مدخل ضروري: من المفترض كما اسلفت ان انتظر إكتمال ما استطعت متابعته من المسلسلات لكن ما حل بالاعلانات دفعني إلي الاسراع بالتعليق.. فكذلك ما حل بالدراما اطاح أيضاً بتحفظي المشار إليه ودفعني الي تسجيل ملاحظات عابرة للمسلسلات أي متجاوزاً لتفاصيلها الآن إلي ظواهر عامة لافتة وغريبة!
أولاً: ان الاعلانات وهجمتها الضارية دهست في طريقها وتحت سنابل خيولها الجامحة كل المسلسلات بلا استثناء.. فأنزلت بها مصيبتين: أولاهما أن الحلقات (اتسخطت) منكمشة من 40 دقيقة إلي ما فوقها كما كانت تكتب.. لتصير الحلقة 25 دقيقة وما دونها، توسعة علي الإعلانات صاحبة اليد الطولي علي البث بأجمعه.
ثانيتهما: أما حل بالحلقات من تمزيق وحشي غير مسبوق.. فما بين المشهد أو المشهدين وما يتلوهما من إعلانات تفوق في مدتها عدة مشاهد بقانون سار علي المسلسلات جميعاً دون رحمة.. ولعل السادة اصحاب الإعلانات أو الوكالات قد يفكرون لاحقاً في عمل مسابقة لمن يستطيع من المشاهدين أن يجمع اشلاء الحلقة الممزقة في جسد له ملامح.. وتزيد المكافأة في حالة لململة اشلاء المسلسل كاملاً!.. فهل هناك إهانة وظلم أكثر من هذا للمسلسلات مهما كانت تافهة أو مهلهلة.
- ربما يبرر بعضهم بأن السبب هو إيقاع العصر الذي اختلف فيما يتعلق بمضمون الحلقة أو أن السبب هو رفض الاطالة والرغبة في التكثيف الدرامي.. لكن وحق الله لا هذا ولا ذاك فالاطالة في بعض الحلقات (تخنق).. أما (الرطرطة) والثرثرة رغم ضيق الوقت فهي متوافرة والحمد الله.. ويظل السبب الذي يبطل كل عجب.. هو ما تفرضه الإعلانات - السيد المطاع - من شروط لا مهرب منها.. تقزم ما تشاء.. وتوسع علي ما تشاء من بضاعتها. ثانيا: ظاهرة اخري هذا العام وهي تكرار موضوعات بينعها رغم ما يبدو من اختلاف في بعض التفاصيل.. وذلك في عدة سلال.. فسلة تضم عدداً كبيراً من أعمال كلها تبدأ بجريمة قتل.. أو أن يكون العمل محوره جريمة قتل والجري علي مسافة ثلاثين حلقة بحثاً عن القاتل أرأيت إلي أي مدي سارت المسألة سهلة ويمكن تعميمها ايضاً علي موسم بأكمله إن قررت الوكالات الإعلانية! ولكن هناك استثناءات قليلة تستحق التوقف عندها بجدية لاحقاً.. وسلة جرائم القتل تشبه أيضاً سلة أخري عامرة بالبلطجة والعنف والمطاردات ولهذه السلة سوابق في سنوات مضت ولكن بالتواصل والتناسل الطبيعي مع سلة الجرائم.. صارتا تمثلان باقة كبيرة في الموسم يراها البعض انعكاساً لواقع ما بعد ثورة 25 يناير والحقيقة فيما يزعمون أن هذا القول محض تدليس، فالعنف والشر في الواقع الآن له اسباب غير ما تشاهده في تلك الأعمال إلا ما ندر وأكثر هذه الأعمال لا تهتم بأي تبرير.. وبعضها له علاقة بموضوعات اجنبية نقلت بالتفاصيل أحياناً وبالتالي فهي بعيدة تماماً عن أجواء وظروف ما نعيشه.. وإن كانت غرابتها بالنسبة لواقعنا وما بها من إثارة مصدر اهتمام للاسف من قطاع كبيرة من الناس!! بإستثناء أعمال قليلة تتعلق بالمعركة الطاحنة مع الارهاب وأدواته الداعمة والمقلقة بالداخل أو بقضايا مختلفة.
ثم نأتي لسلة ضمت عدداً كبيراً من المسلسلات في صلبها أو حواشيها.. وبدت لصانعيها مصدر جذب للإعلانات.. أتحدث عن مسلسلات المرض النفسي أو العقلي وعموماً لا مصادرة علي هذا الاختيار إن جاء وفق مرجعية دقيقة علمياً وطبياً.. وأظن أن تلك مفتقدة في بعضها بشدة بل هي تنساق إلي تهويمات وخلط. ويظل هناك استثناءات بأعمال قليلة سأتوقف عندها لاحقا بل قد تكون من أبرز ما قدم.
- أما ما يسمي بالأعمال الكوميدية.. فأغلبها يخلط ما بين الدراما الكوميدية والمنوعات أو الفواصل المضحكة أو الاستكشات.. أما ما يوصف عن حق بدراما كوميدية أيا كان التصنيف الكوميدي لها فهي استثناءات قليلة سنشير إليها أيضاً.
- أما الأعمال المستوحاة بنصوص أدبية فلا أظن أن هناك سوي (أفراح القبة) سنعود إليه.
- المفارقة الغريبة أن ما تسفر عنه هذه الملاحظات من اتساع مساحة الغثّ وضيق مساحة الجيد.. الا أننا نشاهد مواهب كثيرة تستحق الاشادة علي كل المستويات كأن هناك علي مستوي الإبداع المصري الفردي من يريد أن يصرخ بأن مصر مازالت ولادة.. وسوف تسترد الريادة حتما!