يستحق عن جدارة لقب "عاشق".. يؤمن أن "مصر" كانت ولا تزال مطمعًا للعدو الصهيوني الذي يريد أن يسحب البساط من تحتها، وأنها تستحق من أبنائها صحوة لأنها عانت طوال سنوات ظلمًا وجحودًا وافتراءً من قبل المضللين الذين قالوا عنها إنها حضارة قامت على فكرة الوثنية وعبادة الأصنام والسخرة. إنه المفكر وعالم المصريات د. وسيم السيسي، الذي يرى أن أخطر ما تواجهه مصر الآن هو ثالوث الفناء "الجهل والفقر والمرض" ليؤكد أن الحل في النيل، فإذا صح النيل صحت مصر، وإذا مرض النيل مرضت مصر. يتوسم في الرئيس عبد الفتاح السيسي، القائد الخير الذي أتى من حصون جيش عظيم لينقذ مصر من ثقب أسود فلكي رهيب يلتهم الكواكب والمجموعات الشمسية"، مشبهًا إياه بالقائد "حور محب" آخر ملوك الأسرة المصرية الثامنة عشر. من دار الأوبرا حيث الصالون الثقافي، جلس د. وسيم السيسي، بتواضع العلماء وأدبهم في لقاء مفتوح في حب مصر ليذكر جموع الحاضرين برقي وعظمة هذا البلد وتاريخه العريق، مؤكدًا أن التاريخ هو منصة الانطلاق إلى المستقبل، وأن المسئولين عليهم الاستفادة من العلوم الفرعونية في القضاء على ثالوث الفناء المتمثل في الفقر والجهل والمرض عن طريق نهر النيل، فقد حارب المصري القديم الفقر بالماء حيث كان للشرب والقمح للزراعة ولوحدات البناء، والجهل حاربه بورق البردي والبوص حيث استخدمه كأقلام والنيلة للحبر، والمرض حاربه أيضا بالماء للنظافة والرياضة والنباتات الطبية لعلاج الأمراض، لذلك فمصر هبة النيل فإن صح النيل صحت مصر وإن مرض مرضت مصر. وتساءل السيسي، "لماذا نترك تاريخنا بهذه الطريقة، ليتم انتهاكه من قبل الجهلاء، فالمصريون لابد أن يعلمون أن عقدة اليهود الأزلية هي الحضارة المصرية، ويحاول الكثيرون منهم نسبها إليهم عدوانًا، وعلى سبيل المثال - الكلام لا يزال للسيسي - أن يهودياً رأيته ذات يوم صدفة خلال زيارة لي للمتحف المصري ووجدته يرفع قبعته وينحني أمام تمثال الملك إخناتون، معتبرا إياه أحد أجداده القدامى، لذلك فهم يروجون في الوقت الحالي أن اخناتون هو النبي موسى وهذا قطعا "تهريج" ومرفوض. وأضاف السيسي، أن اليهود رعاة أغنام فكيف يفهمون بالأساس في الهندسة التي استخدمها الفراعنة في بناء الأهرامات بهذه العظمة، ضاربا مثالا يذكره التاريخ أن مناحيم بيجن رئيس وزراء إسرائيل الأسبق أثناء توقيع اتفاقية كامب ديفيد قال: "لقد تعبت من المفاوضات، مثل تعب أجدادي في بناء الأهرام" ثم يعقب السيسي، بأن ذلك بالطبع محاولات مستميتة من اليهود لتزييف التاريخ وتدميره. وقال السيسي، إن خلال رحلة قام بها في المعابد بالأقصر وأمام تمثال إله الخصوبة عند قدماء المصريين توقف المرشد السياحي وقال "إن هذا هو الإله يدعى "Min" بطريقة مقتضبة فطلبت أن أضيف أن هذا الإله كان يقدم له الخس لأن المصريين القدماء عرفوا قيمة الخس لأنه غني بفيتامين E، الذي يرفع درجة الخصوبة، وتطورت الكلمة إلى "منوي" أي السائل المنوي، وهذا يؤكد أن قدماء المصريين كان عندهم دراية كبيرة بالطب. وعن بداية ولهه بمصر القديمة تذكر السيسي، أنه عندما ذهب لإنجلترا منذ سنوات مضت لم يكن على دراية بالحضارة المصرية قائلا، "حدث لي 3 صدمات قررت على إثرها أن أعرف وأدرس تلك الحضارة العظيمة كنت عند ذهابي لإنجلترا حريصا على أن أذهب إلى حدائق "هايد بارك" ووجدت شخصا يتفاخر كونه انجليزيا ويتفاخر بإنجازات إنجلترا وأنها نور العالم، فظهر شخص إفريقي وقال له "لتكف عن التفاخر بكونك متحضرًا فأنا وهبتك الحضارة فسأله كيف؛ فرد الشخص الأفريقي: أنتم أخذتم حضارتكم من الرومان والرومان أخذوها من اليونان واليونان أخدوها من مصر القديمة ومصر في أفريقيا وأفريقيا قارتي لأنني من نيجيريا وهنا صفق له الانجليزي". وتابع السيسي، "الصدمة الأخرى حينما كنت في مجلس العموم البريطاني أحضر وطالب أحدهم برفع العقوبة عن الأمير فيليب زوج الملكة إليزابيث الثانية وسحبت منه رخصة القيادة فطالب النائب برد رخصة القيادة له ورفع العقوبة عنه، فرد رئيس المجلس قائلًا " كلا لأن ليس على رأسه ريشة" فاندهشت لأننا كمصريين نقول نفس الجملة فسألت طبيبا انجليزيا عن سر الجملة المتكررة ورد بأنها ريشة العدالة "ماعت" بمصر القديمة وهي ريشة نعامة متساوية على الطرفين، وكانت "ماعت" ترمز للعدل" و"الحق" والنظام الكوني و"الخلق الطيب"، وبها يقاس وزن قلب الميت لمعرفة ما فعله الميت في دنياه من حياة صالحة سوية مستقيمة تتفق مع "الماعت " أم كان جبارا عصيا أو كذابا، والصدمة الثالثة كانت في المتحف البريطاني أمام قفص زجاجي حيث تتواجد جمجمة أول جراحة مخ في التاريخ منذ 4000 سنة قبل الميلاد، وهنا أدركت أنني لا أعرف شيئًا عن تاريخي فقررت أن أفهمه وأذاكره. وأوضح السيسي، أن الشعوب تذبح إذا لم يكن لها تاريخ، وبالتالي لابد أن ننتبه لمن يحاول أن يدمر تاريخنا، من خلال تضييع ذاكرة الأمة، فالتاريخ والحضارة هما منصة إطلاق للمستقبل، لذا يجب أن نهتم كثيرًا بتعليم النشء أهمية التاريخ والحضارة المصرية التي سبقت العديد من الحضارات على مر العصور في شتى المجالات مثل الطب والجراحة وأمراض العظام، والتحنيط والعقيدة وفي الفنون والرسوم والجداريات وفي فكرة الثواب والعقاب وغيرها. وأكد أن المرأة المصرية في وقتنا الراهن لم تحصل سوى على نسبة 2% من حقوقها سواء في التعليم أو العمل أو الحقوق السياسية ولكن المصريين القدماء قدسوا المرأة وأعطوها جميع حقوقها ووضعوها على قدم المساواة مع الرجل. وأوضح، أن المرأة تقلدت المناصب في مصر القديمة فكانت ملكة وزوجة حاكمة في الأسرة الثانية كانت رئيسة لقسم الأسنان وكانت وموسيقية وراقصة، فلا تقدم لأي حضارة إلا إذا كانت المرأة على قدم المساواة مع الرجل، في مصر القديمة إذا توفي الأب كانت توزع الفتاة الثروة بين أخواتها الذكور حتى وإن كانت تصغرهم سنا وهذا تكريم لدور المرأة لها وكان من حقها الخلع مثلما جاء على لسان الزوجة في إحدى البرديات "إذا هجرتك كزوج أرد لك مهرك ونصف أمتعتك"، وذلك إذا كان هناك قسوة من الرجل بالقول حيث كان يتم إنذاره مرة وإذا تكررت فعلته يكون من حقها الطلاق أو طلب الخلع، كما مصر أول بلد في العالم عرفت كيفية العناية بالمرأة الحامل قبل الولادة وبعد الولادة، فضلا عن طريقة الولادة الصحيحة باستخدام أدوات من الطبيعة. وتحدث وسيم السيسي عن براعة بردية قانون الأخلاق ومحاكمة الروح عند المصريين القدماء، مستشهدًا بقول عالم المصريات "والاس بادج" نحن في حاجة إلى قرون قادمة حتى نصل إلى هذا المستوى الرفيع من الحضارة الانسانية قائلا إن المصريين القدماء كانوا يقولون في صلواتهم: لم ألحق ضرراً بإنسان، ولم أتسبب في دموع إنسان، ولم أكن سببا في شقاء حيوان، ولم أعذب نباتا بأن نسيت أن أسقيه ماء". وقال السيسي، إن عالم الآثار الشهير جيمس هنري برستيد قال في كتابه "فجر الضمير": "إن قانون الأخلاق في مصر القديمة أسمى بكثير من الوصايا العشر"، كما أن جان فرانسوا شامبليون قال عنها "يتداعى الخيال ويسقط أمام الحضارة المصرية القديمة". وذكر السيسي، أن مصر أهدت العالم في عام 4241 قبل الميلاد التقويم الشمسي واستطاعت أن تغير العالم فالتقويم القمري "11 يوما" والصيف فيه يتداخل في الشتاء، ومصر عرفت السنة الشمسية التي تبلغ 365 يوما وست ساعات على يد فلكي مصري يدعى "فوتوجينيس" وظللنا على هذا التقويم حتى عام 1582 ميلادية. وحول قدوم الملك إخناتون بفكرة التوحيد، قال السيسي، إن "إخناتون لم يأت بتوحيد لكنه جاء بمذهب في مقابل مذهب حيث كان مذهبا الأمونية والأزورية موجودين، وحينما قدم إخناتون ألب مذهباً على مذهب وكان خلفه أسباب سياسية واقتصادية لأن الأمونيين كانوا ذوي اقتصاد قوي وأراد إخناتون أن يفرض عبادة إله واحد وأن يكسر شوكتهم، وكثيرون يعتبرون أن إخناتون ضيع مصر بـ"الدروشة الدينية" لأنه تسلم حضارة قوية من تحتمس الثالث ووقفت والدته "تي" ضده وترك طيبة وذهب لتل العمارنة وهجرته زوجته الملكة "نفرتيتي" لكنه أراد أن يتسيد بمذهبه هذا على الأمونيين. وتابع السيسي: إن هذا يأخذنا لمذهب العقيدة وهنا نجد أن مصر القديمة عرفت العالم الآخر أن هناك حياة بعد هذه الحياة وأن هناك جنة ونار مثلما هو موجود في "مقبرة سيتي الأول" حيث نجد رسومات توضح الصراط المستقيم والجنة على جانب والنار على الجانب الآخر" ونجد أن مصر القديمة هي التي عرفت العالم بالعالم الآخر من القرآن الكريم قال الله تعالى "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً" فأول رسول في التاريخ كان سيدنا إدريس عليه السلام، وكلمة الصوم كلمة مصرية قديمة "صاو " ومعناها يتمنع عن، وكان المصريون القدماء يصومون 30 يوما ثم يدخل بعد عيد السلام الكبير"، وكلمة حج ومعناها النور أو الضياء، و"آز" كلمة مصرية قديمة ومعناها المتجه للنور أي "حجاز" والذي أقام الكعبة هو سيدنا إدريس عليه السلام، و"ماو" معناها الزكاة، وغيرها من الأدلة المذكورة في القرآن الكريم".