونتيننتال فى القدس، وشهدها ممثلون عن الرئيس جمال عبد الناصر، والرئيس العراقى عبد السلام عارف، والرئيس التونسى الحبيب بورقيبة، والرئيس السورى أمين الحافظ، والرئيس اللبنانى فؤاد شهاب، والرئيس السودانى إبراهيم عبود، وأمير الكويت. كما حضرها أمين الجامعة العربية عبدالخالق حسونة، ومساعده الدكتور نوفل، ورئيس قسم فلسطين فى الجامعة العربية يعقوب الخورى.

وقال منير الجاغوب، الناطق باسم حركة فتح، إن منظمة التحرير الفلسطينية تعمل بالتنسيق مع باقى الدول العربية لوقف العدوان على قطاع غزة والضفة الغربية وأن تواجد أمين سر الحركة فى الاجتماع الذى عقده وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن مع عدد من الوزراء الخارجية العرب يشير إلى أن المنظمة حاضرة فى أدوات حل الصراع الراهن، مشيراً إلى أن الاجتماع الأخير ناقش أيضاً آليات إدخال المساعدات الإنسانية والتطرق إلى الحل السياسى على أسس الشرعية الدولية، وأن تلتزم إسرائيل بتلك الشرعية، وأوضح أن منظمة التحرير تعمل فى الوقت الحالى للضغط على إسرائيل لاسترداد أموال الضرائب التى اقتطعتها، وكان من المفترض أن توجه إلى الفلسطينيين فى الضفة الغربية وقطاع غزة التى بلغت هذا الشهر 2.5 مليون شيكل وهى أموال فلسطينية، لافتاً إلى أن المنظمة لديها بعثات خارجية لديها قدرة التنسيق مع جهات مختلفة حول العالم للضغط بشأن إنهاء الحرب القائمة، وأشار إلى أن المنظمة تعمل على تنسيق الجهود بين الجاليات الفلسطينية فى الخارج من أجل اتخاذ مواقف صلبة تضغط على الحكومات الغربية إما للتخلى عن دعم إسرائيل أو الضغط باتجاه وقف القتال الدائر، مشيراً إلى أن المنظمة ترفض الحلول الأمريكية التى طرحتها بشأن مستقبل قطاع غزة وتؤكد على أنه لا يمكن عودة قطاع غزة إلا باتفاق شامل يقوم على أساس إنشاء دولة فلسطينية عاصمتها القدس، وأن يكون القطاع ضمن هذه الدولة وألا يكون مقدماً عليها.

◄ القواسمي: المنظمة لم تدخر جهدًا لفضح ممارسات الاحتلال

وأشار أسامة القواسمي، عضو اللجنة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إلى أن المنظمة لديها أولويات فى تلك الأوقات الصعبة، على رأسها العمل مع الأشقاء فى مصر والأردن والسعودية وقطر وكل الدول العربية والمجتمع الدولى لوضع الضغط اللازم على الإدارة الأمريكية لكى تضغط على إسرائيل لوقف العداون، ويعد ذلك أولوية قصوى أمام المجازر التى ترتكب بحق الأطفال والنساء والشيوخ فى قطاع غزة وكذلك أمام عربدة إسرائيل وقتلها وتشريدها الآلاف فى الضفة الغربية مع توالى استهدافاتها للمساجد والكنائس، وأكد أن منظمة التحرير تحمل المسئولية الكاملة لمجريات الأحداث الحالية إلى إسرائيل لرفضها الكامل لكل أسس العملية السياسية والقانون الدولي، وأن المنظمة لديها رؤية سياسية تتمثل فى قيام دولة فلسطينية بغزة والضفة الغربية وعاصمتها القدس وفقاً لأسس الشرعية الدولية التى تعمل فى إطارها منظمة التحرير وبداخلها عدد من الفصائل داخل وحدة وطنية حقيقية تتجسد على الأرض.

◄ اقرأ أيضًا | رفض عربي موحد لموقف أمريكا الداعم لإسرائيل

◄ معركة إعلامية
ولفت إلى أنه فى المشهد الراهن لم تدخر المنظمة جهداً فى فضح ممارسات الاحتلال من خلال أذرعها فى الخارج عبر السفراء والمتحدثين فى وسائل الإعلام المختلفة، واستطاع الفلسطينيون أن يخوضوا معركة إعلامية قوية لا تقل أهمية عما يدور فى الميدان مع خلال مخاطبة الرأى العام الدولى لمناهضة الرواية الصهيونية، وهو ما ينعكس على حجم المظاهرات التى تشهدها عواصم عديدة حول العالم تندد بالجرائم الإسرائيلية وتطالب بوقف الحرب، كما أن المنظمة من خلال وجودها بالأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان سعت لاستصدار بعض القرارات التى تدين إسرائيل لكن كان يعرقلها الفيتو الأمريكى، وكان الهدف هو كشف زيف الشعارات الوهمية للولايات المتحدة وإسرائيل، وشدد على أن منظمة التحرير الفلسطينية منذ اللحظة الأولى للحرب حيدت الخلافات جانباً واعتبرت العدوان الغاشم ضد جميع أبناء الشعب الفلسطينى وتمكنا من تجسيد حالة الوحدة الوطنية التى يجب البناء عليها فى مرحلة ما بعد الحرب، مؤكداً أنه لن يحكم الفلسطينيون سوى هم أنفسهم وبإرادة شعبية خالصة ليس بإملاءات من الولايات المتحدة أو من أى دولة أخرى، وأن الشعب الفلسطينى يقرر من يحكمه من خلال الانتخابات الشعبية.

◄ ارتباطها بالسلطة قلل كثير من أدوارها

◄ من لا يريد ذلك!
وفى المقابل يرى الدكتور أيمن الرقب، القيادى بحركة فتح، أن منظمة التحرير غابت عن المشهد الحالى الذى تصدرته حركة حماس والأجنحة العسكرية للمقاومة وأنجزت ما فشلت الكثير من الفصائل فى تحقيقه بعد أن ألحقت ضربة قوية للاحتلال، وبالتالى فإن ذلك يستوجب أن يقف بجانبها كافة الفصائل لدعمها فى المواقف البطولية بالميدان، مشيراً إلى أنه كان يتوقع أن يُعلن الرئيس محمود عباس «أبومازن» باعتباره رئيس المنظمة تشكيل إطار قيادى موحد يقود المعركة الحالية مع إسرائيل، على أن يضم أيضا حماس والجهاد وكان ذلك سيساهم فى أن تعود المنظمة إلى الساحة الدولية بقوة مرة أخرى، لكن يبدو أن هناك أشخاصا داخلها لا يريدون ذلك، وشدد على أن أزمة منظمة التحرير فى أنها لم تضخ دماء جديدة بداخلها يمكن أن تساعدها على مواكبة تطورات المشهد الراهن، وكان مقرراً أن تشهد انتخابات جديدة على مناصبها فى العام 2020 لكن جرى إجهاض الانتخابات التى كان من المفترض أن تكون على باقى مؤسسات السلطة الفلسطينية.

يعتقد الرقب، أن مستقبل منظمة التحرير على المحك تحديداً إذا حققت حماس انتصاراً فى الحرب الدائرة الآن، وقد لا يكون لديها وجود على المستوى السياسى والشعبى، لكن فى حال استطاعت إسرائيل القضاء على حماس والفصائل المقاومة كما تقول فإنه سيكون أمام المنظمة فرصة لأن تعود للمشهد السياسى لكى تؤسس حالة سياسية جديدة، وقد تذهب باتجاه ضم فصائل جديدة بينها حماس التى سيكون عليها فى تلك الحالة البحث عن أى مكاسب تضمن تواجدها فى إطار سياسى.