عند بوابة مصر الجنوبية، وعلي ربوة عالية بمدينة اسوان تقع علي مساحة 63 الف متر مربع، تجري الاستعدادات خلال الايام القليلة القادمة لافتتاح تحفة معمارية علي الطراز النوبي تحت اسم متحف النيل، لتتوج مجهودات استمرت لمدة احدي عشرة سنة لإنشاء متحف جديد يضيف للخريطة السياحية المصرية والتراث الثقافي المصري بعدا جديدا هو بعد حوض النيل. كما يدعم قوة مصر الناعمة التي كانت احدي سمات شخصيتها التاريخية
فمصر تزخر بعدد كبير من المتاحف التي تؤرخ للحقب التاريخية المختلفة التي شهدها بلدنا علي مدار تاريخه الطويل، منها الفرعونية مثل المتحف المصري الذي تعود نشأته لعام 1835، ولدينا متحف الفن الاسلامي والمتحف القبطي ومتحف النوبة بأسوان. كما يوجد لدينا متاحف تخصصية مثل المتحف الحربي بالقلعة والمتحف الزراعي بالدقي والذي تشرف عليه وزارة الزراعة. والمتحف اليوناني الروماني بالاسكندرية ومتحف علوم البحار.
لم يشغل البعد الافريقي حيزا كافيا في الذاكرة المصرية يوازي مايمثله من اهمية في تاريخنا. فمصر لها بعدها الافريقي الذي لايقل اهمية عن البعد العربي او الاسلامي أوالقبطي.
وعندما تفقدت المتحف عام 2014 عند بداية تولي الوزارة كان اسم هذا الصرح هو متحف السد العالي وخزان أسوان، ووجدت انه من المناسب تغيير المسمي الي متحف النيل ليعبر عن توجه مصر نحو توثيق التعاون مع دول حوض النيل ويتسع الهدف من تخليد اعمال السد العالي وخزان أسوان إلي إنشاء منارة ثقافية وحضارية تسهم في تعزيز العلاقات بين أبناء النيل الواحد وليكون شعار المتحف «نهر واحد..حضارة واحدة»، في اشارة لاتخطئها عين الي التعاون والتنسيق كمبدأ اساسي مصري يسعي لصالح جميع دول الحوض.
متحف النيل يتكون من مبني رئيسي مكيف بالكامل بمسطح نصف فدان وينقسم إلي جناح اداري، ومبان ملحقة تتضمن قاعة عرض سينمائي، وغرف خدمات وكافيتريا ومبني للخدمات والانشطة. وللاستفادة من الموقع الفريد للمتحف هناك تفكير في اقامة منطقة لوجستية علي المساحة المجاورة للمتحف والتي تبلغ 20 فدانا كمرحلة ثانية، وهي تحتاج لفكر استثماري يمكن ان يستغل المنطقة لتدر دخلا يغطي نفقات المتحف ويخدم رسالته الحضارية، وفور افتتاح المتحف سيتم طرح تلك المنطقة للاستثمار بالتعاون مع الجهات المعنية .
بلغت تكلفة إنشاء المتحف وتجهيزه كمرحلة اولي حوالي 120 مليون جنيه، ويقع علي مساحة 15 فدانا للعرض المتحفي، ويضم قاعات عرض ومؤتمرات ومكتبة وقاعة كبار زوار ومكاتب إدارية، إضافة إلي عرض مكشوف يشمل منطقة مجري العيون، والمعدات المستخدمة في بناء خزان أسوان والسد العالي، ومسطحات خضراء، ويتكون المتحف من 3 طوابق، ويضم مئات الصور والمعروضات التي تحكي تاريخ النيل والمشروعات المصرية التي أقيمت عليه لترويض النهر .
يضم المتحف عددا من المقتنيات الأثرية تشمل 200 قطعة نادرة لها علاقة بهندسة الري التي تعود للقرن التاسع عشر وأتت الي مصر مع المهندسين الانجليز الذين قدموا مع الاحتلال البريطاني لمصر، وعددا من الخرائط القديمة التي تسجل رحلة
جريان نهر النيل بداية من منابعه وحتي المصب بالبحر الأبيض المتوسط، كما يحوي 63 لوحة فنية توضح أبرز ما تناوله كبار الفنانين المصريين لرحلة نهر النيل في مصر.
وتم تخصيص قاعة فسيحة لدول حوض النيل، لتقوم كل دولة بعرض مقتنيات تختارها لتعبر عن حضارتها وارتباطها بالنهر، ولتكون هناك لاول مرة قاعة واحدة تعرض حضارة النهر الفيضية علي اختلاف الشعوب التي نشأت علي جانبي النيل بدءا من منابعه برواندا وحتي مصبه علي شاطئ البحر المتوسط
كما أن هناك جزءًا كبيرًا بالمتحف مخصصا لعرض تاريخ السد العالي وتوثيق إنشائه، بالإضافة إلي تخليد الشهداء الذين قضوا نحبهم خلال بناء السد، بجانب تضمنه عرضًا لأهم المشروعات القومية التي ساهمت فيها وزارة الموارد المائية والري، بدءًا من القناطر الخيرية أيام محمد علي والي مصر العظيم وصانع نهضتها الحديثة، مرورًا بترعة السلام ومشروع توشكي، ونهاية بمشروع 4 ملايين فدان الذي أطلقه الرئيس عبد الفتاح السيسي، كما سيتم عرض أعمال الوزارة فيما يخص مكافحة السيول، وما تم إنجازه من سحارة سرابيوم، ومشروعات حماية وإنقاذ نهر النيل، وأهم الوثائق التاريخية، ومنها وثيقة اتفاقية 1959 بين مصر والسودان، ووثيقة حماية نهر النيل، التي وقع عليها الرئيس عبدالفتاح السيسي.
إن متحف النيل بمشيئة الله سيكون درة أسوان القادمة ليسجل عظمة المصريين وارتباطهم بالنهر، وأن مصر هي فعلا هبة النيل .
حفظ الله مصر وشعبها ونيلها من كل سوء