المبادرة تحولت لمشروع عملاق.. «حياة كريمة» تحقق أحلام 58 مليون مواطن

من الإنشاءات الخدمية التي نفذتها المبادرة
من الإنشاءات الخدمية التي نفذتها المبادرة

 آية فؤاد

منذ جرى إطلاقها تمكنت مبادرة «حياة كريمة» من التخفيف عن كاهل المواطنين وتوفير احتياجاتهم الأساسية فى الريف المصرى والمناطق العشوائية فى الحضر، وعلى مدار العمل على هذه الأهداف تحولت «حياة كريمة» من مبادرة إلى مشروع تنموى ضخم يشهد له جميع دول العالم، وقد تنوعت الخدمات المقدمة ما بين تنموية وخدمية لتحدث تغييرًا جذريا فى حياة أكثر من 58 مليون مواطن فى 20 محافظة، وشملت 4500 قرية، ليضع هذا التغيير مصر فى المرتبة 69 على مؤشر أفضل دول العالم فى جودة الحياة.

مبادرة حياة كريمة»، التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى، استطاعت خلال مرحلتيها الأولى والثانية تغيير حياة ملايين الأسر من خلال مشروعاتها الخدمية والتنموية، كما كانت عاملا أساسيا فى مجابهة الفقر، وخفض نسبته إلى 11%، وتغلّبت على آثاره السلبية والنفسية التى تؤثر فى الفرد والمجتمع، وساهمت فى رفع مستوى جودة الحياة فى مصر عمومًا ولأهالى الريف والعشوائيات على وجه الخصوص، فقد طالت «حياة كريمة» الكثير من الحالات التى عانت الفقر والتهميش لسنوات طوال.

ومن الحالات الإنسانية التى سعت «حياة كريمة» لتغيير حياتها للأفضل مؤخراً حالة أسرة من محافظة سوهاج، لأم مريضة بورم خبيث ومسئولة عن ثلاثة أطفال، أكبرهم كان المسئول عن الأسرة من الناحية المادية إلى أن توفاه الله تاركاً خلفه الأم واثنين من أشقائه فى مراحل دراسية مختلفة، لا يحتكمون سوى على 350 جنيها شهريًا، بخلاف حالة المنزل الآيل للسقوط، وهنا تدخلت المبادرة لتحسين وضع الأسرة مادياً عبر تخصيص دخل مادى لها، وتطوير وتجديد المنزل، ما ساعد على تغيير حياة الأسرة للأفضل.

كما ساعدت المبادرة على تغيير حياة أحد بسطاء محافظة قنا، وكانت سبب السعادة له ولأسرته المكوَّنة من سبعة أفراد، بعدما قامت بتجديد المنزل الذى كان لا يصلح لحياة آدمية، وساعدته على الإنتاج والعمل من خلال توفير «تروسيكل» له يعينه على عمله الذى يقضى فيه ساعاتٍ طويلة يسير على قدميه ليجمع أكبر عدد من قطع الخردة من قريته والقرى المجاورة ليوفر لأسرته قوت يومها، كما تسهم المبادرة فى تجهيز العرائس، إذ وفرّت الأجهزة الكهربائية لابنته الكبرى، ما رسم الابتسامة على وجه جميع أفراد الأسرة من جديد.

حياة آدمية
من جانبها، تؤكد الدكتورة هالة حمَّاد، استشارى الطب النفسى، أن «حياة كريمة» تعد أحد أهم الأسباب فى تحسُّن الصحة النفسية لدى سكان الريف والمستفيدين من المبادرة، لأنها بمثابة طوق نجاة لكثيرين كانوا يطمحون فى الحصول على حياة آدمية، والتخلص من الفقر الشديد الذى طالما حال بينهم وبين أحلامهم، وهى أسباب قوية تدفع للإصابة بأمراض نفسية عديدة منها الاكتئاب والقلق والاضطراب الوجدانى.

ساهمت فى القضاء على الأمراض النفسية الناتجة عن الفقر

وتوضح أن الاهتمام بتحسين الحالة المعيشية والمادية يساعد بدوره على تحسُّن الصحة النفسية، وزيادة شعور الفرد بانتمائه للمجتمع، وأنه عنصر فعّال يستطيع العمل به والاستفادة منه، مشيرة إلى أن وصول مصر إلى مرتبة متقدمة على مؤشر جودة الحياة كان نتاجًا لتغيُّر حياة المواطنين من خلال هذا المشروع القومى، بالإضافة إلى عجلة الإنتاج التى حرَّكها تحسُّن الصحة النفسية لكثيرين شعروا بأهميتهم فى المجتمع وقدرتهم على العمل وتقديم المزيد.

د.رشاد عبده: أحيت مشروعات التمكين الاقتصادى

التمكين الاقتصادى
فى سياق موازٍ، لاقت المبادرة ترحيباً واسعاً من جانب خبراء الاقتصاد منذ إطلاقها، ومن بينهم الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادى، رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، الذى ثمّن المبادرة، وقال لـ«آخرساعة» إنها أحدّثت تغيّرًا كبيرًا فى حياة الملايين من الأفراد وآلاف الأسر التى عانت التهميش لسنواتٍ طويلة، وكانت تنتظر الدعم والتغيير، لافتاً إلى أن «حياة كريمة» أحيت مشروعات التمكين الاقتصادى من خلال التشجيع على المشروعات الصغيرة والمتوسطة مُجددًا، وكذلك الاهتمام بالحِرف والصناعات، ما أسهم فى بناء التنمية الاقتصادية، وأدى لرفع معدلات النمو.

اقرأ أيضًا

فحص 241 مواطنًا في قافلة «مستقبل وطن» بقنا

وتابع: الاهتمام بقرى مصر والمواطن البسيط والعمل على دمجه بالمجتمع، تُحصد ثماره فى المستقبل، فالمواطن إذا وجد الاهتمام والدعم يستشعر أنه جزءٌ من المجتمع والوطن، ما يشجعه على العمل والإنتاج، لافتًا إلى أن مشروع «حياة كريمة» يعمل أيضاً على رفع الوعى والثقافة وتغيير المفاهيم الخاطئة بالقرى والنجوع التى كانت سببًا رئيسًا فى تأخر المجتمع اقتصاديًا ومنها الهجرة غير الشرعية، وغيرها.

على الصعيد المجتمعى، تؤكد الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع، أن «حياة كريمة» أحدثت نقلة اقتصادية واجتماعية كبيرة، فلم تهتم فقط بتطوير المنازل والمستشفيات، بل إنها ألقت الضوء على الظواهر السلبية فى المجتمع وحشدت لها الجهود لتغييرها، ووصلت إلى كل قرية ونجع من خلال حملات طرق الأبواب، وأخذت على عاتقها العمل على تغيير الأفكار السلبية فى المجتمع، ومنها زواج القاصرات، وختان الإناث، والتعريف بالتربية الإيجابية، ورأينا أكثر من برنامج توعوى تبنته المبادرة مثل «مصر بتتغير للأفضل»، و«أنت الحياة».

العدالة الاجتماعية
فيما ترى الدكتورة هالة منصور، أستاذة علم الاجتماع بجامعة بنها، أن «حياة كريمة» مثالٌ حى على الاستثمار فى البشر، وتحقيق مفهوم العدالة الاجتماعية، حيث إنها تستهدف ما يقرب من نصف عدد سكان مصر، وتعاونت جميع الهيئات والوزارات والمؤسسات لتغيير حياتهم إلى الأفضل، بعدما كانت تعمل على المبادرة وزارة التضامن الاجتماعى وحدها ضمن مخطط من مرحلة واحدة إلى أن تحوّلت إلى مشروع يجرى تنفيذه على مراحل ثلاث.

وتوضح أن توفير سُبل الحياة الكريمة للمواطن ينعكس على مشاركته فى المجتمع، وتحقيق النماء الاقتصادى، والحفاظ على الأمن القومى، وتحسين جودة الحياة، والقضاء على الجرائم، لافتة إلى أن الالتفات إلى التنمية البشرية مع التوعية بمخاطر الزيادة السكانية سيحقق طفرة اقتصادية هائلة وهو ما تعمل عليه المبادرة.

أكبر مشروع تنموى
ومن جانبها، توضح آية عمر، رئيسة مجلس أمناء «حياة كريمة»، أن هذه المبادرة تُعدّ أكبر المشروعات التنموية فى العالم، ويحقق أهدافه فى القضاء على الفقر بخطى ثابتة تستهدف حوالى 58 مليون مواطن بمختلف القرى والمراكز والنجوع، وفى شتى مناحى الحياة التى تضمن للمواطن حياة كريمة، بدايةً من توفير سكن كريم للمواطنين، وتطوير المدارس والمستشفيات ومراكز الشباب، وتطوير البنية التحتية، وصولاً إلى برامج الدمج والمشاركة الاجتماعية والثقافية والترفيهية، بخلاف برامج التمكين الاقتصادى وتوفير فرص العمل.

وتؤكد أن المشروع يستهدف حوالى 4584 قرية، داخل 175 مركزًا على مستوى محافظات الجمهورية، وقد نجحت المبادرة فى تعزيز مشاركة الشباب ومفهوم التطوع الذى أسهم فى تطوير 1436 قرية بـ53 مركزًا، وعلى مستوى 20 محافظة، بالإضافة إلى تقديم كافة أوجه المساعدة سواء الصحية أو الاقتصادية للفئات الأولى بالرعاية، ومنهم كبار السن والأيتام، وذوى الهمم، والمرأة المَعيلة.

فى السياق، يؤكد ولاء جاد عبدالكريم، مدير الوحدة المركزية لـ«حياة كريمة» بوزارة التنمية المحلية، أن المبادرة حاليًا تعمل فى 1477 قرية بـ52 مركزًا، لتنفيذ حوالى 23 ألف مشروع تم الانتهاء من 7 آلاف مشروع، مشيرًا إلى أنه من المقرر الانتهاء من جميع مشروعات المبادرة فى 1477 قرية فى 30 ديسمبر المقبل، ليبدأ العمل فى المرحلة الجديدة مطلع العام المقبل فى 1640 قرية بـ20 محافظة.

وأوضح أن العمل مقسَّم على ثلاث مراحل، الأولى تصل تكلفتها إلى 300 مليار جنيه، وهى موجهة للقرى الأكثر احتياجًا بالصعيد، أما المرحلة الثانية فستكون بالقرى الأقل احتياجًا، والثالثة تستهدف 1500 قرية، على أن يجرى الانتهاء من المراحل الثلاث نهاية عام 2024.