اللواء محمد الألفي يكشف تفاصيل معركة "المزرعة الصينية" وسر أهميتها

اللواء محمد الألفي
اللواء محمد الألفي

تعد حرب السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣ نصرًا كبير، وذلك لكافة العرب والمصريين، حيث أنها سجلت مجدا جديدا، بعد تحطيم الجنود المصريين لخط بارليف المنيع.

وبعد مرور أكثر من أربعة عقود على نصر أكتوبر، مازال في ذكراها حضور يتحدى الزمن، حيث تجدد هذه الذكرى، للتأكيد على أن الجيش المصري هو رمانة الميزان لقوة الدولة وسيطرتها، وأنه روح مصر على مدى الثورات العظيمة التي قام بها الشعب عبر تاريخه.

ورغم مرور كل هذه الأعوام على نصر أكتوبر، إلا أن ما حققه فيها الجيش المصري مازال موضع تقدير وتدريس في الأكاديميات العسكرية العالمية.

وبمناسبة الذكرى 43 لنصر أكتوبر العظيم، التقينا أحد الأبطال الذين شاركوا في تلك الملحمة، وهو اللواء متقاعد محمد زكى الألفي، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، حيث يروي تفاصيل معركة النصر، بصفته أحد القادة المشاركين بها.

يقول "الألفى": "في البداية تخرجت في الكلية الحربية يناير 1970 وانضممت للفرقة 16 بالجيش الثاني الميداني، التي اقتحمت قناة السويس من الطريق الأوسط شمالا وجنوبا حتى البحيرات المرة الكبرى، والتي خاضت أهم وأخطر المعارك خلال الحرب، وشاركت في حرب أكتوبر برتبة ملازم أول، وقائد سرية، في الكتيبة 18. والتي كانت على الجانب الأيمن للجيش الثاني الميداني وللفرقة وللواء، خلال خطة الحرب، وكان يطلق على هذا النطاق بالكامل "الدفرسوار شرق"، أو قرية الجلاء المصرية، أو معركة المزرعة الصينية، وهى مزرعة تجريبية أنشئت في الخمسينيات، وعمل بها بعض الخبراء اليابانيون وكانت لهم كتابات يابانية على بعض الأماكن بها وظن الإسرائيليون أنها كتابة صينية ومن هنا أطلق عليها "المزرعة الصينية".

وتابع الألفي: "أن منطقة المزرعة الصينية، كان لها أهمية إستراتيجية كبيرة جدا، وهو ما كان يتضح جليا من خلال زيارات للقادة وعلى رأسهم الرئيس الراحل محمد أنور السادات، حتى جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني أيضًا مثل "راوية عطية"، وتنبع أهميتها من منطلق أنه في حالة تمكن العدو من الاقتحام منه والانتقال لغرب القناة، سيكون على مسافة 100 كم من القاهرة، كما أنه سيكون في نقطة مفصلية مهمة جدا ما بين الجيشين الميدانيين الثاني والثالث، وسيكون لحظتها في مؤخرة الجيشين، وبالتالي سيكون هناك أثر سلبي على معنويات الجيش".

وأضاف: "كما أنه حال احتلال العدو للمنطقة كان سيكون كارت ضغط على مصر في حالة وقف إطلاق النار، ومن هنا كانت القيادة تولى أهمية قصوى للمزرعة الصينية، والعدو كان يدرك أهمية هذه المنطقة وخطورتها، لذلك كان يدرب جنوده على احتلالها، وهو ما اتضح لرجال القوات المسلحة المصرية وقتها".

وعن التخطيط لعملية حرب أكتوبر بشكل عام وتأمين المزرعة الصينية خاصة، يشير الألفي: "أن الجيش الثاني الميداني تحت قيادة اللواء سعد مأمون، خصص نسق ثاني قوى جدا متمثل في فرقة مدرعة كاملة تتمركز في الغرب للتصدي لأي محاولة للوصول لهذا المكان، والقوات التي عبرت في الموجات الأولى هي قوات من المشاة مدعمة بأسلحة مضادة للدبابات، مثل مدافع عديمة الارتداد".

وأكمل: "في بداية المعركة كانت هناك مصاعب مثل، النقاط الحصينة تغطى المواجهة بالنيران والمدفعية والمواد الحارقة، ورفع الساتر الترابي على حد القناة بارتفاع 20 مترا، وتم التغلب على هذه الصعوبات وتم عمل "مصاطب ترابية: في الغرب بمسافة 500 متر من الحد الأمامي وترتفع أعلى من الساتر الترابي للعدو ووضعنا عليها أسلحة ذات مدى طويل ومقذوفات موجهة مضادة للدبابات.. وذلك لتأمين عبور القوات للقناة، لكن مع بداية عبور القوات الجوية زادت الروح المعنوية للقوات وروح الهجوم والمبادرة، وبالفعل تمكنا من اقتحام وعبور القناة، وظلت المعارك دائرة ونجاحات القوات وتقدمها".

وكشف: "فرض الجانب السياسي نفسه حينما صدر أمر بتطوير الهجوم وكان من ضمن الأوامر أن القوات المدرعة المتواجدة في الغرب "الاحتياطي"، تشارك في تطوير الهجوم ونصل إلى منطقة "الطاسة" شرقًا والتي تبعد 30 كم من القناة، وتم بدأ تطوير الهجوم، في هذا الوقت حدثت عملية استطلاع للطيران الأمريكي، وتبين له أن الفرقة التي كانت متواجدة في الغرب عبرت للشرق.. ثم استدعت قوات العدو لواء مظلات كان متواجدا في رأس سدر، لكن تتحرك بريًا ليلاً، بمركبات نصف جنزير، وكان لدى في السرية جندي اسمه مرعي، وشاويش اسمه"الغرباوى" تمكنوا من تدمير مدرعتين ودبابة للعدو في أول يوم للمعركة وأسروا 7 جنود، قائلاً: "في هذه المعركة أسرت بسريتي فقط 17 إسرائيليًا، وسلمتهم لقائد الكتيبة".

وتابع: "الجانب الأيمن للكتيبة كان يبعد عن قناة السويس والنقاط الحصينة حوالي كيلو ونصف، والنقط الحصينة كان بها قوة من الكتيبة 17 والتي اقتحمها الرائد تابعي شطا والنقيب عجمية من رجال المدرعات، بدأ العدو، حينما تأكد من قلة قواتنا في الغرب، في العبور يعبر بوحدات مظلات بالبرمائيات، من تل سلام إلى مطار الدفرسوار".

واستطرد: "هناك أعمال قتالية فردية دارت خلال المعركة، ويرجع الفضل فيها لاختيار الموقع الدفاعي الذي كانت تستند عليه الكتيبة 18، حيث اختار قائد الكتيبة المقدم أحمد إسماعيل، موقع دفاعي يستند على ترعة جافة داخل المزرعة، فحينما كنا نقف على الجانب الغربي للترعة تعتبر خندق مضاد للدبابات فكنا نصطاد دبابات العدو داخل هذه الترعة، حيث يعتقد العدو أنه بإمكانه أن ينزل إلى الترعة الجافة ويخرج من ناحيتنا لكنه كان يجد صعوبة ويسير بعرض الترعة وهنا نصطاد الدبابة".

واختتم: "وصل القتال في هذه المعركة أن الجنود كانوا يقاتلون يدا بيد، بالقنابل اليدوية والمضادة للدبابات، فقد دفع العدو بأرتال ضخمة جدا من الدبابات للعبور للغرب، لكن أبلت قواتنا بلاء أكثر من رائع، ومن ضمن أبطال المعركة الملازم محمد الخضري، الذي حاصر النقط الحصينة للعدو لمدة 3 أيام واستشهد خلال الهجوم على هذه النقطة".