عندما تدخل رئيس الجمهورية لإنهاء اعتصام «درية شفيق» بنقابة الصحفيين

الناشطة درية شفيق لحظة اعتصامها وإضرابها بنقابة الصحفيين
الناشطة درية شفيق لحظة اعتصامها وإضرابها بنقابة الصحفيين

عندما تبين للمناضلة النسوية درية شفيق تغييب المرأة عن لجنة إعداد دستور ما بعد ثورة يوليو 1952، ذهبت إلى نقابة الصحافيين صباح 12 مارس 1954 لتعلن اعتصامها وإضرابها عن الطعام، وانضم إليها ثمانى سيدات، ونجح الرئيس محمد نجيب فى إيقاف الإعتصام بوعد منه بأن الدستور المقبل سيضمن حقوق المرأة بالترشح والانتخاب، وقد سبق اعتصام درية شفيق وإضرابها عن الطعام مسيرة نضال طويلة قامت بها الناشطات فى مجال الدفاع عن المرأة، وبدأت بخروج المرأة للتصدى لقوات الحملة الفرنسية 1798، ومشاركة المرأة المصرية فى الاحتجاجات التى عُرِفت باسم  ثورة القاهرة الثانية عام 1801، تلتها المشاركة فى الحراك النسوى خلال ثورة عرابى 1881، وانضممن إلى المظاهرات التى أدت إلى الإطاحة بالوالى العثمانى خورشيد باشا عام 1805، ومشاركتهن فى ثورة 1919 بمظاهرات منظمة ضد الاحتلال البريطانى.

فى عام 1922 تشكلت لجنة إعداد دستور 1923، برئاسة حسين رشدى باشا، وضمت اللجنة ثلاثين عضوًا من الذكور، فاحتجت الكاتبة منيرة ثابت فى عدد من المقالات هاجمت فيها غياب تمثيل المرأة فى لجنة الإعداد للدستور، معربةً عن قلقها من تبعات ذلك على حقوق النساء السياسية، وأصدرت لجنة حزب الوفد المركزية للسيدات بيانًا شديد اللهجة يهاجم اللجنة والدستور الذى لم ينص على حق النساء فى الانتخاب، ولهذا أسست الناشطة هدى شعراوى فى مارس 1923 جمعية "الاتحاد النسائى المصرى" للسعى لها بكل الوسائل المشروعة كى تنال المرأة حقوقها السياسية والاجتماعية، وبعد شهر من تأسيس الاتحاد، صدر قانون الانتخاب لسنة 1923، بدون أن ينص على حقوق للمرأة، وتمخضت الانتخابات عام 1924 عن فوز حزب الوفد برئاسة سعد زغلول، وافتتح البرلمان جلساته فى ظل غضب نسوى عبّرت عنه هدى شعراوى فى خطاب وجهته إلى سعد باشا زغلول، انتقدت فيه دعوة الأجنبيات لحضور حفل الافتتاح، بينما لم تتلق امرأة مصرية دعوة لحضور الحفل. وكتبت منيرة ثابت مقالاً شديد اللهجة بجريدة الأهرام بعنوان "النساء وحفلة البرلمان" انتقدت فيه تعمد إغفال حق النساء فى الانتخاب والترشح معًا، إلى أن صدر قانون الانتخاب عام 1935 ليحبط الحركة النسوية مجددًا بالإصرارعلى حرمان النساء من حقوقهن السياسية، ووقفت أغلبية النواب ضد تعديل القانون بالمساوة بين الجنسين، وفى نفس العام أسست فاطمة نعمت راشد أول حزب سياسى باسم "الحزب النسائى الوطنى" لتمكين المرأة من حقها فى عضوية مجلس النواب، وجاءت درية شفيق لتؤسس عام 1949 "اتحاد بنت النيل" للمطالبة بحقوق النساء فى الانتخاب والترشح للمجالس النيابية، وواصلت النضال فعقدت عام 1951 مؤتمرًا فى الجامعة الأمريكية طالبت خلاله بإنهاء حرمان المرأة من حقوقها السياسية، وخرج من المؤتمر 1500 امرأة بقيادة درية شفيق إلى البرلمان للإعلان عن احتجاجهن، وتلقت درية شفيق وعداً من رئيس المجلس بالنظر فى حقوق المرأة سياسياً، لكن درية شفيق فوجئت صبيحة اليوم التالى باستدعائها للتحقيق الذى انتهى بالحفظ، فصعدت من احتجاجها وقررت عام 1952 الترشح فى الانتخابات البرلمانية هى و10 من نساء جمعية "الاتحاد النسائى المصرى" لكن لجنة الانتخابات رفضت الاستجابة لهن بدعوى أن طلبهن يتعارض مع القانون، فتقدمت فى نفس العام بإخطار لوزير الداخلية بتحويل "اتحاد بنت النيل" إلى حزب سياسى، لكن قرار حل الأحزاب فى يناير 1953، قضى على نشاط الحزب، إلى أن ذهبت صباح 12 مارس 1954 لتعلن اعتصامها بنقابة الصحفيين وإضرابها عن الطعام، احتجاجًا على تغييب النساء عن لجنة إعداد دستور ما بعد ثورة يوليو 1952، وجاء دستور 1956 مُمهِدًا لحق النساء فى الترشح والانتخاب، وتأكد الحق مع صدور قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم 73 لسنة 1956، وتكللت مسيرة النضال فى عام 1957 بدخول المرأة البرلمان بفوز مرشحتين هما: "راوية عطية"، و"أمينة شكرى"، وكان من بين المرشحات الناشطة سيزا نبراوى رئيسة "الاتحاد النسائى المصرى" التى قالت بعد خسارتها إن الانتخابات تم تزويرها لحساب الإذاعى أحمد سعيد بتعمد منع من أنابتهم عنها لمراقبة التصويت وفرز النتائج.

من‭ ‬مذكرات‭ ‬انجى‭ ‬افلاطون