جارى تحميل الحلم .... وحدوه 

نرمين جودة
نرمين جودة

بدأت صناعة السينما فى مصر مع وصول مسيو بروميو مبعوث دار لوميير لتصوير بعض المناظر السينمائية فى الاسكندرية فجاء تصوير ميدان القناصل وركوب الباخرة وكوبرى النيل وشارع النحاسين وغيرهم فى عام ١٨٩٧ من اوائل الافلام السينمائية والتى يمكن ان تصنف بالافلام التسجيلية فهى تسجل واقع دون احداث درامية او خيالية من صنع صانع الفيلم وفى عام ١٩٢٣ عرض فيكتور روستو فيلمه الروائى الطويل "فى بلاد توت عنخ آمون" والذى كان يهدف لنشر تاريخ مصر والاثار الفرعونية والمناظر النيلية فى اوروبا وامريكا فقد كان الفيلم مزيج من الحقائق التاريخية الدقيقة مقدمة فى قالب درامى ولذلك يمكن القول انه اول تجربة لفيلم الديكودراما . 

كان لظهور التليفزيون دور مهم جداً فى دعم الافلام الوثائقية حيث اهتم بتخصيص مساحة لها ضمن خريطة البرامج كشكل من اشكال التثقيف خاصة للفئات التى لم تتلقى قدر كافى من التعليم ومن ثم اعتمدت على الثقافة السمعية بشكل كبير لذلك كانت هناك برامج مختصة بالافلام التسجيلية اشهرها "نادى سينما الافلام التسجيلية" و"سينما فى علب" وفى اواخر التسعينات مع انتشار الفضائيات ظهرت قنوات مهتمة بالافلام الوثائقية كالجزيرة الوثائقية وناشينوال جيوغرافيك والنيل الثقافية.

فى الايام القليلة الماضية شاهدت مجموعة من الافلام التسجيلية او بتوصيف ادق افلام الديكودراما وهى افلام مزيج من العمل الوثائقى والفعل الدرامى اخترت منهم فيلمين تجمعهم فكرة مشتركة هى الهوية المصرية . الاول فيلم "جارى تحميل الحلم" للمخرج احمد عبد العليم قاسم والذى يتناول مراحل تشييد المتحف المصرى الكبير فهو الحلم الذى ما زال تحت التنفيذ . قام الممثل هانى سمير سيف بدور الباحث المهتم بمقتنيات توت عنخ امون حيث اخذنا فى رحلة شيقة بدأت فى خان الخليلى ثم المقبرة فالمتحف المصرى بالتحرير وصولاً إلى مركز ترميم الآثار بالمتحف الكبير حيث قدم الفيلم شرح لخطوات الترميم واختلاف تلك الخطوات باختلاف المادة محل الترميم . كما استعرص الفيلم مراحل بناء المتحف الكبير وبعض التفاصيل عن التصميم الخاص بالبناء .

الثانى فيلم وحدوه للمخرجة رشا الشامى وشارك فى انتاجه اسامة الشاذلى . تناول فيلم وحدوه احد الطقوس الشعبية المصرية المتأصلة فى جذور الوجدان المصرى والذى توارثناه من الاجداد من آلاف السنين وهو طقس الدفن حيث قدم اكثر من جانب من جوانب الدفن والممات وصورة الموت عند المصرى القديم وقدسية الموت فى التاريخ المصرى القديم والاعتقاد فى البعث والحياة الاخرى وأصل فكرة الاربعين المرتبطة بعدد ايام التحنيط عند المصرى القديم حيث يستغرق تجهيز الميت والانتهاء من التحنيط والاستعداد لمراسم الدفن اربعين يوماً واستمرت فكرة الاربعين موجودة الى يومنا هذا حيث يذهب الكثير من المصريين الى المدافن لاحياء اربعين المتوفى . كذلك عرض الفيلم العديد من الحقائق من خلال المختصين فى مجال الاثار والانثربولوجيا . استخدمت فكرة الدراما فى الفيلم من خلال الاشخاص الذين قاموا بسرد الحقائق بالفيلم وهذا البعد الدرامى اضاف قيمة جمالية للفيلم . 

الجدير بالذكر ان الموسيقى فى الفيلمين لعبت دوراً هاماً فى دعم الحالة النفسية والاستجابة الجمالية من قبل المتلقى للعمل الفنى حيث ربطت المشاهد عاطفياً مع ما يعرض على الشاشة الى جانب مساعدتهم على فهم ما يروونه على الشاشة .