وسط كل ما يواجه الشعب الامريكى من خوف واضطراب نتيجة تدافع عمليات اطلاق النار وآخرها ما حدث فى اورلاندو بولاية فلوريدا كان على ان اكتب رسالة امل وتمنيات ونصائح للمستقبل.
وكانت الرسالة نتيجة مشروع تتبناه المدرسة التى يدرس بها حفيدى.. والمشروع هو دعوة اقارب واصدقاء الطلاب الذين سينتقلون فى نهاية العام الدراسى الى المدرسة العليا او المدرسة الثانوية لكتابة رسائل شخصية ويمكن اضافة صور تذكرية على ان تسلم الرسائل المعلقة وأى ألعاب تذكارية لتوضح فيما اطلق عليه اسم «الطلقة» وهى علبة مغلقة يوضع عليها اسم الطالب وتحتفظ بها المدرسة لمدة ٤ سنوات لتسلم للطالب فى نهاية العام الدراسى الاخير ليقوم الطالب بفتحها والاطلاع على ما ورد بها من نصائح وتمنيات.
والفكرة فى حد ذاتها رائعة إذ إنها نظرة الى المستقبل ودعوة للترابط بين الطالب وأسرته ومجتمعه وبطبيعة الحال تمنيت لحفيدى النجاح.
وأكدت له ان محبة الاخرين ومساعدتهم تفتح ابواب النجاح اذا اقترنت بالعمل الجاد.. ولكننى قلت له ان عليه ان يدرك دائما ان قوة الخالق وإرادته تحكم حياة العالم كله، وبالتالى فإن عليه صباح كل يوم جديد ان يطلب من الله ان يرشده بشرط ألا ينسى فى المساء ان يشكره على رعايته والنعم التى منحها له طوال اليوم.
مجزرة أورلاندو
شخص واحد يستخدم سلاحا ناريا بطلقات نافدة ليقتل ٤٩ شخصا ويصيب ٥٠ اخرين على مدى ثلاث ساعات فى ناد ليلى يرتاده المثليون بمدينة اورلاندو بولاية فلوريدا.. حادث بشع تضاربت الاراء فى البداية حول اسبابه: فهل هو حادث كراهية او حادث ارهابي؟ والغريب ان جميع التحريات حتى الان وبعد مرور اكثر من اسبوعين مازالت لا تجد التفسير المقنع لسبب الحادث ،اذ إن مرتكب الحادث اعلن فى رسالة هاتفية إلى شرطة النجدة بالمدينة قبل دقائق من بدء عملية الابادة انه يدين بالولاء لتنظيم داعش الارهابى وأن الحادث هو مقدمة لما ستشهده الولايات المتحدة فيما بعد.
وقد اصبح الحادث مادة خصبة للتحريات وتقضى الحقائق حول نشاط المباحث الفيدرالية فى مجال مكافحة الارهاب.. والشيء المؤكد والذى يلمسه كل من يعيش فى الولايات المتحدة هى ان حوادث القتل وعمليات القتل الجماعى اصبحت فى السنوات الاخيرة ظاهرة امريكية.
وأبرز دليل على ذلك هو ان الرئيس اوباما قد عاصر منذ توليه الرئاسة ١٢ حادث قتل جماعى وكان يذهب فى كل مرة لمواساة اهالى الضحايا ويعد بأن الامن القومى لبلاده هو من اولويات سياسته وبعد ان يحتضن ويقبل الموجودين ينصرف ليصبح الحادث مجرد ذكري.. بل اصبحت زيارته لأهالى الضحايا مادة لتهكم مناهضى سياسته وقد اطلق عليه احدهم مؤخرا لقب «القائد الأعلى للمواساة».
وقد بادرت الهيئات المعنية ببحوث الجريمة مؤخرا الى اصدار احصائية عن عدد القتلى باستخدام اسلحة نارية وأشارت الاحصائية الى ان عدد هؤلاء القتلى فى تزايد مستمر وأن عددهم فى عام ٢٠١٤ كان ٨١٢٤ شخصا وان هذا العدد فى عام ٢٠١٥ وصل الى ١١ ألف شخص اما فى هذا العام فقد وصل هذا العدد خلال النصف الاول من العام الى ٦١٧٧شخص أى بمعد ٢٧ شخصا يوميا.
ومن جهة اخرى اشار معهد بحوث الاقتصاد والسلام الى ان الولايات المتحدة التى يشكل عدد سكانها ٥٪ من سكان العالم يصل عدد المحتجزين والمساجين والمعتقلين فيها الى ٣٠٪ من المساجين الموجودين حول العالم.. وأكدت الدراسات التى اجراها المعهد ان حوادث العنف والجرائم تستولى على ١٣.٣٪ من اجمالى الدخل العالمى ويقدر هذا بحوالى ١٨٧٦ دولارا سنويا عن كل فرد يعيش فى عالمنا.
وقد صرح مدير المباحث الفيدرالية فى جلسة استماع عقدت بالكونجرس عقب حادث اورلاندو ان هناك ما يقرب من ألف قضية تتناول الارهاب مازالت قيد البحث فى الولايات المتحدة ومنها حوالى مائة قضية ذات حساسية بالغة.
وفى اطار ما ذكر من تحريات عن عمر متين مرتكب حادث اورلاندو اوضحت السلطات الامنية انه كان موضع اشتباه وتحرٍ خلال عام ٢٠١٢ ومرة اخرى خلال عام ٢٠١٣، والاشتباه او التحرى فى الولايات المتحدة لا يعنى الحرمان من اى حق من الحقوق الدستورية بما فى ذلك امتلاك سلاح نارى إلا اذا ثبت وجود قرينة ضده تربطه مباشرة بجهة مدرجة قانونا باعتبارها تنتهج الارهاب.
ومن الجدير بالذكر ان عمر متين الذى لا يمكن الجزم بأنه قد ارتكب الجريمة للقيام بعمل ارهابى لتأثره بجماعة داعش او انه ارتكب الحادث بسبب كراهيته للمثليين خاصة وان هناك شهادات عديدة تشير الى انه كان يرتاد الملهى الذى يعتبر مرتعا لهذه الجماعة.. فهل هو ارهابى اقدم على جريمته بدافع ايدولوجى ام هو مثلى مرتد عن جماعة مثلية ينتمى لها؟ ومازالت هناك اسئلة تحتاج الى توضيح وتحرٍ.
ومن الغريب ان هذا الشخص الذى عرف فيما بعد انه شخص مشاغب حاصل على رخصة للعمل كضابط أمن من الدرجة الاولى اى انه يتمكن من شراء اى سلاح نارى دون اى تحري.
ومن بين الاعمال التى كان يتولاها حراسة بعض المبانى الفيدرالية وقد استبعد فى عام ٢٠١٣ من حراسة مبنى المحكمة الفيدرالية فى اورلاندو بعد ان ذكر لبعض العاملين انه على اتصال بتنظيم القاعدة وبأعضاء فى حزب الله.. ويجدر بالإشارة ان الاعراب عن كراهية فئة من الفئات او حتى اعلان مساندة داعش لا تعتبر جريمة يعاقب عليها القانون إلا اذا ثبت وجود دليل او اتصال بالجهة الارهابية.. ومازال الاتصال الذى اجراه عمر متين بشرطة النجدة قبل الحادث بدقائق ليعلن فيه ولاءه ومساندته لداعش موضع دراسة .وقد رفضت وزارة العدل الامريكية الاشارة الى أى تعبيرات تتناول الدين الاسلامى تفاديا لإدراج الجريمة تحت اى بند دون التحقق من علاقة الجانى بأى جماعة ارهابية.
السلاح والدستور
وإذا كان هذا الحادث البشع قد اثار موجة مؤقتة من الخوف بين افراد الشعب الامريكى فقد تم استغلاله من جانب جميع الفئات وبطبيعة الحال من جانب الإعلام الذى وجد فيه مادة خصبة ومثيرة وقد دفع ذلك الى قيام بعض الجهات البحثية الى اتهام الاعلام بأنه من مشجعى الارهاب حيث يرى ان الدعاية التى تحيط بمن يرتكب الحادث الإرهابى هدف من اهداف الجانى وبالتالى هناك ضرورة لتناول مثل هذه الحوادث بحرص خاصة بعد ان ثبت ان الجناة يتابعون ما يكتب او يذاع عنهم اثناء ارتكاب الجريمة.. اى ان النشر والإذاعة التليفزيونية يرضى ويدعم الميول الإجرامية لدى الجاني.
وقد رأى الرئيس اوباما فى حادث اورلاندو انه يؤكد مرة اخرى على ضرورة تنظيم اقتناء الاسلحة النارية والحد منها وهو امر يقف ضده لوبى يعرف باسم «الجمعية الوطنية للرماية» وهو لوبى قوى للغاية يدافع عن الحق الدستورى لاقتناء السلاح الناري.. وقد فشلت اكثر من مائة محاولة دفع بها الحزب الديمقراطى لتقنين هذه القضية فى الكونجرس خلال السنوات الماضية.
بل لقد قام النائب كريس مورفى ممثل ولاية كونيكتت بشن حملة لهذا الغرض داخل مجلس النواب حيث شهدت الولاية التى يمثلها فى عام ٢٠١٢ مقتل ٢٦ شخصا منهم ٢٠ طفلا.
وقرر النائب مورفى فى اطار محاولة الضغط لاستصدار قرار لتنظيم اقتناء السلاح النارى الاستمرار فى الحديث امام مجلس النواب دون توقف وهو اسلوب متبع فى الكونجرس للضغط من اجل رفض او قبول قانون بعينه.. وبالفعل استمر مورفى فى الحديث لمدة ١٥ ساعة فى بداية الاسبوع حتى تمت الموافقة على ادراج القانون فى المضبطة ولكن الموافقة عليه امر بعيد المنال حيث ان الاغلبية من الجمهوريين يرفضون مثل هذا القرار باعتباره مساسا بالحق الدستوري.
ومن جهة اخرى كان الحادث فرصة امام الرئيس اوباما للهجوم على المرشح الجمهورى دونالد ترامب الذى اعلن ضرورة منع اللاجئين من دخول الولايات المتحدة دون التأكد من عدم انتمائهم لأى جماعة ارهابية. وقد اشار ترامب فى هذا الاطار الى ابناء الدين الاسلامى وهو ما دفع الرئيس اوباما الى رفض الاقتراح باعتباره اسلوبا سيضع الولايات المتحدة فى حرب مع دين من الأديان السماوية ولا يمكن ان يحقق لها اى انتصار.. ولكن اوباما فى نفس الوقت اكد انه سيقف دائما خلف حقوق المثليين حتى بشأن تطوعهم فى الجيش الامريكى وهو الامر الذى كان مرفوضا حتى اشهر ماضية.. وقد كان تهور المرشح ترامب فى اتهام الرئيس بأنه سبب من اسباب تعرض الولايات المتحدة للإرهاب من الأسباب التى تهدد شعبيته فى الوقت الحالي.
وقد كان الحديث عن داعش والارهاب وراء انتشار الدعاية الانتخابية السوداء التى لم يعلن عن الجهة التى تقف وراءها فقد اعلن موقع الكترونى عن بيع تى شيرت يتناول انتخابات الرئاسة الامريكية وقد صورت على التى شيرت المرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون وقد امسكت برأس منافسها ترامب بعد ان قطعته بسكين ضخم ووقف خلفها الرئيس السابق كلينتون وهو يضع على رأسه غطاء رأس عربيا.. المهم من المستفيد بهذه الدعاية السوداء؟انها مجرد بداية لمعركة نارية للفوز بالبيت الابيض.
إسرائيل والقانون
صدق او لا تصدق ان اسرائيل التى لا تضع اى اعتبار للقانون الدولى فازت هذا الاسبوع برئاسة اللجنة القانونية التابعة للجمعية العامة للامم المتحدة. ومن المعروف ان الانتخاب لرئاسة اللجان الستة التى تتولى بحث بنود جدول اعمال الجمعية العامة يتم وفقا للتقسيم الجغرافي.. وقد صادف هذا العام انه كان الترشح لرئاسة اللجنة السادسة «القانونية» من نصيب دول اوروبا الشرقية ودول اخرى منها اسرائيل.
وقامت هذه المجموعة بترشيح اسرائيل دون وضع اى مرشح لمنافستها عن الانتخاب وقد كان بامكان تركيا ان تطرح مرشحا لمجرد منافسة اسرائيل إلا انها امتنعت عن ذلك نظرا للمصالح المشتركة وكانت النتيجة فوز اسرائيل بتأييد ١٠٥ أصوات من بين ١٩٣ صوتا للدول التى شاركت فى عملية الانتخاب.
ورغم محاولات الدول العربية والاسلامية التأثير على الدول الاعضاء لمنع اسرائيل من تولى رئاسة هذه اللجنة المهمة فقد فشلت فى ذلك.. ولا عزاء للدول التى تحترم القانون الدولي.. فقد اصبحت اسرائيل صاحبة الكلمة فى تصنيف القرارات الدولية.
اليوم القومى للزنوبة
الشعب الامريكى له تقاليد وعادات غريبة للغاية فقد جعل لكل شيء يوما قوميا فهناك يوم قومى للبطاطس ويوم قومى للضحك والهدف نوع من الدعاية لمنتج او لهدف ما.. وهناك عشرات من الاحتفالات وكل يوم يحمل اسم عشرات من الأشياء او الأهداف.. وقد فوجئت مؤخرا ان يوم ٢ يونيه هو اليوم القومى الامريكى للزنوبة ،والزنوبة حسب معرفتى هى لباس القدم المصنوع من الكاوتشوك والذى يرتديه كثيرون على الشواطيء.. فماذا يمكن ان يفعل الامريكيون فى هذا اليوم ؟انه دعوة لارتداء هذا النوع من الاحذية حتى فى اماكن العمل فى الأيام الحارة!!
وربما كان من الغريب ان يقدم نائب امريكى يدعى ادريان سميث وهو يمثل ولاية نبراسكا بدعوة مجلس النواب الامريكى لإلغاء قرار صدر من وزارة الدفاع الأمريكية بمنع تقديم اللحوم ضمن وجبات يوم الاثنين التى تقدم فى المعسكرات الامريكية.. ونجح هذا النائب بالفعل فى استصدار قرار بمنع قرار وزارة الدفاع الذى كان صدر نتيجة ضغوط من انصار الحد من استخدام اللحوم واللجوء الى كثرة استخدام الخضراوات.. وفى اطار الدفاع عن النفس قال ممثل البنتاجون «ان البنتاجون لا يحارب الهامبورجر.. وقائمة الطعام الخاصة بالمعسكرات بها اصناف متعددة»!