عندنا في بر مصر المحروسة كل شيء وعكسه.. الشوارع التي يتم رصفها مرتين في السنة، الشوارع التي لم يمر عليها المحافظ منذ أكثر من أربعين سنة.. شوارع مظلمة «كحل»، وأخري منورة كالفرح، فواتير كهرباء للمنازل بالآلاف، وأخري لاتتعدي عشرة جنيهات.. سيارات فارهة، وأخري مر عليها خمسون سنة وأكثر..اشارات مرور إليكترونية، وأخري مكسورة ومظلمة.. رصيف عال لايستطيع أحد الصعود عليه، وآخر بلا رصيف والسيارات «تركن» فوقه.. فواتير غاز تفوق المائة وأخري ٨ جنيهات.. مصالح حكومية محترمة، وأخري لا تستطيع السير بجانبها.. مساجد فاخرة «٥ نجوم» وأخري تنطلق من حماماتها روائح كريهة.. حتي الطقس أصبح يوم حر نار.. وآخر برد ثلج. والقاهرة نفسها في الصباح شكل صعب علي أي مصري، وبالليل هي أجمل المدن.
أما إذا حاولت معرفة الأسباب، وإيجاد الحلول فإنك ستصدم بتبريرات المسئولين المتناقضة أيضا، فالتصريحات شيء، والأفعال شيء آخر.
ولأن تلك أصبحت عاداتنا أو سياساتنا فإن المصريين أصبحوا هم أيضا يحملون هذا التناقض، ولايبحثون علي تقليل الهوة بين الشيء ونقيضه.
مثلا مشكلة التاكسي الأبيض، وشركات التاكسي النظيفة، الملتزمة بالتسعيرة.
ومثال آخر للشيء ونقيضه، فالتليفزيون المصري يشكو دائما من سطوة الفضائيات علي الإعلانات، والنجوم التي تفضلها أكثر من تليفزيون الدولة، ويحاول جاهدا أن يلصق فشله وتقاعسه بالفضائيات «القنوات الخاصة»، ولم يفكر تليفزون الدولة في تطوير نفسه، ومذيعيه ومذيعاته، ومعديه، وشكل ومضمون ما يقدمه فقط.. القنوات الخاصة «الفضائيات» ووجودها علي الساحة الإعلامية هي التي تؤثر سلبا علي التليفزيون المصري أما المرأة والرجل فقد أصبح الصراع بينهما مثيراً للضحك، فمازالت المرأة تطالب بالمساواة، رغم ما حققته من مكاسب فأصبحت وزيرة، وعضو مجلس نواب، وقاضية، ووكيل نيابة، ورئيس منظمة.. إلا أنها دائما تقول أن الرجل يقف في طريقها، وبالرغم من أن هذا يحدث بالفعل في بعض المجالات وبعض المؤسسات، إلا أن عمل المرأة وتفوقها وحدها هو الذي يؤهلها لنيل المناصب، وإخفاقها لايرجع للرجل.
أما الرجل فقد أصبح يبحث الآن عن المساواة بالمرأة في مظهر كوميدي ساخر، يحاول بعض رجال مصر الاحتفال بيوم الرجل المصري مثلما يتم الاحتفال بيوم المرأة العالمي، ولايحاولون معرفة سبب تميز المرأة عنهم، والأسباب بالطبع كثيرة..