فى الصميم

الحضور‭ ‬الصينى‭..‬ هو‭ ‬المفاجأة‭!‬

جلال عارف
جلال عارف

لم‭ ‬يكن‭ ‬اتفاق‭ ‬عودة‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬السعودية‭ ‬وإيران‭ ‬مفاجئا‭ ‬تماما‭.. ‬فالمفاوضات‭ ‬الجادة‭ ‬تجرى‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬منذ‭ ‬عامين،‭ ‬واستضافت‭ ‬العراق‭ ‬وسلطنة‭ ‬عمان‭ ‬جولات‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬التفاوض،‭ ‬وكانت‭ ‬التهدئة‭ ‬على‭ ‬جبهة‭ ‬اليمن‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬إيجابية‭ ‬المحادثات‭ ‬التى‭ ‬أثمرت‭ ‬أخيرا‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬المهم‭.‬

المفاجأة‭ ‬الحقيقية‭ ‬كانت‭ ‬فى‭ ‬توقيت‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬الاتفاق،‭ ‬وفى‭ ‬إعلانه‭ ‬من‭ ‬عاصمة‭ ‬الصين‭ ‬التى‭ ‬استضافت‭ ‬الجولة‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬التفاوض‭ ‬ورعت‭ ‬التوصل‭ ‬للاتفاق‭!‬

جاء‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬الاتفاق‭ ‬فى‭ ‬وقت‭ ‬تتأزم‭ ‬فيه‭ ‬قضية‭ ‬تجديد‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووى‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬ويتم‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬تخصيب‭ ‬اليورانيوم‭ ‬لديها‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬‮٨٤‬٪‭ ‬لتصبح‭ ‬أقرب‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬هدفها‭. ‬

وبينما‭ ‬تصعد‭ ‬أمريكا‭ ‬وحلفاؤها‭ ‬من‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬طهران‭ ‬وفرض‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬العقوبات‭ ‬عليها،‭ ‬تعلن‭ ‬منظمة‭ ‬الطاقة‭ ‬النووى‭ ‬الدولية‭ ‬عن‭ ‬اتفاق‭ ‬إيجابى‭ ‬مع‭ ‬طهران‭ ‬لعودة‭ ‬التفتيش‭ ‬على‭ ‬منشآتها‭ ‬النووية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفتح‭ ‬باب‭ ‬التفاوض‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬ويترك‭ ‬تهديدات‭ ‬إسرائيل‭ ‬بالحرب‭ ‬معلقة‭ ‬فى‭ ‬انتظار‭ ‬موافقة‭ ‬أو‭ ‬مشاركة‭ ‬أمريكية‭ ‬غير‭ ‬منتظرة‭!!‬

‬ويجىء‭ ‬الاتفاق‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬محاولات‭ ‬أمريكية‭ ‬للعودة‭ ‬إلى‭ ‬المنطقة‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬تظن‭ ‬أن‭ ‬أهميتها‭ ‬ستتراجع،‭ ‬فإذا‭ ‬بها‭ ‬تزداد‭ ‬أهمية‭ ‬وخطورة‭ ‬مع‭ ‬عودة‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬وتزايد‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬فى‭ ‬عالم‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬نظام‭ ‬دولى‭ ‬جديد‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تهاوى‭ ‬النظام‭ ‬الذى‭ ‬سيطر‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬منذ‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭. ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬تبدو‭ ‬أهمية‭ ‬الحضور‭ ‬الصينى‭ ‬فى‭ ‬اتفاق‭ ‬السعودية‭ ‬وإيران‭ ‬لتقول‭ ‬إنها‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬القوة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الكبرى‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬أصبحت‭ ‬لاعبا‭ ‬سياسيا‭ ‬رئيسيا‭ ‬فى‭ ‬عالم‭ ‬اليوم‭ ‬والغد،‭ ‬وأن‭ ‬محاولات‭ ‬حصارها‭ ‬لن‭ ‬تجدى‭!‬

الفرص‭ ‬متاحة‭ ‬لطى‭ ‬صفحة‭ ‬سنوات‭ ‬صعبة‭ ‬فى‭ ‬علاقات‭ ‬السعودية‭ ‬وإيران‭. ‬الطرفان‭ ‬يدركان‭ ‬حجم‭ ‬الخسارة‭ ‬التى‭ ‬لم‭ ‬تقتصر‭ ‬عليهما‭ ‬بل‭ ‬شملت‭ ‬المنطقة‭. ‬

النص‭ ‬فى‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬استقلال‭ ‬الدول‭ ‬وعدم‭ ‬التدخل‭ ‬فى‭ ‬الشئون‭ ‬الداخلية‭ ‬يفتح‭ ‬الباب‭ ‬لتطورات‭ ‬إيجابية‭ ‬فى‭ ‬أقطار‭ ‬عربية‭ ‬دفعت‭ ‬أثمانا‭ ‬باهظة‭ ‬لسنوات‭.. ‬العراق‭ ‬واليمن‭ ‬وسوريا‭ ‬ولبنان‭.‬

التحدى‭ ‬الحقيقى‭ ‬الآن‭ ‬هو‭ ‬الالتزام‭ ‬الجاد‭ ‬بالاتفاق‭ ‬واستعادة‭ ‬الثقة‭ ‬فى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬التعاون‭ ‬بديلا‭ ‬للصراع‭ ‬المدمر‭. ‬الذين‭ ‬رحبوا‭ ‬بالاتفاق‭ ‬سيدعمون‭ ‬ذلك‭.. ‬ لكن‭ ‬ماذا‭ ‬عن‭ ‬الخاسرين؟‭!‬