حريات

صندوق النقد.. شيلوك العصر

رفعت رشاد
رفعت رشاد

لا يغفر اليهود للكاتب المسرحى الكبير وليم شكسبير رائعته «تاجر البندقية» التى تتناول قصة تاجر يهودى يتعامل بالفوائد الربوية.

أراد تاجر آخر أن يقترض منه بعض المال لسداد نفقات زواج صديق له، اليهودى شيلوك انتهز الفرصة للانتقام منه لأنه كان يقرض الناس بدون أى فوائد.

وافق شيلوك على إقراضه المال لكنه اشترط إذا لم يتم السداد فى الموعد أن يعوض برطل من لحم المقترض.

وافق التاجر المقترض على أساس أن له مراكب تجارية ستعود وسيكون قادرا على السداد، لكن المراكب لم تأت فى موعدها. لجأ اليهودى للمحكمة لتنفيذ شرط العقد. 

محامى التاجر المقترض قال إن العقد ينص على رطل لحم ولم ينص على أن يكون ذلك بإراقة الدم، لذلك على اليهودى أن يأخذ رطل اللحم بدون أن يريق نقطة دم واحدة. لم يتمكن اليهودى من تنفيذ شرط اللحم وأُنقذ المقترض. 

هل يختلف شيلوك عن صندوق النقد الدولى الآن، الذى يسهل للدول الاقتراض ويشجعها بحجة تمويل مشروعات التنمية ثم يتحول عندما يريد إلى شيلوك يقطع من لحم الشعوب، هل يختلف؟ 

كتب شكسبير رائعته فى العصور الوسطى فكان شيلوك، ومن الطبيعى أن يتطور شكل شيلوك ومنهجه فى القرن الواحد والعشرين. كان شيلوك يقرض أفرادا وصار الصندوق يقرض شعوبا ودولا، كان اليهودى يتحكم بأمواله فى الفقراء ليراكم ثروة، الآن صار الصندوق يسيطر على دول لتكون تحت رحمة حكومة العالم. 

كان المقرض اليهودى يريد قطعة لحم من جسد الفلورنسى.. وقد خاب مسعى شيلوك ونجا المقترض.. والآن المقرض اليهودى يريد ثمنا غاليا.. يريد قطعة من لحم مصر. خسئت يا شيلوك من قبل ومن بعد.. لن تحصل إلا على الخيبة.