قديما قال المتنبي.. كفي بك داء أن تري الموت شافيا.. وحسب المنايا أن يكن أمانيا، تذكرت هذا البيت من الشعر وأنا أقرأ ما كتبه الزملاء في الأخبار من سطور باكية في وداع الزميل الراحل محمد عبد المقصود مدير التحرير والذي فارق دنيانا بعد صراع طويل مع مرض حساسية الصدر ذاك المرض اللعين الذي لازمه سنوات طويلة ثم أطبق عليه في أواخر أيامه في الدنيا فجعل تنفسه صعبا وأدخله غرفة العناية بالمستشفي ليمكث فيها أياما حتي أتاه أمر الله، وعشت مع سطور الرثاء مواقف وذكريات لكل من كتب عن الفقيد الغالي كان أبرزها وأهمها ما كتبه الأستاذ ياسر رزق رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير ذاك الرجل الذي حكي بكل شجاعة وأمانة كيف كانت بدايته الصحفية علي يد الراحل محمد عبد المقصود ولم يغره منصبه الحالي وما أتاه الله من مكانة أن يتجمل أو يخجل من ذكر أن الراحل قدمه للمصادر في شرطة السياحة بل وكتب الخبر ووضع اسم الأستاذ ياسر عليه.
هذا هو ياسر رزق الذي أعرفه ويعرفه الكثيرون من أبناء أخبار اليوم صاحب مواقف نبيلة وإنسانية ليس لها حدود وأكاد أجزم أنه لا يوجد إنسان في أخبار اليوم حديث تعيين كان أو قارب سن المعاش أو تجاوزه إلا ولياسر رزق فضل عليه، هذه الحالة سيطرت عليّ وأنا جالس علي مقعد وثير في قطار الأسكندرية الفاخر في طريقي لبنها حيث بادرني راكب بجواري سائلا: حضرتك زميل لنا في الهيئة القضائية فرددت بالنفي لكنه كان فضوليا فسأل وأين تعمل إذن؟ قلت صحفي في الأخبار، فقال بالمناسبة تعرف ياسر رزق قلت نعم قال إذن اصدقني القول لماذا هو ناجح وهو صغير السن؟ وكما سمعت أنه محبوب جدا من الجميع علي مستوي العمل والدولة.
أعطيته نسخة الجريدة وأشرت إلي مقال الرثاء بقلمه وقلت اقرأ تعرف، التهم الرجل الذي علمت منه أنه مستشار يقيم في طنطا السطور وهز رأسه وأعاد الجريدة وقال عندك حق، ليس هذا موضوع المقال وإنما هي حالة لم أستطع مقاومتها وأنا أكتب المقال وكان السؤال هل الموت نعمة أم نقمة؟ راحة أم عذاب؟ ولعلي أكون قد وجدت الإجابة في حديث أبي قتادة أن النبي صلي الله عليه وسلم مرت عليه جنازة فقال «مستريح أو مستراح منه» فقال الصحابة يا رسول الله.. ما المستريح وما المستراح منه؟ فقال:»العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلي رحمة الله والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب.