رمضان كريم

النائب علاء عابد رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب
النائب علاء عابد رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب

شرع الله سبحانه وتعالى صيام رمضان، كأحد أركان الإسلام الخمسة، واختصه بفضائل عظمى تؤكد فضله على جميع الشهور، وجعله شهر العبادة، والرحمة، والإحسان، والعتق من النار.

ومن أعظم مآثر رمضان، أنه الشهر الذى أُنزل فيه القرآن الكريم، آخر إرسال السماء لهدى الأرض، كما يقول الإمام الراحل الشيخ متولى الشعراوي. وكان شهر رمضان هو ميقات الذكر لنزوله فيه، بل قيل إن جميع الكتب السماوية السابقة على القرآن نزلت فى رمضان.

ويقول الإمام الراحل محمد الخضر حسين، شيخ الأزهر الأسبق، إن هذا الشهر العظيم جمع بين مزيتين عظيمتين، أولاهما: أنه الزمن الذى أُنزل فيه القرآن إلى سماء الدنيا جملة، أو ابتدئ فيه نزوله إلى الناس، ثم تواردت آياته حسب ما تقتضيه الحكمة الإلهية.

وثانيتهما: أنه كان مظهر الفتح الذى استوثقت به عُرى دولة الإسلام التى ساست الأمم بشريعة تلائم مصلحة كل زمان ومكان. واقتضت حكمة الله تعالى أن يكون للناس بين سائر الشهور شهر يقضون بياض نهاره فى الصوم، واختار أن يكون شهر رمضان هو الشهر الذى تؤدى فيه هذه العبادات ذات الحكمة السامية، والثواب الجزيل.

ونظرًا لرفعة منزلة الصيام بين العبادات الإسلامية، اختصه الشرع بعناية خاصة، فجاء فى الحديث القدسي: (كلُّ عملِ ابنِ آدمَ يُضاعفُ، الحسنةُ بعشرِ أمثالِها، إلى سَبْعِمائةِ ضِعفٍ).

ومن فضائل رمضان أنه شهر العتق من النار، ففى حديث أبى هريرة رضى الله عنه، قوله صلى الله عليه وسلم: (وينادى مناد: يا باغى الخير أقبل، ويا باغى الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة).

ومن فضائل الصوم، أنه يُعرّف العبد قدر نفسه، ومدى فقره لربه، كما يذكرنا بحاجة إخواننا من الفقراء والمساكين، بما يوجب على العبد شكر لله، والإحسان إليهم فى هذا الشهر الكريم.

لذلك، كانت أوجه الإنفاق خلال رمضان، أكثر من الشهور الأخرى، فقد ورد فى السنة النبوية الشريفة ما يدل على أن للإنفاق فى هذا الشهر فضلًا على الإنفاق فى بقية شهور السنة، وجاء فى الصحيحين، عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون فى رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه فى كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المُرسلة».
كما أن الصوم، من عظيم الفضائل، هو وسيلة يبلغ بها المرء الساعى إلى رضاء ربه فضيلة التقوى، لقوله عزّ وجلّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).

ومن كبرى مآثر رمضان الوطنية، أنه الشهر الذى حطمت قواتنا المسلحة الباسلة «خط بارليف»، وعبرت قناة السويس إلى النصر المبين، نصر أكتوبر المجيد الذى أسقط فيه أبطالنا أسطورة الجيش الإسرائيلى الذى «لا يُقهر»، وسجلته كتب التاريخ بأحرف من نور فى ذاكرة هذا الوطن.

وفى رمضان عام 1973، ضرب المصريون أروع الأمثلة فى التلاحم والتضامن بين الشعب وقواته المسلحة الباسلة، مزودين بقوة العزيمة والإيمان، والإصرار على تحقيق النصر واسترداد الكرامة الوطنية، ليس للمصريين فحسب، بل للعرب والمسلمين أجمعين.