لم أكن يوما ما من مهاويس النادي الأهلي فقد ولدت في أجمل مدن مصر وأكثرها بهجة وبهاء وهي مدينة الإسماعيلية ولذلك فأنا من دراويش الإسماعيلي ومع ذلك كنت أجدني منجذبا إلي نجوم مصر العظام في الأهلي والزمالك ليس باعتبارهم لعيبة منافسين ولكن لانهم لاعبون مصريين أولا وأخيرا وعلي هذا الأساس جذبني حسن شحاتة ومحمود الخطيب وزيزو وحمادة إمام وعلي خليل ولو عددت النبهاء في ذلك الزمان فقد تنتهي صفحات الأخبار دون ان استكمل الاسماء وأعدد الصفات والسمات، ولكنني سوف اتوقف أمام فنان ونموذج يصلح للقياس عبر كل العصور انه نجم مصر محمود الخطيب هذا الفتي هو أعظم من تلاعب بالكورة علي البساط الأخضر ليس علي مستوي مصر ولكن في عالمنا العربي وافريقيا ومن حسن حظي انني شاهدت الخطيب في بداياته وأنا صغير السن وحرمتني رحلة المنفي أيام الرئيس السادات من أن أواصل مرحلة المتعة الكروية مع محمود الخطيب ولكن من فضل الله ان عودتنا إلي المحروسة جاءت في وقت كان الخطيب فيه هو الملك المتوج علي عرش الكورة.. أما تسريحة الخطيب فكانت ماركة مسجلة فتحول أغلب الشباب إلي تقليد تسريحة الخطيب وكانت حركاته ولمساته الساحرة هي الموسيقي الكروية التي تعزف علي أوتار قلوبنا.. ومع منتخب مصر أبلي الخطيب البلاء الأحسن كذلك أصبح لاعبا مصريا يحتل المكانة السامية في قلوب أهل مصر وكان أي مهرجان اعتزال في عالمنا العربي لا يكتمل له الفرح ولا يزينه سوي وجود هذا الخلوق محمود الخطيب. لا أذكر انني شاهدته ذات يوم قد دخل في عراك مع احد أو تعمد ايذاء زميل له في الملاعب الخضراء و نال كارتا من أي لون لم يكن نابغة كرويا فقط ولكنه نبغ ولمع وارتفع في كل مجال.. ولم اضبط محمود الخطيب ذات يوم ينضم إلي فريق من المصريين ضد فريق آخر أو يساهم في شركات تجارية اسمي أهدافها الربح وتكنيز الفلوس ولم نسمع أن محمود الخطيب مول تيارا بالفلوس أو ناصر تنظيما باللسان وهو أضعف أنواع المناصرة.. محمود الخطيب الذي عرفته كان احد أسباب بهجة شعب مصر وكان شخصا امتلك كل الأسباب لكي يتوحد حوله الناس فهو في مجال الكورة كان مثل صلاح جاهين في الكاريكاتير وعمنا أحمد رجب في «نصف كلمة» وكان كالولد الشقي في السخرية وكان مثل عمنا كامل الشناوي في الشعر كان الخطيب يحظي بحب جميع الناس واجتماعهم حول شخصه وفنه ومسلكه.. ومع شديد الاسف فإن بعض الذين تصوروا انهم ورثوا عرشه واحتلوا مكانته تبين ان ظنهم كله اثم وأنهم اصحاب موهبة صحيح ولكنها قادوا موهبتهم تماما مثل أتوبيس النقل العام الشهير الذي يعبر الكوبري لا لكي يصل إلي الجانب الآخر ولكن لكي يخبط في السور ثم ينقلب في النيل.
وأنا اتابعك ايها النبيل غير القابل للتكرار.. محمود الخطيب وأجدك اليوم تحت بقعة ضوء لا لكي تسوق لنفسك ولكن لكي تسعد الفقراء والمهمشين في بلادنا وتضفي لمسة من السعادة الساحرة كما تعودنا منك في كل بساط قديما علي الأخضر واليوم علي بساط هؤلاء الذين همشناهم وهشمناهم ثلاثين عاما البسطاء والفقراء والغلابة والمساكين لا يجدون من يحنو عليهم أو يرفق بحالهم.
واليوم أجدك أحد أصحاب القلوب الرحيمة والايادي البيضاء.. التي امتدت إلي هؤلاء لتلون حياتهم باللون المخملي.. وعليه فاسمح لي ان انحني لك ايها العزيز وبالمناسبة انا انحني لنوعين من البشر الأول لمن هم علي شاكلتك احتراما وتقديرا اما النوع الثاني.. فأنا انحني له.. بحثا عن طوبة أو زلطة أو قرص جلة.
وعلي طريقة استاذي مفيد فوزي شفاه الله وعافاه أقول لك: محمود.. كل الاحترام!!