من التاريخ | ابن الزكي .. قاضي السلطان صلاح الدين الأيوبي

الدكتور عبد المقصود باشا
الدكتور عبد المقصود باشا

حافظ محمدى

هو من بيت القضاء والحشمة، والعلم والأصالة، كان حسن اللفظ والخط، فطنا ذكيا، صاحب علم وفراسة، ويتصف بالأمانة العلمية، ومما زاده شرفا أنه شهد فتح القدس مع السلطان صلاح الدين الأيوبي، وكان عمره يومئذ 33 عاما، هو القاضي محيى الدين بن الزكي، ابن قاضى القضاة زكي الدين أبى الحسن، ولد  سنة خمسين وخمسمائة هـ.

 

عنه يقول الدكتور عبد المقصود باشا أستاذ التاريخ الإسلامى بجامعة الأزهر الشريف: إنه لما فتح السلطان صلاح الدين الأيوبى مدينة حلب سنة تسع وسبعين وخمسمائة أنشده القاضى محيى الدين قصيدة بائية جاء فيها:


وفتحك القلعة الشهباء فى صفر .. مبشر بفتوح القدس فى رجب 


فكان فتح القدس كما قال، وعندما قيل له من أين لك ذلك؟ قال: أخذته من تفسير ابن برجان فى قوله تعالى «الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِى أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِى بِضْعِ سِنِينَ»، كان ذلك قبل تحرير الأقصى بأربع سنين.


يضيف باشا قائلا: تولى ابن الزكى قضاء دمشق وأضيف إليه قضاء حلب أيضا، وهو أول من خطب بالقدس لما فتح، وذكر ابن كثير أن ابن الزكى كان له درس فى التفسير، ومن أهم ما أُثر عنه فى حياته العلمية والقضائية «خطبة التحرير» وهى خطبة الجمعة، تلك الخطبة التى أعيد بها افتتاح المسجد الأقصى على يد صلاح الدين رحمه الله، ولم يكن ابن الزكى مستعدا لتلك الخطبة، وقد أذن المؤذن وجاءت رسالة السلطان أن يخطب ابن الزكى الجمعة ويصلى بالناس، وهو مقام صعب، حيث اجتمع من أهل الإسلام ما لا يقع لهم إحصاء، وامتلأت ساحات المسجد وصحونه بالخلائق.

 

واختتم قائلا: "واستعبرت العيون من شدة الفرح، وخشعت الأصوات، ووجلت القلوب، وأخذ الناس لذلك الموقف أهبته، وحان وقت الخطبة، وقام ابن الزكى وصعد المنبر وخطب فى هذا الحشد العظيم، توفى فى دمشق سنة ثمان وتسعين وخمسمائة وعمره ثمان وأربعين عاما".