فشل مجلس النواب اللبناني للمرة الـ19 في سد الفراغ السياسي بانتخاب رئيس للبلاد خلفا للرئيس السابق ميشال سليمان المنتهية ولايته منذ 9 أشهر. وحدد المجلس موعدا جديدا لعقد جلسة انتخاب الرئيس في 11 مارس المقبل على أمل أن تحسم هذه القضية التي باتت مزمنة بسبب فشل المجلس في تحقيق النصاب القانوني اللازم لصحة عقد الجلسة، والذي يتطلب حضور ثلثي أعضاء البرلمان أي 86 نائبا من أصل 128 نائبا. ويشكل استمرار الفراغ في منصب الرئاسة اللبنانية العامل الأساسي في الضعف السياسي في لبنان، خاصة في وقت يتعرض لبنان لهزات أمنية متتالية ناتجة عن تداعيات النزاع في سوريا المجاورة، فمنذ انتهاء ولاية ميشال سليمان، تتولى الحكومة المؤلفة من ممثلين عن غالبية القوى السياسية ويرأسها تمام سلام "السني" بموجب الدستور مخولة لها صلاحيات الرئيس لحين انتخاب رئيس جديد، وفي ظل غياب رئيس للبنان وهو أكبر منصب مسيحي في البلاد. ويتم تمرير القرارات داخل مجلس الوزراء بالتوافق أو بإجماع أصوات الوزراء مما يتيح لأي وزير الاعتراض عليه باستخدام "الفيتو"، ولهذا يسعى رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام إلى تغيير آلية إصدار القرارات إلى الأغلبية داخل مجلس الوزراء، وهو ما يعترض عليه وزراء تكتل التغيير والإصلاح الذي يتزعمه العماد ميشال عون ووزراء حزب الكتائب اللبنانية برئاسة الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل. ودأب نواب حزب الله وحلفائه على عدم حضور جلسات البرلمان المخصصة لاختيار الرئيس، داعين إلى ضرورة حدوث "توافق مسبق" على تسمية رئيس للدولة قبل عقد الجلسة، فرئيس الجمهورية اللبناني رئيس شرفي ينتخبه البرلمان من خلال الاقتراع السري بغالبية الثلثين في الدورة الأولى، ويكتفي بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التالية، وغالبا ما يكون إحدى جنرالات الجيش المتقاعدين وأن يكون من الطائفة المارونية، وتدوم ولايته ست سنوات ولا يجوز إعادة انتخابه إلا أنه تم خرق هذا الشرط مرتين. وتحمل "قوى 14 آذار" مسئولية الفراغ الرئاسي الذي يشهده لبنان منذ 25 مايو لكل من حزب الله وحليفه عون، بسبب تعطيلهما المتكرر لنصاب انتخاب الرئيس داخل مجلس النواب، وينقسم النواب بين مجموعتين أساسيتين وهم قوى 14 آذار المناهضة لدمشق وحزب الله والمدعومة من الغرب والسعودية وأبرز أركانها الزعيم السني سعد الحريري والزعيم المسيحي الماروني سمير جعجع المرشح إلى رئاسة الجمهورية، وقوى 8 آذار المدعومة من دمشق وطهران وابرز أركانها حزب الله الشيعي والزعيم المسيحي الماروني ميشال عون الذي يعتبر مرشح هذه المجموعة إلى الرئاسة.    وتقاطع أغلب كتل قوى 8 آذار بقيادة حزب الله وتكتل التغيير والإصلاح بزعامة العماد ميشال عون جلسات انتخاب رئيس للبلاد نظرا لعدم التوافق على اسم المرشح للرئاسة حيث يرى عون أنه الأجدر بتولي المنصب باعتباره صاحب أكبر كتلة مسيحية في البرلمان اللبناني، ويعتبر حزب الله هو المفاوض باسم 8 آذار فى هذا الاستحقاق، مقابل رفض قوى 14 آذار بقيادة تيار المستقبل لانتخاب عون رئيسا وتقديمها لمرشح هو رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مع تلميحها للاستعداد للتفاوض حول مرشح توافقي.