قانون الدفاع 2025.. «الذكاء الاصطناعي السريع» يهدد شركات التسليح الأمريكية

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


يشهد القطاع العسكري الأمريكي تغيرات جذرية، حيث تزداد وتيرة التعاون بين شركات الذكاء الاصطناعي لتحسين الأداء العسكري، وتعزيز نفوذها في البنتاجون من خلال تقديم تقنيات حديثة قد تتفوق على حلول الدفاع التقليدية.

التحالفات بين هذه الشركات تهدف إلى دمج الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية بشكلٍ «لم يكن معهودًا من قبل»، ما قد يغير مجرى التفاعلات العسكرية العالمية، وذلك بعدما باتت التكنولوجيا أصبحت جزءًا لا يتجزأ من مجريات الحروب الحديثة، مع تطور مستمر في استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين الأداء العسكري.

حيث قدمت شركات مثل "بالانتير"، "أندوريل"، و"شيلد إيه آي" التقنية  حلولاً مبتكرة لتحليل البيانات العسكرية الأمريكية والارتقاء بكفاءة العمليات عبر استخدام الطائرات بدون طيار وأنظمة الاستشعار الذكية، وهذه الابتكارات لا تقتصر على تحسين العمليات الدفاعية فقط، بل تهدد الهيمنة التاريخية لشركات الدفاع التقليدية الأمريكية التي كانت تسيطر على القطاع لعقود، وفقًا لمجلة "ديفينس ون" الأمريكية.

اقرأ أيضًا| «الطائرات الحمراء».. كيف تُحاكي البحرية الأمريكية أعداءها الافتراضيين؟

 

◄تزايد دعم الكونجرس للذكاء الاصطناعي

في خطوة دعم هامة، وافق مجلس النواب الأمريكي على مشروع قانون دفاعي لعام 2025، يتضمن تعزيز البنية التحتية للحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي، يهدف هذا المشروع إلى تسريع استخدام الأسلحة والأنظمة العسكرية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، مع التركيز على تحفيز التعاون بين القطاعين الخاص والعام لتطوير تقنيات متقدمة تلبي احتياجات الجيش الأمريكي المتنامية، بحسب المجلة الأمريكية ذاتها.

يشمل القانون الجديد مواد طموحة مثل توسيع البنية التحتية للحوسبة عالية الأداء، ما يدعم تطوير نماذج ذكاء اصطناعي مرنة وقابلة للتطوير، وسيساهم ذلك في تسريع تدريب الذكاء الاصطناعي وتطوير الأسلحة الذكية، مما يعزز قدرة الجيش الأمريكي على الاستجابة بسرعة للتحديات الجديدة والمتطورة في ساحة المعركة.

في إطار مشروع قانون الدفاع لعام 2025، يدعو القسم 236 من القانون إلى تعزيز التعاون بين وزارة الدفاع الأمريكية والأوساط الأكاديمية وكذلك شركات القطاع الخاص، هذا التحرك يهدف إلى تسريع تبني الابتكارات التكنولوجية في المجال العسكري، خاصة في الذكاء الاصطناعي، ما يساهم في تحسين كفاءة العمليات الدفاعية وتطوير حلول مبتكرة.

التحديات المترتبة على استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري تتطلب ضمانات قوية، حيث يتضمن مشروع قانون الدفاع لعام 2025 متطلبات للإبلاغ عن التقدم المحرز في استخدام هذه التقنيات، مع وضع آليات لضمان المساءلة والشفافية، وهو ما يعزز الثقة في تطبيق الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية الحيوية، بحسب المجلة الأمريكية ذاتها.

ينص التشريع الجديد على ضرورة تحديث سنوي لتقييم موارد البيانات، وتعزيز الأمن السيبراني، وقياس فعالية استخدام الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية، وشدد مدير وحدة الدفاع الأمريكية، دوج بيك، على ضرورة تعديل فلسفة الشراء في البنتاجون، بدلاً من الالتزام بمتطلبات ثابتة، يجب منح الشركات مرونة لتصميم منتجات الذكاء الاصطناعي بما يتماشى مع احتياجات الدفاع الأمريكي.

اقرأ أيضًا| عبر لجنة قتالية.. ترامب يدرس «عمليات تطهير» في الجيش الأمريكي

 

◄تعزيز المنافسة بتكنولوجيا الدفاع

دعا دوج بيك إلى توفير بيئة تنافسية في مجال تكنولوجيا الدفاع من خلال تركيز الأموال على مجالات معينة مثل الذكاء الاصطناعي، والاستقلالية، والتكنولوجيا الحيوية، بدلاً من دعم البرامج المحددة مسبقًا، حيث إن هذا التوجه يعزز الابتكار ويشجع الشركات التقنية الأمريكية، على اختبار منتجاتها في ساحة المعركة حتى قبل طلبها رسميًا من قبل الدفاع الأمريكية.

أظهرت الشراكات التكنولوجية والتي من بينها شركات مثل "بالانتير" و"أندوريل" الأمريكية، نجاحًا ملحوظًا في توظيف التكنولوجيا الدفاعية، ويعتقد مسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية أن هذه الشركات تمثل نموذجًا ناجحًا لدمج الذكاء الاصطناعي في القطاع العسكري، وتكمن الفرصة في أن هذه الشراكات قد تصبح الأساس لتشكيل السياسات المستقبلية لشراء التكنولوجيا الدفاعية.

مع تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية، أسست وزارة الدفاع خلية "الذكاء الاصطناعي السريع" ضمن مكتب الذكاء الرقمي والاصطناعي، وهذه الخلية تهدف إلى تسريع اختبار وتبني الذكاء الاصطناعي التوليدي في الدفاع، وتشير التشريعات الحديثة إلى أهمية تطوير استراتيجيات لتوحيد بيانات الأسلحة والأنظمة لتسريع التكامل التكنولوجي.

القانون الجديد، الذي يدفع وزارة الدفاع الأمريكية لتبني الذكاء الاصطناعي، يشمل أيضًا تطوير استراتيجيات لمزامنة البيانات عبر مختلف الأنظمة العسكرية، وهذه الجهود تهدف إلى تحديث تنسيقات البيانات القديمة واستخدامها بشكل فعال في الأسلحة والأنظمة الدفاعية، ويهدف هذا التحول إلى تبسيط العمليات وتحقيق التكامل التكنولوجي الفعال بين القطاعين العسكري والتكنولوجي بأمريكا.

كما شهدت بعض الشركات التكنولوجية الأمريكية مثل "بالانتير" طفرة في قيمتها السوقية، متفوقة على شركات دفاعية تقليدية مثل "لوكهيد مارتن" للصناعات العسكرية الأمريكية، وهذا التغير يعكس القوة المتزايدة للبرمجيات في قطاع الدفاع الأمريكي، فيما يرى مؤسس "بالانتير"، أليكس كارب، أن القرن المقبل سيكون "قرن البرمجيات"، وأن شركته تستهدف الاستحواذ على السوق الدفاعي العالمي، ما يعكس التوجه المتزايد نحو الاعتماد على الذكاء الاصطناعي بالقطاع العسكري الأمريكي.