لا جدال أن مصداقية وأمانة أي نظام حكم مرهون دوما بمدي التزامه بالوعود والعهود، لا يمكن لأي نظام أن يحوز ثقة الشعب الذي قدر له أن يتولي شئونه إذا لم يستجب للآمال والتطلعات التي من المفروض أن تحكم التحرك نحو المستقبل. في هذا الإطار فإنه لا يمكن إنكار أن ضمان هذا المستقبل في جميع المجالات يعتمد بشكل أساسي علي إعداد وتأهيل الأجيال المتعاقبة من الشباب للعمل الخلاق المنتج في كل المجالات سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو مهنية. مثل هذه المهمة الوطنية تأتي علي رأس مسئوليات أي نظام للحكم يؤمن ويدرك اهمية كل ما يتعلق بالصالح الوطني. ليس أمرا صحيا بأي حال من الأحوال أن تتملك المسئولين عن هذا الحكم التنكر لهذا المبدأ الذي يجب أن تتأسس عليه التربية الوطنية الصحيحة إيمانا بالمثل الذي يقول »لو دامت لغيرك ما وصلت إليك«. تفعيلا لهذه الحقيقة التي قامت عليها الحياة علي مدي تاريخ البشرية فإنه لا مجال للانانية التي تؤدي إلي تغلب نزعة الانفراد بالسلطة التي لا تدوم ولا بأبواب المعرفة والتجربة التي خلقت للانتفاع بها من خلال المشاركة الإنسانية، تأكيدا لهذا الواقع الإنساني الذي يجب أن يسود لا يسعنا سوي الترحيب بمبادرة حكومة المهندس محلب الذي تجلي ايمانه بهذا المبدأ علي مدي سنوات عمره التي أمضاها في مدرسة وجامعة المقاولون العرب. هذه المؤسسة الوطنية واصلت رسالتها وفقا لهذا المبدأ في خدمة التعمير بمصر والوطن العربي منذ أسسها المرحوم المعلم عثمان أحمد عثمان «رحمه الله». تمثلت مبادرة حكومة محلب في الاقدام علي تعيين أجيال من الشباب كمعاونين للوزراء.. هذه الخطوة لا عائد من ورائها إذا لم تكن قائمة علي الاخلاص من جانب هؤلاء الوزراء علي اتاحة المسئولية للشباب في اطار خطة عمل حقيقية لاكتساب الخبرة في كل المجالات التي سيمارس فيها  مسئوليته وهي القيام بمهمة نقل الخبرة والمعرفة والتي لابد أن يتولاها من هم يؤمنون بمبدأ تعاقب الأجيال وأهمية الالتزام بهذا الفكر لصالح بناء مستقبل هذا الوطن. في نفس الوقت فإن علي العناصر الشبابية المختارة أن يكون لديها الاستعداد والرغبة المخلصة لتقبل انتقال الخبرة والمعرفة إليهم وهو الأمر الذي يحتاج إلي التواضع والسلوك الطيب المدعم بالوازع الوطني. بقي أن تنتقل الأهداف والآمال المتوقعة من وراء هذه المبادرة إلي كل القوي السياسية التي مازالت تتحاور وتتناحر حول تقسيم تورتة المشاركة في البناء السياسي للدولة المصرية.. ان علي قيادات هذه القوي أن تعمل علي نقل ما لديها من خبرة وأفكار يكون محورها الصالح الوطني إلي أجيال الشباب.. ليس من عائد صحيح يمكن أن تحققه مثل هذه المبادرة اذا لم يكن القائمون عليها من المؤمنين بالمصالح الوطنية ومتحررين من كل هوي يكون وراءه أصابع غير وطنية.