قال الباحث الأثري أحمد عامر إن عمود السواري يُعتبر من أشهر معالم الإسكندرية القديمة في العصر الروماني، ويقع العمود في مكان بارز بين الآثار القائمة علي الهضبة المرتفعة، وقد صُنع من حجر الجرانيت الأحمر، والعمود عبارة عن قطعة واحدة طولها حوالي 20م ، وقطرها عند القاعدة حوالي 2.70م ، وعند التاج حوالي 2.30م ، أما الارتفاع الكُلي فيبلغ حوالي 26.85م تقريباً.

 أما عن إقامة العمود فمن المعروف أنه عقب تقطيعهُ من محاجر الجرانيت عند أسوان نُقل بطريق النيل، ثم حُمل في الترعة التي تمد الإسكندرية بالماء العذب ومن الترعة وُضع في مكانه الموجود حالياً، كما أن بنك الإسكندرية اتخذه شعاراً له.

وأشار "عامر" إلي تعدد أسماء العمود حيث أنه أُطلق عليه بالخطأ منذ الحروب الصليبية "عمود بومبي" حيث ظن الفرنجة وقتها أن رأس "بومبي" القائد الروماني هرب فراراً إلي مصر من "يوليوس قيصر" وقتله المصريون اعتقادا منهم بما حدث مع الإمبراطور الروماني "تراجان"، أما عن تسمية العمود بإسمه الحالي "عمود السواري" فترجع إلي العصر العربي ويُحتمل أن هذه التسمية نتيجة ارتفاع هذا العمود الشاهق بين أربعمائة عمود التي تشبه الصواري،لذلك أُطلق عليه "ساري السواري" وفيما بعد حُرفت إلي "عمود السواري".

وتابع "عامر" أن كل النقوش التي وجدت علي العمود لا تهدينا إلي نسبة العمود أو تأريخه لأنها تقع جميعها داخل أساسات القاعدة حتى أنه أُطلق علي العمود أسماءً مُتباعدة في زمنها التاريخي فقد سُمي بعمود "بومبي" وهذا يعني أنه قد بني قبل خضوع مصر لروما أو سُمي بعمود "ثيودسيان" وبذلك يرجع تأريخه إلي العصر البيزنطي،كما قيل أن العمود أُهدي إلي المسيحية بعد انتصارها في عام 391م وهذا يعني أن العمود وثنياً لأن السكندريين لم يكن لديهم القوة لإقامة نصب بهذا الحجم وفي ذلك كله خطأ،ولكي نتبين حقيقة نسبة هذا العمود علينا الرجوع إلي نقش يوناني قديم علي جانب القاعدة الغربي وعلي الرغم من ذلك فقد آثار هذا النقش جدلاً علمياً نظراً لتآكله وعدم اكتماله وهو محفور في أربعة سطور ويقول "إلي الإمبراطور العادل،الإله الحامي للإسكندرية "دقلديانوس" الذي لا يُقهر أقام "بوستوموس" والي مصر هذا العمود"، لذلك فقد أقيم هذا العمود بعد أن أخمد الإمبراطور "دقلديانوس" الثورة التي قام بها القائد الروماني "لوكيوس دوميتيوس دوميتيانوس" المُلقب ب "أخيل"في الإسكندرية.

 وعندما جاء إلي الإسكندرية قام بحاصرها ثمانية أشهر، وكان نتيجة ذلك أن ساد النهب بالمدينة وتم تخريب جزء كبير منها، وبعد سقوط الإسكندرية عمل الإمبراطور "دقلديانوس" حيث أرجع إليها جزية القمح كما أصلح من نظام إدارتها مما جعل الناس يتحدثون بفضله علي المدينة، فأُقيم هذا العمود تخليداً لذكراه وتعبيراً عن شُكر السكندريين له.