بيان الحكومة لا يعبر عن ظروف وأوضاع استثنائية تمر بها البلاد

لا يصح أن يرتكز بيان الحكومة أمام مجلس النواب علي منهج «ما يجب أن يكون» بدلا من طرح برنامج يستخدم لغة التخطيط وآليات التنفيذ والتمويل إلي جانب الجداول الزمنية.
مثلا.. يقول بيان الحكومة إن الاقتصاد المصري «يجب أن يكون» متنوعا وقويا، دون أن يوضح لنا الطريق الذي سوف تسلكه الحكومة لتحقيق هذا الذي «يجب أن يكون».
ولا يكتسب البيان صفة الطموح في حالات كثيرة، منها مثلا.. الإشارة إلي خفض الواردات بنسبة تتراوح بين ٣٪ و ٥٪، وهو ما يعادل ٢ مليار دولار فقط، رغم أن قيمة الواردات في عام 2015 تصل إلي ٨٠ مليار دولار بينما لا تتجاوز قيمة الصادرات غير البترولية ٢٠.٥ مليار دولار في عام 2014، وهناك سلع مستوردة بقيمة 21 مليار دولار لها مثيل محلي، ولكن يبدو أن الحكومة لا تريد حماية المنتج المحلي من المنافس الاجنبي، ولا تعلن عن وقف استيراد السلع الترفيهية والاستفزازية بالكامل، ولا تريد المساس بمصالح مستوردين كبار.
ولا توجد آليات في بيان الحكومة تكفل تحقيق معدل نمو ٦٪ خلال فترة تنفيذ برنامج - وهو ما وعدت به الحكومة- ولا توجد مؤشرات، في الظروف الحالية، تدل علي إمكانية رفع عدد السائحين إلي ١٥ مليون سائح بعد أن فقد الاقتصاد ١٤ مليار دولار من عائدات السياحة، وبعد تشريد خمسة ملايين مواطن يعملون فيها.
ثم إن الحكومة تتولي إبلاغنا بما هو معروف بشأن الزيادة المطردة للسكان بمعدل ٢.٦٪ دون أن نعرف ما هي البرامج المحددة والتفصيلية التي تراها الحكومة لتنظيم النسل.
وتفتقر الحكومة إلي الطموح أيضا عندما تقدم وعدا بمحو أمية أربعة ملايين فرد حتي نهاية العام المالي ٢٠١٧ - ٢٠١٨، وذلك بعد قرن من رفع شعار القضاء علي الأمية التي يتجاوز معدلها أكثر من ٣٠٪ من السكان. وسواء في الحديث عن منظومة التعليم أو قصور الثقافة، يبدو اهتمام الحكومة واضحا بتخفيف كثافة الفصول وزيادة عدد قصور الثقافة، مع إشارة عابرة إلي مناهج التعليم رغم أن هذه المناهج هي حجر الزاوية في محاربة التطرف الديني الذي يقود إلي ممارسة النشاط الإرهابي الذي يهدد الأمن القومي المصري.
ولا يوجد ما يشير إلي ضرورة تحويل قصور الثقافة إلي مراكز إشعاع ثقافية تنويرية تشكل قوة ضاربة في مواجهة الزحف الجاهلي.
وجاء بيان الحكومة مع وقف العمل بالضريبة علي الأرباح الرأسمالية وخفض قيمة الجنيه أمام الدولار، مما يعني إعادة توزيع الثروة لصالح حائزي الدولار،مما يؤدي إلي زيادة ثرواتهم بنسبة ١٥٪ هي نفس نسبة ارتفاع الدولار، بينما تنخفض قيمة دخل من يعيشون بالجنيه وترتفع أسعار السلع في الأسواق بنفس النسبة أيضا. كما أن القرار يزيد عجز الموازنة العامة للدولة حيث إن ٥٠٪ من غذائنا مستورد من الخارج بالعملة الصعبة . وسط ذلك كله، جاء حديث الحكومة عن «الاجراءات الصعبة والشاقة والمؤلمة التي سبق تأجيلها » ! كما لو كانت الحكومة تنذرنا، مع تحويل الدعم إلي دعم نقدي وفرض ضريبة القيمة المضافة «مما يرفع معدلات التضخم»، بزيادة الأعباء علي الفقراء ومحدودي الدخل!
كلمة السر : التنمية الصناعية