أصل الحكاية.. خبير آثار يشيد بزيارة رئيس الوزراء للمقابر ويقدم رؤيته للحل

المقابر
المقابر

 أشاد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار بزيارة السيد رئيس مجلس الوزراء اليوم لمنطقة المقابر بصلاح سالم والتى جاءت بناءً على قرار الرئيس السيسى بإنشاء "مقبرة الخالدين" في موقع مناسب، لتكون صرحًا يضم رفات عظماء ورموز مصر من ذوي الإسهامات البارزة في رفعة الوطن، على أن تتضمن أيضا متحفًا للأعمال الفنية والأثرية الموجودة في المقابر الحالية، ويتم نقلها من خلال المتخصصين والخبراء، بحيث يشمل المتحف السير الذاتية لعظماء الوطن ومقتنياتهم، ويكون هذا الصرح شاهدًا متجددًا على تقدير وتكريم مصر لأبنائها العِظام وتراثها

 

ويوضح الدكتور ريحان أن منطقة ميدان السيدة عائشة والسيدة نفيسة وقرافة الإمام الشافعى وصحراء المماليك تقع ضمن حدود القاهرة التاريخية المسجلة تراث عالمى استثنائى باليونسكو عام 1979 والتى اعتمدت حدودها طبقًا للقانون 119 لسنة 2008 وأى إجراء تطوير بها يجب ان يراعى اعتبارات اليونسكو حتى لا يتم إدراجها على قائمة التراث المهدد بالخطر، وقد سبق إدراج دير مارمينا بكنج مريوط عام 2010 على هذه القائمة بسبب المياه الجوفية وأنفقت الدولة نحو 50 مليون جنيه في إطار خطة متكاملة للإنقاذ حتى تم رفعه





 

وأشار الدكتور ريحان إلى أن هذه المقابر تتضمن طرزًا معمارية فريدة من عمارة المدافن والأضرحة، كما تتضمن تحف فنية وقد عثر بها على شاهد قبر بالخط الكوفى يعود إلى القرن الثالث الهجرى، التاسع الميلادى، كما عثر على بئر بميدان السيدة عائشة ومواسير فخارية يحتمل إرجاعها إلى العصر المملوكى من القرن 13 إلى 16م بالإضافة إلى قيمة الشخصيات المدفونة بها مثل محمود سامى البارودى ويحيى حقى والمقريزى شيخ المؤرخين وغيرهم، كما أن هذه المقابر تقع ضمن النسيج العمرانى للقاهرة التاريخية وكان ضمن معايير تسجيلها تراث عالمى باليونسكو أنها من أقدم مدن التراث الحى المستعمل نسبيًا حتى الآن وبالتالى فإن اقتطاع جزء لا يتجزأ من ذاكرتها الوطنية بهدم المقابر يفقدها معيار التواصل الحضارى

 وأشار الدكتور ريحان إلى أن نقل المقابر أو الآثار عمومًا تحكمه عدة معايير ولمصر تجارب سابقة ناجحة فى هذا المجال حيث تنقل الآثار لدرء الخطورة والحماية والإنقاذ أو النقل لموقع مميز يحفظ هذه الآثار ويعرضها للزوار بشكل لائق ومبهر فى نفس الوقت
ومن هذه الأمثلة نقل الآثار بعد بناء خزان أسوان 1902 ثم بناء السد العالى فارتفع منسوب المياه وكاد أن يغرق آثار النوبة فتوجهت مصر إلى اليونسكو للإنقاذ والتى دعت إلى حملة دولية لحماية آثار النوبة وشاركت 40 دولة فى الحملة سواءً مشاركة مالية أو عملية واستمرت الحملة 20 عامًا تم إنقاذ 16 معبد

 

وفى الآثار الإسلامية العام الماضى تم نقل ضريح أل طبا طبا الذى بناه محمد بن طفج الإخشيدى فى القرن الرابع الهجرى، العاشر الميلادى بعد أن ساءت حالته بارتفاع منسوب المياه الكبريتية إلى 2.7م كادت أن تقضى على الأثر، فتم نقله من الحافة الشرقية لبحيرة عين الصيرة إلى الحافة المقابلة لها قرب متحف الحضارة ليكون ضمن برنامج الزيارة للمنطقة وعثر على شواهد قبور ولوحات أثناء النقل تم تثبيتها فى الموقع الجديد

ويقترح الدكتور ريحان الوزارات والهيئات التى يجب أن تشارك فى اللجنة برئاسة رئيس مجلس الوزراء لتقييم الموقف وهى المجلس العربى للاتحاد العام للآثاريين العرب، وزارة السياحة والآثار، هيئة التنسيق الحضارى، لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، الجمعية المصرية للدراسات التاريخية التى تأسست عام 1948 كممثل للمجتمع المدنى

ويجب أن تعمل اللجنة من خلال أطر ومبادىء معينة الإطار الأول المادة 50 من الدستور والخاصة بأن تراث مصر الحضاري والثقافي بتنوعاته ومراحله، المصرية القديمة، والقبطية، والإسلامية، ثروة قومية وإنسانية، تلتزم الدولة بالحفاظ عليه وصيانته، والاعتداء عليه جريمة يعاقب عليها القانون، والمادة 21 من قانون حماية الآثار 117 لسنة 1983 بحيث تراعى مواقع الآثار والأراضي الأثرية والمباني والمواقع ذات الأهمية التاريخية عند أى تخطيط ويجب موافقة وزارة السياحة والآثار دلوقتى كتابيًا على أى مشروع

 

وكذلك مراعاة اتفاقية حماية التراث العالمى الثقافى والطبيعى 1972 المادة 5 (د) على الدولة اتخاذ التدابير القانونية والعلمية والتقنية والإدارية والمالية المناسبة لتعيين هذا التراث وحمايته والمحافظة عليه وعرضه وإحيائه.

وعن مهمة اللجنة يوضح الدكتور ريحان أن المعاينة يجب أن تحدد ما يأتى أن هناك مقابر تستحق التسجيل فى عداد الآثار الإسلامية طبقًا للمادة 2 من قانون حماية الآثار والتى تتيح تسجيل المبنى أو المنقول فى عداد الآثار لو كانت له قيمة تاريخية أو علمية أو دينية أو فنية أو أدبية دون التقيد بالحد الزمنى الوارد فى المادة 1 وهى مائة عام وبهذا يتوافر للمبنى والتحف الحماية طبقًا لقانون حماية الآثار 117 لسنة 1983

وبخصوص التنسيق الحضارى تحدد اللجنة مدى أحقية المبنى للتسجيل ضمن المبانى التاريخية وهى المبانى والمنشآت ذات الطراز المعماري المتميز أو المرتبطة بالتاريخ القومي أو بشخصية تاريخية، والمسجل مبانى تاريخية من المقابر 87 مقبرة فقط والتى تمثل 20% قط من إجمالى المقابر وفى هذه الحالة يتم تطبيق المادة 4 من القانون رقم 144 لسنة 2006 عن كيفية تسجيل المباني التراثية بتشكيل لجنة بقرار من محافظ القاهرة تتضمن ممثلًا من وزارة الثقافة يتولى رئاسة اللجنة وممثلًا لوزارة الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية، وشخصين من المحافظة المعنية وخمسة من أعضاء هيئات التدريس بالجامعات المتخصصين في مجالات الهندسة المعمارية والإنشائية والآثار والتاريخ والفنون، على أن ترشح كل جهة من يمثلها وبالتالى تخضع للحماية بالقانون 144 لسنة 2006

والمقابر المتبقية دون تسجيل يتم دراسة حالتها الفنية ومدى الخطورة فى بقائها فى الموقع وبناءً عليه يتقرر نقلها وحتى المقابر التى يتقرر تسجيلها آثار أو مبانى تاريخية يمكن نقلها لو هناك خطورة عليها

ويقترح الدكتور ريحان بخصوص مقبرة الخالدين أن يتم التصنيف وفقًا لمجال صاحب المقبرة سواءً كان شخصية دينية أو مؤرخ أو أديب أو سياسى وغيرها بحيث تكون مقابر الأدباء فى قطاع وهكذا وأن تضم كل مقبرة متحفًا خاصًا ملحقًا بها يشمل مقتنيات المقبرة نفسها ومقتنيات يتبرع بها الأهل والأحباء تخص صاحب المقبرة من كتب وأدوات شخصية وأوسمة ونياشين وجوائز وخلافه من المقتنيات المتحفية مع تعريف كامل لصاحب المقبرة وإنجازاته مع عمل قاعة بانوراما كاملة لعرض كل المقابر بمقتنياتها بتقنية البعد الثلاثى على غرار القبة السماوية بمكتبة الإسكندرية وتوضح هذه المقابر كمزار على خارطة السياحة المحلية والإقليمية والدولية

 أمّا المقابر التى تقرر اللجنة بقاءها تتم أعمال ترميم وصيانة لها ومعالجة لتسرب المياه الجوفية وإحاطتها بسور للحماية وإعادة توظيفها ثقافيًا وسياحيًا بفتحها للزيارة كمتحف مفتوح يرتبط بزيارة قلعة صلاح الدين من كل الجنسيات وتوضع على برنامج الزيارة
ويجب أن تترك للجنة حرية الوصول إلى أى حلول بديلة حتى لو تضمن تغيير مسار الكوبرى بعيدًا عن هذا الموقع ومعالجة مشاكل المياه الجوفية وتطوير المقابر فى موقعها وفتحها للزيارة كمتحف مفتوح

أصل الحكاية | فكرة إنشاء مقابر الخالدين في العالم