أخطر الشرور أن يوجد عامل لا يجد عملاً، وهو في أشد الحاجة إليه؛ حتي يستطيع الإنفاق علي مطالب الحياة

، وقد تعددت أشكالها وتنوعت وامتد خطرها لتهدد الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتربوية؛ وتهدد بعد ذلك جميع جوانب الحياة لأي دولة.
وتنشأ مشكلة البطالة حينما ينحرف الإنسان في استغلالِ الموارد الطبيعية والبشرية فيسيءُ استخدامَ ما سخَّره الله له من نعم، وحينها ينحرف عن الفطرةِ التي خلقه الله عليها، فالإنسانُ هو سبب هذه المشكلة، ولن تحل هذه المشكلة إلاَّ من خلالهِ.
وبناءًعلي ما سبق فإن من المسئولية الوطنية ومن الواجبات الدينية جعل هذه المشكلة من الأولويات التي يجب أن نتصدي لها فهي قضيتنا وقضية ولي الأمر وقضية المجتمع بأسره.
ومن تقديرات الله لهذا المقال أن يأتي في الشهر الذي يتضمن تاريخ وفاة علم من أعلام الاقتصاد في العصر الحديث في مصر والذي لقب بـ «أبو الاقتصاد المصري»،أفاد مصر والعالم من حوله بمشروعاته الاقتصادية الكبيرة من أجل أن ينهض باقتصاد بلده ويعمل علي القضاء علي هذه المشكلة الخطيرة -أقصد مشكلة البطالة-، من خلال اهتمامه برفع المستوي الاقتصادي لبلده وتحريره من التبعات، والذي قام بعلاج هذه المشكلة، بالفعل والعمل، وليس بالقول والأمل، بل قام بوضع خريطة وطنية يهتدي بها كل اقتصادي وطني للمساهمة في إنشاء أكبر وأضخم المشروعات التي من شأنها إحداث فارق صناعي واقتصادي واجتماعي لدولته.
إنه طلعت حرب الذي مضي علي وفاته أربعة وسبعون عاماً؛ فقد توفي في الثالث عشر من شهر أغسطس عام ألف وتسعمائة وواحد أربعين، لكن اسمه محفور في قلب كل وطني،وإن شئت فقل في قلب كل اقتصادي يحب رفعة بلاده، ووطنه.
لقد أنشأ محمد طلعت حرب الهرم الرابع في مصر كما قال عنه أمير الشعراء أحمد شوقي يرحمه الله في رثائه:
ما زلتَ تَبني رُكنَ كلِّ عظيمة حتي أتيتَ برابع الأهرام
فهو مؤسس بنك مصر ومجموعة الشركات العملاقة التابعة له والتي تحمل اسم مصر.
وحتي أذكر جميع المصريين بهذا المفكر الاقتصادي المبدع، وإن كنت واثقاً ؛ بأنه لا أحد من المصريين قد نسيه، إنما أذكرهم بأهم مشروعاته حتي يكون ما أنجزه؛ دافعا لهم ليحذو كل منهم حذوه.
فهذه قائمة بالمشروعات التي أنشأها طلعت حرب أو ساهم في إنشائها:
- بنك مصر.
- شركة مصر للطباعة.
- شركة مصر لصناعة الورق.
- شركة مصر لحلج القطن.
- شركة مصر لصناعة السينما (ستديو مصر).
- الشركة المصرية العقارية.
- بنك مصر الفرنسي.
- شركة مصر للغزل والنسيج.
- شركة مصر لمصايد الأسماك.
- شركة مصر لغزل الحرير.
- شركة مصر للكتان.
- بنك مصر سوريا.
- شركة مصر للنقل والشحن.
- شركة المصنوعات المصرية.
- شركة مصر للطيران.
- شركة مصر للسياحة.
- شركة المصريون للجلود والدباغة.
- شركة مصر للمناجم والمحاجر.
- شركة مصر لصناعة وتكرير البترول.
- شركة مصر للصباغة (بالتعاون مع برادفورد).
- شركة مصر للمستحضرات الطبية والتجميل.
- ساهم في تأسيس النادي الاهلي المصري.
ولو نظرنا نظرة تأمل إلي هذه المشروعات التي أنشأها طلعت حرب أو ساهم في إنشائها لوجدناها تشمل جميع قطاعات الاقتصاد المصري أو أغلبها، ولنا أن نعلم كم يكون عدد العاملين في كل قطاع، ولذلك في عام ألف وتسعمائة وواحد وثلاثين، منحه الملك فؤاد الأول لقب صاحب السعادة كما قام ملك السعودية الراحل والمغفور له بإذن الله تعالي جلالة الملك عبد العزيز آل سعود بإهدائه كسوة باب الكعبة الشريفة وذلك في عام ألف وتسعمائة وسبعة وثلاثين، تقديراً لجهوده في إقامة المشروعات التنموية بالمملكة آنذاك؛ لقد قدم طلعت حرب أفكاره واجتهاداته والقضاء علي البطالة من خلال كتابه «علاج مصر الاقتصادي وإنشاء بنك للمصريين»وأما عن كيفية علاج هذه المشكلة فلي فيها وقفات.
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل