< كان النظام سيصبح فى وضع أفضل لو أنه اجتهد على الهواء مباشرة أمام عيون الناس فى قضية الحفاظ على الجزيرتين <

من الصعب القبول بالتنازل عن الجزيرتين، وسيكون صعبا أيضا (مانتكلمش فى الموضوع ده تانى)، وليس فى غضب الكثيرين إهانة لأحد. فالموضوع منذ 2011 يدور حول الكرامة وحول أن يكون للمواطن المصرى (اعتبار)، وليس للأمر علاقة بقطعة أرض كان يمكن للنظام أن يحتمى بالشعب ويلجأ له حتى لا يضطر إلى التنازل عنها، ولكن له علاقة بمصطلح شعبى اسمه ( التغفيل). وثائق تدور فى غرف مغلقة تخلص إلى نتيجة صادمة بلا مقدمات بأسباب محل جدل وخلاف.
ومع كل الاحترام للكلام القانونى والتاريخى والجغرافى (وإن كان لازال هناك بعض الشك فيه ويمكن الرد عليه بوثائق وشهادات أخرى) لا يمكن تجاهل كرامة الناس وإلا فأنتم تتحدثون بمنطق من يدير شركة مساهمة لا من يدير وطنا، ولم يكن اجتهادا موفقا أن يتم الأمر فى غفلة من الناس تفاديا للشوشرة، هذا منطق ضعيف وجعل النظام فى موضع شبهات كان عليها أن يتقيها على الأقل أمام الشعب.
كان النظام سيصبح فى وضع أفضل لو أنه اجتهد على الهواء مباشرة أمام عيون الناس فى قضية الحفاظ على الجزيرتين، ساعتها لن يهم حتى لو أن النظام خسر المعركة بالقانون وبالمستندات، لأن الأمور ستكون واضحة وسيكون النظام قد أبرئ ذمته الوظيفية ولن أقول الوطنية، لكن أن يصحو الناس على خبر لا يعرفون أصلا له فهو أمر لا يمكن تقبله بسهولة.
قبل أن تضيع الجزيرتان أضاع النظام كرامة الناس بأن يعتبر الناس قُصرا غير مؤهلين لإشراكهم فى أمور حساسة من هذه النوعية، لقد ارتكب النظام خطأ عليه أن يبذل مجهودا انتحاريا لإصلاحه لأن كثيرين يؤمنون أن الجزر حقنا، ومن يؤمن أنها ليست كذلك يقر بوجود كارثة فى إدارة الموضوع، فى الحالتين أصبح هناك أزمة ثقة.
زاد الطين بلة أن يكون كلام النظام عن تسليم الجزر مرتبطا بكلام عن مصالح ما، وهذا شعب آخر ما يفكر فيه مصلحته، هو يتغذى ويعيش على كرامته وتاريخه وهيبته وصورته أمام نفسه.
على البرلمان أن يجد مخرجا لهذا المأزق وأن يرفض الاتفاقية ويعيد الأمور إلى نقطة الصفر، خلاف على جزر بين طرفين يقدم كل طرف أوراقه ومستنداته على الهواء أمام الجميع ولنخوض المعركة علنا بما يحفظ للناس كرامتها واحترامها لنفسها، ويكتب للقضية كلمة نهاية ترضى للجميع.