علي رغم أنفه بأن ما جري ما هو إلا ثورة للشعب المصري عن بكرة أبيه صحيح أن ما جري لم يوافق هوي الغرب بأكمله ولكن نحن في الداخل استطعنا أن نجري التغيير وأن نتحمل الثمن

في  تاريخ هذه الأمة هناك ثلاثة وزراء للخارجية لا يمكن للذاكرة أن تنساهم وهم السيد عمرو موسي أعظم من تصدي لهذا المنصب في مصر والأمير صباح الأحمد الذي كان عميداً لوزراء الخارجية في العالم والمغفور له بإذن الله سعود الفيصل هذا الرجل الذي كان يعاني مرضا ثقيلا لا يتناسب مع مهمة أي وزير للخارجية فقد كان الشلل الرعاش يعطل لغة الكلام ويعوق الحركة ولا يخدم بالتأكيد وزيراً لخارجية دولة في حجم ومكانة المملكة العربية السعودية ومع ذلك فقد تحامل الرجل علي نفسه وبذل جهدا فوق ما تحتمله طاقته عندما تصدي لهجمة بربرية قادتها دول ترفع رايات الحرية وتنصب علينا باسم الديمقراطية.. هذه الدولة التي وقفت ضد رغبة الشعب المصري في ثورته الأكبر عندما خرجت جموع المصريين بعشرات الملايين في مشهد أذهل العالم أجمع في 30 يونيو ومن حسن طالع الشعب المصري وقادته الذين انتصروا لرغبة الشعب أن علي رأس المملكة العربية السعودية كان هناك رجل لن يجود الزمان له بمثيل وهو أعظم ملوك المملكة علي الإطلاق الراحل عبدالله بن عبدالعزيز الرجل القومي العروبي الذي حفظ وآمن بوصية الملك المؤسس الوالد عبدالعزيز وهو أن يضعوا مصر في سويداء القلوب وكان أن أصدر الملك عبدالله أوامره لوزير خارجيته بأن يتولي توضيح المسألة المصرية لقادة الاتحاد الأوروبي الذين تحولوا إلي رأس حربة في معاداة إرادة المصريين وبالفعل اتجه الدبلوماسي العربي السعودي متسلحا بخبرة السنوات الطويلة وقد عركته حوادث الحياة بما رحبت فأصبح أحد المحاورين الذين يحسب لهم ألف حساب وكانت وجهته الأولي إلي عاصمة النور باريس حيث التقي بالرئيس «أولاند» واستغرقت المباحثات ساعات طويلة خرج بعدها قصر الإليزيه لتنقلب الأحوال من النقيض إلي النقيض ويمضي سعود الفيصل وهو يحمل في جعبته كل ما توفر للمملكة من أسباب القوة مادية واقتصادية ليلقي بثقله كله من أجل أن يوفر لمصر ولقيادتها الجديدة دعما وزخما دوليا واعترافا من الغرب علي رغم أنفه بأن ما جري ما هو إلا ثورة للشعب المصري عن بكرة أبيه صحيح أن ما جري لم يوافق هوي الغرب بأكمله ولكن نحن في الداخل استطعنا أن نجري التغيير وأن نتحمل الثمن ولكن الخارج لم يكن لدينا من الأوراق ما يمكننا من الضغط فقد كانت مصالحهم تتناقض مع إرادة المصريين وكان لابد من معجزة لكي تتعدل الأحوال وتنتزع من فم الأسد اعترافا بأن إرادة المصريين هي الأبقي وسوف تظل الأقوي بمشيئة الله وهنا جاء دور هذا الرجل الذي استجمع كل ما يملك من قوة ليدفع أكبر قوة في أوروبا وهي فرنسا التي تعد مع الحليف الألماني قلب القارة العجوز ومفكرها ونجحت مساعي الرجل بفضل دعم لا محدود من الملك عبدالله بن عبدالعزيز وانتصرت إرادة المصريين وكنت أتمني من الله ولا يكثر علي الله أن نكرم الأمير سعود الفيصل في حياته بل وعلي وجه التحديد بعد أن طلب إعفاءه من منصبه لظروف صحية.. فقد زال منه المنصب ولكن بالتأكيد فعل الرجل لا يمكن أن يزول أو يطويه النسيان وإذا كان قد فاتنا أن نرد للرجل جميله وهو علي قيد الحياة فإن علينا أن نعمل جاهدين علي أن نصحح هذا الخطأ بعد أن غادر دنيانا ذلك لأن مصر لا تنسي الخيرين من أبناء هذه الأمة الذين أخلصوا لها وبادلوها أعظم المشاعر وحتي لا ينطبق علينا قول أبوالقاسم الشابي حينما قال:
الناس لا ينصفون الحي بينهم
حتي إذا ما تواري عنهم ندموا
وداعا سعود الفيصل عاشق مصر العظيم.