دخلت مبني مكتوبا علي بابه مكتب الشهر العقاري والتوثيق النموذجي لمدينة ومركز بنها وأنا اتوجس خيفة من الحكومة وموظفيها فاقعي المرارة.. المبني قريب من مديرية الأمن ومبني الرقابة الإدارية.. كان يوم السبت الخامس من مارس الجاري وتشير عقارب الساعة إلي التاسعة صباحا.. عدد من المواطنين يجلسون علي المقاعد البلاستيكية وفوق رؤوسهم مباشرة في السقف دائرة قطرها نصف المتر وقد ظهرت منها أسياخ حديدية يكسوها الصدأ، في الواجهة تجلس موظفات يتبادلن الحديث مع امرأة تجلس علي مكتب منفرد يتبين من منظرها أنها المديرة، الموظفون يتوافدون ببطء شديد علي مكان العمل والناس يتقلبون في مقاعدهم كالجالسين علي جمر النار، قاربت الساعة علي العاشرة إلا ربعا ولم يبدأ العمل وسأل الناس فقيل لهم كل الموظفين حضروا إلا رضوان، سألوا ومن رضوان؟ قالوا لهم رضوان هو الموظف المسئول عن توزيع النماذج وبه يبدأ العمل، انتظر الناس ولم يحضر رضوان فثاروا.وكان أول الغاضبين امرأة صرخت في غضب: وماذا لو لم يأت رضوان؟ خرجت لها المديرة وقد كشرت عن أنيابها وقالت ما عنديش موظفين واللي مش عاجبه قدامه مكتب الوزير..انا اللي عندي قلته، مر الوقت ثقيلا وأخيرا جاء من يقوم بعمل رضوان المتغيب، لن اتحدث عن المعاملة الجافة ولا نظرات اللامبالاة والتعالي علي الجمهور ولكن اتحدث عن طول الإجراءات العقيمة والمستفزة فهنا موظفة تبحلق في الأوراق ثم تقول اذهب إلي آخر الطرقة لتقدير الرسوم ليتفحص موظف الأوراق ثم يقول اذهب للخزينة لسداد مبلغ كذا ليعيد موظف الخزانة الأوراق ثم يقول المبلغ كذا ويستخرج ايصالا بالدفع ويعيدك إلي الموظفة لتبحلق في الأوراق وتأخذ صورا من إيصال السداد وتقول لك اطلع خارج المبني وستجد سلما من الحديد اصعده وستجد موظفة اعطها الأوراق، تبحلق الموظفة في الأوراق وتقوم بختمها بعد ان تطلب منك تصويرها في كشك خشبي بعيدا عن المبني لا تدري لمن يتبع ،وبعد ذلك تعود للموظفة الاولي فتقوم بإثبات البيانات في دفتر وتطلب منك التوقيع فيه ثم تنتهي رحلة العذاب عند المديرة التي تعيد البحلقة في الأوراق وتسألك عن الاسم هل هو سرحان بالباء ام بالنون رغم أن بطاقتك الشخصية تكون في يدها.
سيدتي المديرة رفقا بالناس الغلابة فليس مهمتهم الشكوي للوزير وليس لديهم الوقت لذلك، ويا سيدي وزير العدل مكتب التوثيق النموذجي ليس نموذجيا ويحتاج مع عشرات المكاتب مثله إلي رقابة ومتابعة، و يا سيدي محافظ القليوبية ارجوك سارع بترميم مكتب توثيق بنها المقابل لمبني مديرية الأمن قبل ان يخر سقفه علي رؤوس الغلابة.