ساعة من العذاب في قطار "الفيوم – الواسطى"

>> المزلقانات "محلك سر"
القطار الحيوي الذي يخدم آلاف المواطنين وسائل الأمان به شبه منعدمة
>> الأهالي نضطر إلى استقلاله لأنه الوسيلة الوحيدة للوصول
  
فور أن تتوجه إلى محطة قطار الفيوم لاستقلال القطار الذي تريده تشاهد التجديدات التي تتم في المحطة بانبهار وكأنك تدخل في محطة قطار ليست في مصر فهي أشبه بذلك، وعندما تقوم بقطع التذكرة تفاجئ بانخفاض سعرها بشكل كبير فهل أقل من سعر المواصلات العادية خاصة وأنك تقطع في القطار مسافة ساعة زمنية للوصول من الفيوم إلى الواسطى بجنيه ونصف فقط،.


كما يزيد انبهارك فور مشاهدتك لرجال الشرطة المتواجدين والذين يقومون بتفتيش الركاب بطريقة محترمة تضع شنطتك على الجهاز، وتمر في أمان، فأنت الآن أصبحت تنتظر في استراحة المحطة لتستقل القطار وتملأ عيناك الفرحة بالتغيير الذي حدث واستخدام التكنولوجيا في التفتيش وتطوير المحطة الرئيسية ودهانها، وفجأة يأتي القطار من بعيد تشاهده ينتابك شعور غريب يملأه البهجة.


وفور أن يصبح في مرمى بصرك تحمد الله على وصوله في موعده المحدد الساعة واحدة إلا عشر دقائق ظهرًا، ويزيد انبهارك للدقة في المواعيد، وتذهب لتستقله وتبدأ الرحلة بعدما دقت عقارب الساعة لتعلن عن انطلاقه في الواحدة ظهرًا بالتمام والكمال غير مصدق لما تشاهده وكأنك في حلم وتتساءل هل تغير كل شيء في وقت قياسي وأثناء تفكيرك وعند موعد بدأ الرحلة وتحرك القطار وزيادة سرعته شيئا فشئيا يتحول الحلم الجميل إلى واقع مرير، تُحمله تارة للإهمال وتارة أخرى لسلوك المواطنين، فالجميع متساو فيما شاهدته في القطار على مدار ساعتي الرحلة ذهابًا وإيابًا.
 
أسعار التذاكر
إذا أردت أن تقطع تذكرة من شباك التذاكر فالسعر هنا مختلف عما إذا قطعتها من الكمسري داخل القطار سعر التذكرة من الفيوم إلى الواسطى 1.50 قرشًا، وفى حالة قطعها من الكمسري تكون سعرها 2.25 قرشًا وهى غرامة قانونية لعدم قطع التذاكر من الشباك الرئيسي تسمى "تطويق".


وفى حالة نزولك إلى أحد المحطات خلال الرحلة وهم محطات العدوة وسيلا والناصرية وبلوك الناصرية ومحطة الروس ومحطة الورش ومحطة كوم أو راضى تدفع من داخل القطار 175 قرشًا وهو ما اعتبره الركاب أمرًا عاديًا ويوفر أكثر من استقلال المواصلات المرهقة.
 
بداية الرحلة
جلست على مقعد القطار وهو أشبه بالصاج الحديدي، تكوينه يعطيك إحساسًا بأنه مريح عندما تجلس عليه، ولكنك تقول في قراره نفسك لو كان يشبه مقعد المترو لكان أفضل، ولكن فى المجمل بما أنه مقعد القطار العادي فهو يؤدى إلى الغرض الذي أقيم من أجله، وبدأت أتفقد عربات القطار ووجدت عجب العجاب؛ القطار بحالة جيدة ولكنه يفتقد إلى كل وسائل الأمن والسلامة، في مجمله وسيلة مريحة ولكن يد الإهمال طالته وسلوك بعض المواطنين أيضًا.


ففور تحرك القطار كل أبوابه مفتوحة على مصرعيها، بالإضافة إلى أن نوافذه بدون زجاج وطوال الرحلة تسمع صوت القضبان الحديدية تكاد أن تفقد أذنيك لا صوت يعلو فوق صوته من المستحيل أن تتمكن من إجراء مكالمة هاتفية وتسمع من تهاتفه، وتتحدث إلى من يجالسك بصعوبة بالغة، ولكن كعادة المصريين ومقولتهم الشهيرة "الجيش بيقولك أتصرف" تجد الشباب يضعون سماعات الأذن ويستمعون إلى الأغاني الصاخبة للتغلب على الصوت المزعج الفتاك وهم يقولون "قضى أخف من قضى".
 
التعارف
تفقدت عربات القطار وعددها 6 عربات، بالإضافة إلى كابينة السائق وجلست إلى جوار شاب يدعى حسين إبراهيم يعمل في المستلزمات الطبية وعرفت منه أنه يستقل القطار 3 مرات شهريًا من الفيوم إلى الواسطى في رحلته التى من المفترض أن تستغرق 50 دقيقة ولكن في بعض الأوقات تصل إلى ساعة ونصف وقال القطار وسيلة أمان ولكن يفتقد إلى الاهتمام فالأبواب دائما مفتوحة والشبابيك تم تحطيم زجاجها من قبل بعض الصبية الذين يلقون الحجارة والطوب فور مرور القطار من أمامهم وأنا كنت شاهد على عدد من الوقائع وكدت في مرة أن أتعرض لضربة قوية في رأسي بعدما ألقى طفل حجر كبير أسقط زجاج القطار وكاد أن يسقط رأسي لولا ستر الله، وقال أن القطار يحتاج إلى نظافة وتغيير المقاعد مثل مقاعد المترو وليس هناك ما يمنع من زيادة سعر التذكرة مقابل تحسين الخدمة المقدمة.
 
مفيش شرطة
انتقلت إلى راكب أخر يجلس على مقعد منفردًا يرتدى جلبابه يبدو أنه من الصعيد، اقتربت منه وسألته عن اسمه فقال سعد شكري فيصل 31 سنة "فلاح" من مركز العدوة بمحافظة المنيا، وقال أن القطار وسيلة مريحة بالنسبة له ومن غيره "بتشحطط" في المواصلات لكن يحتاج إلى وجود أفراد من الشرطة طوال الرحلة لأنه يحدث كثير من المشاجرات التي يكون أبطالها طلبة وطالبات بعدما يتحرك القطار يخلو من أفراد الشرطة وهنا تحدث المشاكل وكثيرًا ما نسيطر عليها نحن الركاب ولذلك فإن الطلاب يعتبرونه ملاذ لمعاكساتهم للفتيات ولولا تصدينا لهم لحدثت مصائب، بالإضافة إلى الصوت العالي الذي يصم الآذان نتيجة ترك الأبواب والشبابيك مفتوحة بعد تحطيم الزجاج، بالإضافة إلى أن القطار يوجد به حمامات غير آدمية ولا يتم استخدامها وهو ما يعتبر مشكلة كبرى تواجهنا في سفرنا الذي يستغرق ساعات.
 
الانتظام في المواعيد
يرتدى جلبابًا ويضع فوق رأسه طاقية بيضاء ويجلس مستمتعًا برحلته التي تستغرق 15 دقيقة ليصل من الفيوم إلى العامرية له رأى مغاير فهو يرى أن مستوى الخدمات في القطار أفضل من السابق ولكنه يحتاج إلى اهتمام فى الأبواب والشبابيك والحمامات، والأهم من ذلك الانتظام في المواعيد الذي يراه عم نشأت مصطفى خالد "بالمعاش" أحد أهم الأشياء على الإطلاق خاصة بالنسبة لقطار الثامنة صباحًا والذي يرتاده الموظفين والطلاب فعندما يتأخر تحدث مشاكل كبيرة، وأنا استقل القطار منذ عام 1971 وهو مريح وأرحم من سيارات الأجرة الصندوق وأرخص.
 
في الشتا اللي بيركب بيموت من البرد!
بهذه العبارة بدأ جمال على محمد "موظف" كلماته لي "يا بيه اللي بيركب في الشتا بيموت من البرد" الشبابيك مفتوحة على مصرعيها والأبواب أيضًا وأعانى معاناة كبيرة أثناء استقلالي القطار من الفيوم إلى محطة الناصرية مسقط رأسى، بالإضافة إلى أن الحمامات سيئة ولا تعمل وكل ما نحتاجه هو فقط الاهتمام البسيط، بالإضافة إلى تغيير سلوك المواطن الذي يجلس ويرمى قمامته داخل القطار.


كما أن الركاب يقومون بتدخين السجائر على الرغم من منع التدخين في القطار بسبب عدم وجود رقابة ولا أمن طوال الرحلة من الفيوم إلى الواسطى، ولو تم الاهتمام بهذه النقاط البسيطة فتأكد أن القطار هو أفضل وسيلة من الممكن أن تستقلها في حياتك.
 
دخن سيجارتك عادى!
داخل القطار تنعدم الرقابة فور تحركه فمن الممكن أن تفعل ما يحلو لك دون أن تجد من يردعك فالتدخين على الرغم من منعه داخل القطار إلا أن معظم المواطنين يدخنون بطريقة طبيعية للغاية وترى البعض منهم يضع قدميه فوق المقاعد والبعض الآخر يقوم بتقشير اللب وإلقاء القشر على الأرض في سلوك غير حضاري انتقده العديد من الركاب ومنهم فتحي محمود سيد 67 سنة "بالمعاش" من قرية الناصرية قائلا "هاتقول لمين يا ابني هو حد بيسمع لحد ده انا راجل كبير ولو قلت لواحد متدخنش ممكن يشتمنى احنا عايزين بس عسكري فى القطر يعمل محاضر ضد المخالفين وتطوير شوية في البيبان والشبابيك ونقفلهم لما القطر يطلع علشان الصوت العالي ومش عايزين حاجة ثانية خالص".
 
من الممكن أن توقف القطار!
فجر عبد القوى مصطفى عبد القوى صاحب الـ 54 عامًا ابن قرية العدوة وهو البائع الوحيد الذى يستقل القطار طوال رحلته من الفيوم إلى الواسطى، مفاجأة كبرى حينما أكد لنا أن الطلاب الذين يستقلون القطار يقومون بالضغط على العلبة الصغيرة الموجودة فى كل عربة قطار وبها "الفرامل" مما يتسبب فى توقف القطار لمدة 5 دقائق وهو ما يعرض حياة المواطنين للخطر المحقق، مشيرًا إلى أنه من الممكن أن يحدث تصادم للقطارات بسبب ما أسماه "هزار الطلبة" والذين قاموا بتكسير زجاج كل الصناديق الصغيرة الخاصة بالفرامل فى العربات ومن ثم يضغطون عليها فيتوقف القطار دون أن يجدوا من يردعهم، لافتا إلى أنه يبيع اللب والبسكوت والعسلية منذ أن كان عمره 10 سنوات ويستقل قطار الفيوم الواسطى منذ هذا التاريخ يوميًا ويرى بعينه مشاكل الطلاب مع الفتيات والمعاكسات دون رادع بسبب عدم تواجد أفراد الشرطة داخل القطار.
 
نام براحتك!
في القطار إذا تمكنت من التغلب على مشاكل فتح الأبواب والشبابيك فيمكنك أن تنام براحتك، كما تشاء ولكن هنا النوم يأتي من طريق آخر إذ أن معظم مستقلى القطار من الطلاب والموظفين والبائعين فتجد بعضهم ممن يقوم في ساعات الصباح الأولى يعود منهكًا فيضطر إلى النوم في القطار من التعب والإرهاق وهو ما حدث مع العديد خاصة من البائعات ومنهم الحاجة جميلة والتي ألقت بجثمانها فوق كرسي القطار مستغرقة في النوم من التعب والإرهاق.


وقالت أقوم مع دقات الساعة الرابعة صباحًا من قريتى بنى صالح بمدينة الفيوم واستقل سيارة أجرة حتى الفيوم ببضاعتى من الخضروات واستقل القطار إلى الواسطى لأبيعه هناك وأعود مع دقات السادسة مساء كل يوم وهو ما يعتبر أمر شاق ولكن "أكل العيش" والقطار وسيلتى للراحة عندما يكون خاليًا أخلد إلى النوم لمدة ساعة حتى أصل إلى الفيوم وهو وسيلة مريحة ويحتاج فقط إلى بعض الأمور العادية حتى يكون مريح للغاية.
 
كل رقاق
أكل الرقاق داخل القطار هو ما قامت به ثنيه عبد ربه 48 سنة ونجلتها زينب حيث استخرجت من "السبت" الذي بحوزتها رقاق وأعطت لنجلتها لتأكل حتى تتغلب على صوت القطار المزعج قائلة "المشكلة أن مفيش مياه ولا كهربا ولا حمامات في القطر لو دول وفروهم وقفلوا البيبان والشبابيك هايبقى زى الفل".  
 
حالة المزلقانات "محلك سر"
قال أحد نظار المحطات بالفيوم والذي فضل عدم ذكر اسمه أن أخر لجنة تم تشكيلها لدراسة وضع المزلقانات كانت فى عهد المهندس أحمد على أحمد محافظ الفيوم الأسبق، وشكل وقتها لجنة ضمت مجموعة من المتخصصين لإعداد تقرير عن حالة المزلقانات بالمحافظة لتحديد مدى خطورتها وأن هيئة السكة الحديد أعدت خطة لتطوير 11 مزلقانًا بالمناطق السكنية كثيفة السكان والتى يخترقها شريط  القطار بشكل متكرر ويومي.
 
وأضاف أن التقرير أكد  أن مزلقان منطقة مضرب الأرز القريب من  قسم شرطة الفيوم ومجمع عمارات المعلمين والزراعيين والتجاريين ومطاحن مصر الوسطى ومبنى شركة الفيوم لمياه الشرب والصرف الصحي وشركة كهرباء مصر الوسطى ومنطقة الألعاب الأولمبية، بدون بوابة لغلق المزلقان لحظة مرور القطار والهيئة تستخدم سلسلة فقط ، والإضاءة تكاد تكون منعدمة  تمامًا والجرس ضعيف والثانى يعانى من خلل فنى  ولا توجد أى علامات فسفورية، وكذلك مزلقان الزملوطى " 2 " بدون إضاءة وأجراس وبدون حاجز للمزلقان أو علامات تحذيرية، بالإضافة إلى مزلقان العامرية لا توجد حجرة للعامل ولا حواجز لطريق محطة قطار العامرية ويحتاج إلى دراسة لعمل مزلقان أخر قبل المحطة وتوسعة كوبري بحر المصلوب .
 
وشددت اللجنة على ضرورة أن مزلقانات العدوة الغربي والعدوة الشرقي، وسيلا الغربي " 1 " وسيلا الشرقي " 2 "، والناصرية، والروس القديم " 1 "، والروس " 2 " تعانى من نفس المشاكل السابقة.
 
رحلة العودة وعامل النظافة
انتظرت القطار من الواسطى إلى الفيوم والذى وصل فى الرابعة والربع عصرًا وتأخر عن موعده 15 دقيقة ولم يختلف عن سابقه فى أى شىء يذكر سوى وجود عامل نظافة يعمل لدى شركة خاصة فى القطار يقوم بتوجيه الركاب بعدم إلقاء القمامة على الأرض وقام بتوجيه أحد الركاب الذى كان يلقى قشر اللب على أرضية القطار وأكد له أن القطار ملكية عامة ويجب الحفاظ عليه وهو ما استجاب له الراكب وقام بتنظيف مقعده.   
 
نهاية الرحلة
مما لا شك فيه أن قطار الفيوم الواسطى لا يمكن الاستغناء عنه إطلاقًا إذ أنه يعتبر الملاذ الوحيد لآلاف الركاب خاصة من الموظفين والطلاب والبائعين على حد سواء ويعتبر وسيلتهم للوصول إلى أعمالهم في مواعيدها خاصة وأنك إذا أردت أن تذهب للفيوم من الواسطى لابد وأن تستقل سيارة أولا لمحافظة بني سويف مما يعنى أنك يجب أن تستيقظ لعملك في الرابعة فجرًا حتى تصل إلى الفيوم في مواعيد العمل الرسمية، ويعتبر القطار وسيلة مريحة ولكنه يحتاج إلى نظرة من المسئولين خاصة في وسائل الأمان الأبواب والشبابيك المفتوحة على مصرعيها تسببت في العديد من الحوادث.


كما أكد الركاب، بالإضافة إلى أن القطار يحتاج إلى تشغيل الحمامات الموجودة وتوفير فرد شرطة لمنع المشاجرات التي تحدث، بالإضافة إلى تغيير في سلوك المواطنين الذين يعيثون في القطار فسادًا ويوقفونه مستغلين عدم تواجد الشرطة فيه وهو ما قد يتسبب في حوادث، كما يحتاج القطار إلى تنظيم المواعيد خاصة القطار الصباحي الذي يستقله الطلبة والموظفين كل هذه الأمور البسيطة إذا تم تداركها، بالإضافة إلى التطوير الذي يتم في محطة الفيوم فسوف يكون القطار بمثابة المترو لا غنى عنه في أي وقت.