شهيد معركة الشط الرائد محمد زرد.. جمع بين الحسنيين «النصر والشهادة»

شهيد معركة الشط الرائد محمد زرد، استشهد هذا البطل يوم الثامن من شهر أكتوبر عام 1973 و كان يبلغ من العمر ثلاثون عاماً تزوج و ترك طفلاً لم يتجاوز عمره شهرين في يوم استشهاده حيث بلغ من العمر حالياً 41 عاماً ، كما ترك زوجة شابة لم يتعدي عمرها ذلك الوقت الثانية و العشرين من عمرها تاركاً أيضا بطولة فذة شهد لها التاريخ العسكري المصري .


ولد البطل في الحادي و الثلاثين من شهر أكتوبر عام 1943 بقرية (تفهنا العزب ) مركز السنطة بمحافظه الغربية .


تخرج من الكلية الحربية عام 1966 قبل حرب يونيو 1967 بعدة أشهر حيث سافر مع وحدته التي التحق بها إلي اليمن وقاتل بين وديانها و فوق جبالها تدعيما للثورة اليمنية في ذلك الوقت، وبمجرد عودته من مسرح اليمن مع وحدته شارك في معارك حرب الاستنزاف سواء بالتراشق بالنيران أو عبوره للقناة ضمن مجموعات إغارات و كمائن  ضد مواقع العدو شرقاً .


شارك في البرامج التدريبية المكثفة و الراقية التي تمت قبل حرب أكتوبر 73 و ظهرت كفاءته و ابتكاراته الخلاقة أثناء تنفيذ المشروعات و المناورات التدريبية المتقدمة و نتيجة لذلك حصل أثناءها علي نوط التدريب من الطبقة الأولي كما حصل أيضا علي نوط الشجاعة من الطبقة الأولي إضافة إلي حصوله علي وسام نجمة سيناء في حرب أكتوبر 73 وهو أعلى وسام عسكري في الدولة نتيجة لشجاعته الفائقة وتضحياته التي قدمها حتى نال الشهادة في سبيل الله و الوطن .


بطولة لا تنسي واقعة استشهاد محمد محمد الزرد ، حيث قامت القوات الإسرائيلية بإنشاء خط بارليف شرقاً علي طول جهة قناة السويس و أقام به 22 موقعاً حصيناً كانت إحداها هي نقطة موقع الشط عند علامة الكيلومتر 149 ترقيم قناة والتي كانت تسيطر علي محور مثلا الحيوي كما تتحكم في محور الإمداد الرئيسي الموصل لقوات العدو في مواقع عيون موسي و كان موقع قطاع الشط الحصين يتكون من دشم خرسانية منيعة و ملاجئ وخنادق مواصلات ومواقع مدفعية وهاونات و مزاغل نيران داخل الدشم الخرسانية تسيطر بالنيران علي أي محاولات لعبور قناة السويس كما كان موقع الشط مجهزاً بمصاطب للدبابات ومواقع للصواريخ و محاط بموانع الألغام والأسلاك والشراك الخداعة.


وقد جهز العدو خطة نيران منسقة وتتعاون مع النقاط القوية والحصينة المجاورة بنيران متشابكة لا تترك ثغرة للمرور من خلالها وفي الساعة الثانية بعد ظهر اليوم في السادس من أكتوبر 73 انطلقت الطائرات المصرية لتشق عنان السماء في سيناء الحبيبة أعقبها مباشرة نيران المدفعية والتي انطلقت من 2000 قطعة مدفعية أعيرة مختلفة لتصب جحيم نيرانية أو حممها الملتهبة ضد تجميعات العدو ونقاطها الحصينة شرق القناة ومع صيحات النصر "الله اكبر الله اكبر" اندفعت موجات الرجال لتقتحم قناة السويس وتعبر الضفة الشرقية ومعها بطلنا بين رجاله لتنفيذ المهمة المكلف بها وهي تدمير موقع العدو الحصين في النقطة 149 وهي نفس اللحظة التي طالما انطلقت منها نيران العدو لتصب حقدها ضد أهالي مدينة السويس و القرى المجاورة لتفتك بالأطفال والنساء والشيوخ من أهل المدينة الباسلة أثناء مراحل حرب الاستنزاف .


اندفع البطل محمد زرد مع رجالها البواسل  لتنفيذ مهمة الاستيلاء علي مواقع العدو الحصينة في النقطة 149 وتدمير قوات العدو بها وأسر أفراده، قرر البطل اقتحام الموقع بثلاث مجموعات تحت ستر مجموعات ساترة من الأجناب والخلف و ما هي إلا دقائق قليلة نجح بعدها الرجال في فتح الثغرات في موانع الأسلاك والألغام المحيطة بالنقطة الحصينة ثم قام الرجال بالهجوم يتقدمهم البطل إلا أنه تحت ضغط نيران العدو يتوقف الهجوم فتثبت القوات علي الخطوط التي وصلت إليها ثم يحل الظلام و يتم إخلاء الجرحى والإمداد بالذخائر .


واعتباراً من أول ضوء فجر اليوم الثاني 7 أكتوبر يستأنف الرجال هجومهم من جديد علي مواقع العدو الحصينة وعندما شعر العدو بشراسة القتال وازدياد خسائره تتدخل قواته الجوية ثم تتقدم الدبابات المعادية لمهاجمة قوة البطل بهدف فك الحصار الذي نجح في ضربه حول النقطة فيصمد البطل و رجاله في مواقعهم وتفشل قوة العدو أمام إصرارهم وعزمهم الشديد في إسقاطه وتدميره .


وقرر الشهيد "زرد" إدخال بعض التعديلات في قراره لمتابعة الهجوم واقتحام الموقع بحيث يتم اقتحامه من الخلف أي من الشرق وأيضا من الأجناب بحيث يتم تنفيذ هجوم خداعي من الأمام .


وفي الساعة الثامنة من صباح يوم 8 أكتوبر يتقدم البطل محمد زرد ورجاله وقد امتلأت نفوسهم بالعزيمة والإصرار علي تدمير الهدف حيث دارت معارك شرسة كما دار قتال متلاحق بداخل المواقع إلي أن وقع بصر البطل علي احدي فتحات التهوية بالموقع الحصين فاندفع إليها في جرأة خارقة وإذا بدأ يدخل فيها بجسده ليهبط منها إلى داخل النقطة الحصينة ومن خلفه اندفع رجاله مجموعة الاقتحام البواسل وتنطلق النيران الغزيرة من سلاحه ومن أسلحة رجاله لتحصد جنود العدو وعندما نفذت ذخيرته اشتبك معهم بالسلاح الأبيض وفى قتال جرئ ومتلاحم ويسقط الموقع الحصين ويستسلم من بقى فيه حيا من أفراد العدو لرجالنا الأبطال .
 
وفى الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم 8 أكتوبر وبعد قتال استمر لأكثر من 7 ساعات متواصلة ترتفع صيحات الرجال بصيحة الحق : الله اكبر الله اكبر لتنطلق عبر الأثير من جهاز إرسال العدو الذي قتل حامله قبل أن يغلق لتصل إلى القيادة الإسرائيلية وتعلن انهيار واستسلام أهم قلاعها الحصينة في خط بارليف واستسلام الأحياء منهم ويرتفع علم مصر على الموقع الحصين بينما كان بطلنا يضع يده على بطنه المصاب بإصابات فادحة وابتسامة الرضا تعلو ملامح وجهه الطاهر البرئ بعد أن جمع بين الحسنين: النصر والشهادة معاً .