تساؤلات كثيرة حملناها إلى د. محمد عبد المجيد رئيس لجنة مبيدات الآَفات الزراعية بوزارة الزراعة ووكيل كلية الزراعة جامعة عين شمس، ليجيب عليها بحثاً عن مواضع الخلل فى منظومة المبيدات ومحاولة ايجاد الحلول لها، وقبل ان يبدأ د. عبد المجيد بالحديث معنا احضر لنا كتابا يحمل اسم «التوصيات المعتمدة لمكافحة الآَفات الزراعية»

وقال ان هذا الكتاب من اهم انجازات لجنة المبيدات ويعتبر اصداراً منفردا على مستوى الشرق الأوسط، وهو عبارة عن مجمل التوصيات التى توصى بها لجنة المبيدات الزراعية حول كل ما يتعلق بأسماء وانواع المبيدات المسجلة والاَفات الزراعية المختلفة والنباتات ومواعيد وطريقة الاستخدام لكل مبيد، مع شرح مفصل لكل ذلك ونتاج كل تجربة عملية اجريت فى الجامعات والمعامل المختصة بوزارة الزراعة.

وقال: «لا تصدق أحداً حين يقول لك ان هناك مبيدات ليست سامة او ضارة ولكن للسُمية درجات وما يحكمها هو نوع التعرض لها، إن ما يحدد مدى تأثير أى مبيد على الانسان هو الاستخدام المسئول من قبل المزارعين والفلاحين، والاستخدام المقنن، والاستخدام وفقا للتوصيات مشيرا انه بتحقيق 4 شروط مهمة وهى، توقيت مناسب للاستخدام، وتركيز مناسب، ومبيد مناسب، واَلة تطبيق مناسبة فلن تكون هناك أى مشكلة فى المبيدات بنسبة كبيرة، وهذه معايير لابد ان يدركها الانسان.. ولهذه الأسباب تقوم لجنة المبيدات بعمل دورات تدريبية لكل العاملين فى منظومة ادارة المبيدات بدءا من مهندسى المكافحة ورجال الارشاد الزراعى وتجار المبيدات والمزارعين، مضيفا انه خلال العام الاخير قمنا بتدريب ما يقرب من 2000 عامل من هؤلاء، ولا يوجد تاجر من تجار المبيدات يصرح له بمزاولة المهنة إلا بعد اجتيازه هذه الدورة وتقدم له اللجنة ترخيصا بالاتجار على ان يتم تجديد هذا الترخيص كل اربع سنوات، بعدها لا يجدد له الترخيص إلا بعد اجتياز الدورة مرة اخرى وهكذا، مؤكدا ان قواعد تسجيل المبيدات فى مصر تحاكى اكثر الدول تقدماً.

تداول المحظور

وردا على سؤال حول وجود مبيدات محرمة دوليا مازالت تستخدم فى مصر رغم تحريمها دوليا منها مبيد «التيمك، اللانيت، الكابتان» والذى يدخل البلاد بطريقة شرعية على شكل «مادة صبغة» تستخدم فى عمليات دباغة الجلود؟ قال د. محمد عبد المجيد إن مبيد «التيمك» محظور استخدامه داخل البلاد وخارجها، ولكن للأسف مازالت عمليات تهريب مثل تلك المبيدات مستمرة وان كانت قد انخفضت بنسبة كبيرة فى وقتنا الحالى «ثم أشار بيده تجاه مكتبته التى يتواجد على احد الأرفف بها علبة مبيد وقال ان هذا المبيد تم تهريبه عن طريق قطاع غزة ومكتوب عليه باللغة العبرية»، واكد انه توصل لمعلومة منذ اسبوعين تؤكد ماكشفته «بوابة أخبار اليوم» خلال لقائها باحد الفلاحين حول طريقة تهريب هذا المبيد الى مصر قائلا: «كلامك مية المية صح»، وأنه قام بالفعل بتوجيه خطاب الى رئيس هيئة التنمية الصناعية شرح فيه خطورة دخول هذه المادة الى البلاد وتحايل التجار بإدخالها كمادة صبغة، وقال: «بصراحة بعد ما عرفت بالموضوع ده، شعرت بأنه رغم الشغل والجهد اللى بنعمله والقواعد اللى بنحطها لضبط ايقاع منظومة التعامل مع المبيدات، إلا انه مازال هناك ثقوب تحول دون استكمال هذه المنظومة واحكام السيطرة عليها، ولكن أؤكد لك «هقفلها ولو قفلناها هنحل مشكلة كبيرة».. وفيما يتعلق بمبيد «الكابتان» اكد رئيس لجنة المبيدات ان هذا المبيد ايضا ممنوع تداوله واستخدامه لكونه مبيد شديد السمية وله خطورة على صحة الانسان، وبالنسبة لمبيد «الملاثيون» شديد السمية والمصرح باستخدامه قال د. عبد المجيد ان اللجنة بصدد اعداد خطة توفيق الأوضاع للخروج من استخدام هذا المركب تدريجيا وايجاد بديل آخر له، حيث من الصعب منع استخدام هذا المبيد فجأة دون سابق انذار، حيث سيتسبب ذلك فى احداث ضجة بالأسوق، مضيفا ان هذه الخطة هى عبارة عن خطة استيرادية لتقليل استيراد هذا المبيد بنسبة تتراوح مابين 5 الى 10% كل عام والبحث عن بديل له، وقال لدينا فريق فى لجنة المبيدات يتابع يوما بيوم كل جديد وماتصل إليه الهيئات والمنظمات العالمية من تغيرات.

تجارة المبيدات

واستطرد: «للأسف الناس مش بتسمعنا كويس، عندها استعداد انها تسمع الغث ولا تسمع السمين، علشان كده احنا بنواجه مشاكل، ومحتاجين ان الاعلام يساعدنا وينقل للرأى العام الجهد الذى يتم فى هذا التوجه، ودورنا هو ان نولد ثقافة جديدة للتعامل مع المبيدات». وأوضح رئيس لجنة المبيدات انه يوجد مايزيد على 1100 مستحضر تجارى من المبيدات فى مصر مكون من 250 مادة فعالة، كما ان حجم الاستهلاك العالمى من المبيدات يبلغ 5?2 مليون طن، ويقدر حجم هذه التجارة على مستوى العالم بـ60 مليار دولار، وفى مصر نستهلك حوالى 8600 طن من المبيدات سنويا، أى ان نسبة استخدام مصر للمبيدات مقارنة بالنسبة العالمية لا يتعدى 0?5%، موضحا ان العبرة ليست بكمية المبيد المستخدم لكن العبرة تكمن فى الاستخدام المسئول وهو العامل الأهم فى منظومة المبيدات ويأتى بعدها عامل مهم هو ان مصر اقل دولة فى العالم استخداما للمبيدات، حيث يتلقى الفدان الواحد حوالى 600 جرام من المبيدات فى العام، علما بان المساحة المحصولية فى مصر تبلغ 15 مليون فدان محصولى.. مؤكدا ان لجنة المبيدات تعتمد على مرجعيات عالمية منها الاتحاد الأوروبى وهيئة حماية البيئة الامريكية ودول اليابان وكندا وأستراليا، مضيفا أن مصر من أولى الدول التى تقوم بتجريب المبيدات واختبارها فى مناطق مختلفة داخل البلاد قبل السماح باستخدامها رغم موافقة هذه الهيئات الدولية عليها.

وحول امكانية عودة وزارة الزراعة مرة اخرى لتوزيع المبيدات وتوفيرها للمزارعين من خلال جميعات التعاون الزراعية؟ قال: هذا الأمر كان يتم بالفعل منذ عدة سنوات، ولكن اطالب بأن تقوم وزارة الزراعة بتبنى إنشاء مراكز تميز أسوة بالدول المتقدمة فى كافة محافظات مصر، تباع فيها كل مستلزمات الانتاج الزراعى الأصلية من مبيدات وأسمدة ومعدات وآَلات، واذا تم هذا فسوف تتساقط المبيدات والمركبات المغشوشة والمشبوهة المنتشرة فى الأسواق، لأن الفلاح الذى سيتعامل مع هذه المراكز ستكون ثقته كبيرة فيها، مشيراً الي ان هذا المشروع هو أحد الأفكار التى طرحتها لجنة مبيدات الآفات الزراعية.