قضية ورأي

تجارب دولية في سياسة القبول بالجامعات

أعلن مجلس الوزراء عن تشكيل لجنة لتغيير نظام امتحانات الثانوية العامة اعتبارا من العام المقبل، وفي ذلك الوقت أعلن المجلس الاعلي للجامعات انه لا تغيير في قواعد تنسيق القبول بالجامعات خلال العام الجامعي القادم 2016/2017، وان النظام الجديد سوف يطبق خلال الاعوام القادمة علي مراحل وفق خطة تعتمد علي عقد اختبارات للقدرات تكون معيارا لحسم القبول في الجامعات من خلال شرائح نتائج النسب المئوية لدرجات الطلاب في الثانوية العامة.
وهنا مجموعة من الاسئلة تطرح نفسها: من الذي سوف يعد هذه الاختبارات ؟ من الذي سيصحح هذه الاختبارات؟ من الذي سيتحمل تكلفة هذه الاختبارات ؟ هل الدولة أم وزارة التعليم العالي أم الجامعات المصرية الحكومية بميزانيتها المحدودة أم الطالب ؟ أين ستعقد هذه الاختبارات ؟ هل داخل المدرسة مع امتحانات الثانوية العامة أم داخل الجامعات أم عن طريق الإنترنت ؟ وهل هذه الاختبارات ستكون ورقية أم اختبارات الكترونية تطبيقا وتصحيحا ؟
في تصوري أن الإجابة عن هذه الاسئلة تتطلب الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة والنامية فيما يتعلق باختبارات القدرات كمعيار للقبول بالجامعات، وفي هذا السياق لابد من الاشارة إلي التجربة المصرية في تطبيق اختبارات القدرات عند التحاق الطلاب بالكليات العسكرية والنوعية مثل التربية الرياضية والموسيقية، والتربية الفنية والفنون التطبيقية في بعض الجامعات، إضافة إلي تطبيق بعض الجامعات الاجنبية اختبارات القدرات للقبول بها مثل جامعة زويل التي تختبر قدرات الطلاب في مناهج الثانوية العامة بمراحلها الثلاثة، ومناهج الـ IGCSE ومناهج الدبلومة الامريكية، ومناهج الشهادة البريطانية من خلال أسئلة الاختيار من متعدد الالكترونية.
ويوجد في سنغافورة مركز وطني للقياس والتقويم يهدف إلي تنفيذ اختبارات قدرات عامة لخريجي المرحلة الثانوية الراغبين في دراسة التعليم العالي، وكذلك اختبارات SAT التي تركز علي المفاهيم الاساسية للمقررات التي درسها الطالب في المرحلة الثانوية، إضافة إلي اختبارات للجامعيين المتخرجين الراغبين في الدراسات العليا وبرامج الماجستير والدكتوراه، واختبارات كفاءات اللغة العربية لغير الناطقين بها.
وتطبق كل من الولايات المتحدة الامريكية والمملكة العربية السعودية والكويت والامارات اختبارات قدرات SAT1وSAT2 تتم داخل الجامعات، بحيث يقدم الطالب الامريكي مثلا إلي الجامعة درجته في الثانوية العامة مع درجته في امتحان الـ SAT الذي يقيس المعرفة في تخصص معين SUBJECT TEST.
وفي فنلندا يقرر الطالب نوعية الدراسة الجامعية في ضوء نتائج امتحانات شهادة الثانوية العامة والدرجات التي حصل عليها في المدرسة الثانوية العليا، ويمتحن الطالب في اختبارات قدرات في نفس يوم امتحانات المرحلة الثانوية في العلوم الطبيعية او الرياضيات او العلوم الطبية او الهندسية وبعدها يمنح الطالب شهادة تضم الدرجتين ليقدمها للجامعة، ناهيك عن فتح المجال لطلاب التعليم الفني والمهني للالتحاق بالكليات والمعاهد العليا التي تعتمد علي التدريب المهني من خلال اختبار الكفاءة المهنية.
وفي كندا وبريطانيا وفرنسا والسعودية يوجد مركز وطني مستقل للتقويم، يعقد اختبارات قدرات دولية وتقدم عن طريق الحاسب الالي بالتعاون مع بعض الشركات العالمية، ويتم التسجيل الكترونيا عن طريق موقع المركز، والاختبارات مجانية لجميع الطلاب، ويمكن للطلاب تأجيل الامتحانات وفقا للوقت الذي يناسبهم، ولا يوجد نجاح ورسوب في الاختبارات بل ترصد درجة الطالب التي حصل عليها بناء علي الاجابات الصحيحة لقياس مستوي قدرته بين اقرانه.
وفي اليابان خطة استراتيجية قصيرة المدي وطويلة المدي تعتمد علي تطبيق اختبار قومي لقياس التحصيل الاكاديمي لطلاب المرحلة الثانوية، بالاضافة إلي أن الحكومة اليابانية توفر دليلا للطالب في اختبارات القدرات، ويحق التسجيل للطالب في المقاطعة التي يسكن فيها، واذا كان الطالب غير راضٍ عن أدائه في الامتحان يدخل أكثر من مرة في فترات مختلفة من خلال هيئة استشارية لوزارة التعليم والثقافة والعلوم والتكنولوجيا مهمتها اعداد آلية لاختيار المتقدمين للجامعات اليابانية.
والملاحظ علي خبرات وتجارب الدول في اختبارات القدرات أنها تعتمد علي الانصاف، والعدالة، والشفافية، والمصداقية، والامانة وتحمل المسئولية، وفي كل دول العالم المتقدم (لمن يتحدثون عن الغاء الثانوية العامة) يلتحق الطلاب بالجامعات وفق معيارين :نتائج الثانوية العامة ونتائج اختبارات القدرات في المجالات العامة والنوعية.
ما يبقي اقتراحان :
> أن تعقد اختبارات القدرات في المدارس مع امتحانات نهاية المرحلة الثانوية (مثل المستوي الرفيع )، ويتولي مكتب التنسيق توزيع الطلاب علي الكليات الجامعية كآلية في تصوري تمثل جواز المرور الموضوعي الذي يحقق العدالة بين الطلاب وينقل الطلاب من مرحلة التعليم الثانوي إلي مرحلة التعليم الجامعي ويمكن تطبيق هذا المقترح من العام القادم.
> أن تعقد اختبارات القدرات في الجامعات شريطة أن تكون الكترونية لا يتدخل في تصحيحها العامل البشري، مما يتطلب توفير كمبيوترات لجميع الطلاب، وفي هذه الحالة يمكن التعاقد مع شركات الحواسب الكبيرة، وتعقد علي فترات حسب شرائح المجاميع في نتائج امتحان الثانوية العامة.