توافد مريدي الشاذلي في ذكرى مولده

"في حميثرة سوف ترى" أخر أقوال سيدي أبو الحسن الشاذلي

مسجد وضريح
مسجد وضريح

بقعة من أرض مصر خصها الله سبحانه وتعالى بالطهر والتطهر.. وذلك منذ أكثر من ألف عام ، تلبية لدعوة عالم جليل وشيخ زاهد متصوف دعا ربه بأن يدفن في أرض لم ترى معصية ولم يمسها عاصي .. تلك الأرض المطهرة هي أرض "حميثرة"وذلك الولي الفضيل سيدي "أبو الحسن الشاذلي"، الذي دفن بتلك الأرض الفضاء في 656هـ..

ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن تشهد تلك الأرض إقبالا كبيرا من جموع الطرق الصوفية من أنحاء العالم، وتحولت الأرض من صحراء إلى قرية عامرة، بعد دفن الإمام" أبو الحسن الشاذلي"، في أرضها حيث أقيم مسجد مرفق به الضريح الخاص بالشيخ، وأصبح ذلك الضريح هو قبلة التائبين، فكل من زاد همه وتضاعفت أخطائه وندم على ما فعل، توجه لتلك الأرض الطيبة ليغتسل من ذنوبه، فاعتبر المتصوفين ذلك مثل حجة صغرى، لغسل الذنوب وتنقية النفس.

يبدأ الاحتفال بـ "مولد سيدي أبو الحسن الشاذلي" في 1 من ذي الحجة من كل عام، وينتهي مع أول أيام عيد الأضحى المبارك، ولذلك الاحتفال أجواء خاصة بالطرق الصوفية فالجميع يتعامل على نهج واحد  وهو حب الله والزهد، فلا يمكن أن تفرق بين غني وفقير فجميعهم محبين، يتمنون رضا الله عز وجل  وحبه.

ترى سيارات تنقل ماشية لتذبح تقربا لله ولإطعام المساكين في ذكرى المولد، كما تتعدد حلقات الإنشاد الصوفي بكل طرقه ومذاهبه، والسمة الأساسية في جلسات العلماء بالمولد هي حث الناس على التوبة والرجوع إلى ما يرضي الله .

وذلك ما أكده لنا الباحث في العلوم الصوفية الأستاذ "نجا الشربيني"، أحد مريدي الطريقة الشاذلية، مؤكدا أن أخر ما قاله سيدي أبو الحسن الشاذلي لمساعده " وفي حميثرة سوف ترى" عندما طلب منه أن يجهز معه حانوط وفأس فسأله عن السبب رد عليه بهذه الجملة، والتي أيقنها المساعد عندما ذهب مولانا الإمام إلى الحج وانتقل إلى الرفيق الأعلى في هذه المنطقة، ومنذ ذلك الوقت يتوافد المحبين وأبناء الطرق الصوفية لإحياء ذكرى مولد العارف بالله سيدي أبو الحسن الشاذلي.

وأشار "الشربيني" أن الشيخ أبو الحسن الشاذلي يمتد نسبه للنبي صلى الله علىه وسلم، من سيدنا الإمام الحسن، ومنهجه الصوفي يختلف عن الطرق الصوفية كلها فقد كان دائم لقول " كل ما شئت والبس ما شئت واعرف ربك"، وكان الشيخ رضي الله عنه يلبس أفضل الثياب ويقتني أفضل الخيول، ولم يكن منعزلا عن الحياة فقد شارك في معركة المنصورة، وحث الناس على الجهاد.

واستكمل أن المكان يشهد جو روحاني كبير حيث يتجمع الملايين من مصر وخارجها ويتحملون عناء السفر محبة في أولياء الله الصالحين، مستبشرين بقول شيخهم" لا يطلبني شقي ولا يقف على قبري شقي"، كما أن بركة المكان تأتي عندما سأل الشيخ "الشاذلي" المولى عزوجل ودعاه بأن يكرمه بالدفن في مكان لم يعصيه فيه أحد من البشر أبدا " وكانت تلك البقعة المطهرة " حميثرة" هي المكان الذي لم يعصى فيه الله عز وجل.

ويقع مقام سيدي "أبو الحسن الشاذلي"، كما يطلق عليه الصوفية، بمنطقة جبل حميثرة جنوب مدينة مرسي علم بما يقرب 150 كيلو مترا، ويشهد هذا المكان احتفال العديد من زائري الصوفية وأقطابها ومحبي العارف بالله الشيخ أبو الحسن الشاذلي من مختلف المحافظات والدول العربية.