حروف ثائرة

محمد البهنساوي يكتب: سياستنا الخارجية.. بين النضج وسعة الافق

محمد البهنساوي
محمد البهنساوي

لا شك أن السياسة الخارجية المصرية تشهد منذ ثورة 30 يونيو تحركات تكشف فهما عميقا لمعنى تحقيق المصالح المشتركة مع مختلف القوى وبما يخدم أولا وأخيرا المصلحة العليا للبلاد ، تحركات بعيدة عن أى مراهقة سياسية أو تبنى مواقف عنترية استعراضية سعيا لمصالح شخصية على حساب الصالح المصرى العام ، وتسير سياستنا الخارجية منذ 30 يونيو بهدوء وبخطى ثابتة لترسيخ مكانة مصرية مستحقة إقليميا ودوليا.

ولنرصد بعض المواقف مؤخرا التى تؤكد النضج الشديد لسياستنا الخارجية وعمقها وسعة أفقها ، نبدأها بقرار تبادل السفراء بين مصر وتركيا ، ففى السياسة الدولية لا توجد عداوات أو خلافات مستمرة، وإذا كان الموقف السابق عنوانه الرئيسي السياسة مع عناوين فرعية اقتصادية عديدة ، فهناك موقف آخر معاكس بعناوينه حيث احتل الإقتصاد الصدارة فيه ، انه قرار رفع العلاقات بين مصر والهند لدرجة التعاون والشراكة الاستراتيجية ، وجاء كإحدى أهم نتائج الزيارة التاريخية لرئيس وزراء الهند ناريندرا مودى الى مصر وهى الأولى من نوعها منذ عام 1997 ، والتى جاءت امتدادا للزخم والانطلاقة غير المسبوقة للعلاقات بين البلدين فى كافة المجالات لتتوج الزيارة التى قام بها الرئيس السيسي للهند يناير الماضي كضيف شرف احتفالاتها بيومها الوطنى ، مشاركة هى الأولى فى تاريخ البلدين ، وبالطبع هذا الزخم فى العلاقات مع دولة بحجم الهند لنا أن نتخيل مردوده سواء بفتح الأسواق الهندية أمام المنتجات المصرية ، أو فتح السوق المصري أمام الاستثمارات الهندية التى تتدفق خارج حدودها وفى مجالات تحتاجها مصر بشدة ، ناهيك عن تأثير دعم الهند لسعى مصر للانضمام إلى تجمع بيركس ، نجاح بامتياز للتحركات السياسية الخارجية.

نصل لنقطة مهمة أخرى تؤكد ان سياستنا الخارجية تتحرك بعدة اتجاهات لتحقيق أهداف متنوعة ، فبعد غد الخميس تستضيف مصر قمة دول جوار السودان ، لوضع آليات فاعلة بمشاركة دول الجوار لتسوية الأزمة في السودان الشقيق بصورة سلمية ، وهذا التحرك يرسخ مكانة مصر بمحيطها ويحقق الاستقرار للسودان الشقيق حماية لأمننا القومى باتجاهه الجنوبى المهم وأهداف أخرى عديدة.

هل أدل مما سبق على نضج وعمق وقوة سياستنا الخارجية ؟!!