هكذا أصبح المواطن المصري يسقط صريعا، بين مجموعة مقاتلة شرسة تواجه مجموعة أخري أشرس منها في المجتمع المصري.. فبين شاطر ومشطور لا طعم له سوي المرار.. ولا لون له سوي الأسود.. ولا رائحة له إلا رائحة الحقد.. يُشوي ويُحمص لايُحمس- عقل وفكر كل مصري ومصرية.. فهناك فريقان يتنافسان بشدة وبلا رحمة ولا موضوعية، علي أرض نفس الملعب المصري، وفي نفس مساحة الحركة، وكل منهما يريد أن ينتصر بالصوت الحياني، ليصيب هدفا، أو ليضع الكرة الملتهبة في جول الآخر حتي لو اضطر غير آسف في كثير من الأحيان أن يضعها في نفسه!
والحقيقة أن المباراة تدور بلا أية قواعد محسوبة أو محترمة، علي كل الساحات وعلي اختلاف أماكنها ونوعياتها وخلفياتها ونواياها الظاهرة منها والباطنة.. وكأنما حلبات التسخين لم تعد تدري حقيقة لاعبيها المقامرين ولا هوياتهم ولا أعمارهم ولا دياناتهم، ولا مموليهم الحقيقيين ممن يمارسون المراهنة علي حقوق الشعب المصري، فيعصفون بأمنه ومقدراته ورؤيته خدمة وتكريسا لمصلحتهم الذاتية الخالصة لوجههم لا لوجه الله أو البلد..! وعلي حين يمكن للمحللين المحترفين التعرف علي رءوس الأفاعي الممارسين للعب بالنار الوطنية وفي مقدمتهم بعض رجال الأعمال السابقين الفاسدين ورجال السياسة والإعلاميين، فإن الأمر يبدو غامضا علي الملايين من المصريين في الغالب الأعم.
ومراجعة لما نعيشه في الفترة السابقة من تناقضات فاضحة، تنبئ بالكثير من الضبابية التي ستنال من وعي المواطن المصري، والذي أصبح يشعر بالفعل بالقلق البالغ من التخبط الذي يعيشه، بعد أن كان قد شعر بالأمل في التعرف علي بوصلة مستقبله من خلال - إيمانه برئيسه والتفافه حوله، والمشروعات الوطنية العملاقة التي تبدت بقوة في الأفق المستقبلي، ومن خلال سياسة خارجية ناجزة واستعادة الدور المصري الدولي والإقليمي، ومن خلال إعادة تسليح جبارة لإمكانيات وقدرات الجيش المصري إلا أن سياسة عض الأنامل التي يمارسها أصحاب المصالح اللانهائية والمتضاربة، أو العالمون ببواطن الأمور أو الجاهلون بها، أو الثوريون أو المنهزمون، أو المؤيدون أو المعارضون والتي يقصون عنها كل المسئولين والمواطنين الشرفاء.. ليفوزوا في معركة يدفعون مقابلها شرفهم.. فيخسرون هم شرفهم.. ونخسر نحن كل المصريين الوطن.
< مسك الكلام..
قولوا لنا من مع الشباب ومن ضدهم، ومن مع قانون المظاهرات ومن ضده، ومن مع الإصلاح الإداري وقانون الخدمة المدنية ومن ضده، ومن مع فرض الضرائب علي السلع التي تقهر صناعتنا ومن ضده، ومن مع قانون تنظيم الإعلام ومن ضده، ومن مع إصلاح الخطاب الديني ومن ضده، ومن مع مشروع قناة السويس الجديدة ومن ضده، ومن مع إصلاح الخطاب الديني ومن ضده.. ومن مع هذا ومن مع غيره، ومن مع مصر ومن ضدها.. أريحونا يرحمكم الله، واقتلوا الفتن في مهدها بحسم وحزم وعزم.