قَتلتْه.. رأفًة به

اعتقدت أن في الموت طوق النجاة لفلذة كبدها الرضيع، الذي لم يلحق أن يتنسم هواء الدنيا غير 7 أيام، ولم يكن يعلم بأنه سيغادرها غرقَا على يد أمه التي تجردت من كل أمومة حانية، ونسيت خالقها، وأن الذنب سوف يثقل كاهلها يوم القيامة.

انذرفت الدموع فوق وجنتي الأم عندما شرع الطبيب في فحص رضيعها الصغير بعد ولادته فحصا دقيقا وتسمّع إلى دقــّات قلبه بالسماعة و أمعن النظر في أذنيه، وحلقه وجس نبضه بعناية، و قاس حرارة جسده المشوه خلقيا، وما أن أخبرها بأنه سيقضي حياته معاقَا.

تبدل ميزان دقات قلبها، وأجهشت في البكاء واتخذت القرار، بقلب متحجر صلد، وهداها شيطانها الذي تملك منها بأن تتخلص منه، وأحكمت السيناريو معتقدة الهرب من عقاب السماء، وأنها بذلك تشفق عليه من عذاب الدنيا وتلاطم أمواجها التي عاشتها ومارستها.

احتضنت الرضيع وسارت بخطوات يشوبها ترقب وخوف وسط الزراعات والأشجار التي تتراقص أوراقها حزنًا بينما قرص الشمس الأحمر اللامع يرسل بريقه فوق مياه الترعة، ورقرقة مياه سواقي الأرض الزراعية انتظرت حتى هدأت العيون ووقفت أعلى الجسر، قطبت السماء وجهها، وتلبدت بالغيوم، وانطلقت الريح تولول وتصفر كما لو كان اعتراضَا على ما ستفعله هذه الأم الثكلى، التي لم تراودها نفسها ولو لبرهة، حيث ألقت به في الترعة، تتابعه خشية أن يطفو فوق سطح الماء، وما إن تأكدت من أن ابتلعته مياه الترعة، عادت وبدموع التماسيح تروي السيناريو الذي أحكمت فقراته، وتخبر زوجها بأن هناك مجهولين يستقلان دراجة بخارية قاما باختطاف الطفل بعد خروجها من الصيدلية وبعدما أحضرت له الدواء.

بينما كان للمقدم أحمد فاروق رئيس مباحث قسم شرطة شبين القناطر رأيا آخر، بعدما أجرى التحريات المكثفة لعدم اقتناعه برواية الأم، وبعدما أكد طبيب الصيدلية عدم حضورها يوم ارتكابها الجريمة.

وبتضييق الخناق عليها، انهارت واعترفت بجريمتها البشعة، وأنها أقبلت على فعلتها هذه رأفة برضيعها، لكونه معاقَا، ومشوه جسديًا، حيث أخبرها الطبيب بأنه سيظل معاقَا طوال حياته.

أمر مينا رضا وكيل أول نيابة مركز شبين القناطر الذي باشر التحقيقات بإشراف المستشار مراد أمين رئيس النيابة، والمستشار أحمد عبد الله المحامي العام الأول لنيابات شمال القليوبية، حبس الأم المتهمة 4 أيام على ذمة التحقيقات، بعد أن وجه لها تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار.