استدعت اليونان الخميس الماضي سفيرها فى النمسا فى تصعيد جديد للحرب الدبلوماسية المشتعلة فى أوروبا حول كيفية التعامل مع التدفق الكبير لإعداد المهاجرين الفارين من مناطق الحروب فى الشرق الأوسط وغيرها. وبحسب تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية فإن هذه الخطوة أكدت على الانهيار السريع الذى تشهده وحدة أوروبا حول أزمة اللاجئين فى ظل اتباع كل دولة لنهج مختلف في تعاملها مع القضية الأمر الذى يهدد باتساع نطاق الأزمة الإنسانية التى تواجهها القارة.

وخلال الأيام القليلة الماضية قضت مجموعة من الدول بقيادة النمسا على كل المحاولات للتوصل لاستجابة إقليمية موحدة للأزمة وذلك من خلال اتخاذ هذه الدول خطوات أحادية الجانب تهدف إلى الحد بشكل كبير من عدد ونوع المهاجرين المسموح لهم بدخول أراضيها. ووضعت هذه الخطوات آلاف اللاجئين فى مأزق حقيقى بعد أن تركتهم عالقين فى اليونان التى تعانى من أزمة اقتصادية حادة تضعها على حافة الإفلاس.
ووصف وزير الخارجية اليونانى نيكوس كوتزياس ما يجرى بأنه "قومية جديدة تنتشر فى القارة الأوروبية وهى العقلية التى تذكرنا بانقسامات القرن 19 والتى أدت إلى عقود من عدم الاستقرار فى أوروبا". وقال الوزير فى بيان " إنه من الواضح أن المشكلات الكبيرة التى يواجهها الاتحاد الأوروبى لا يمكن أن تحل من خلال هذه العقليات والمبادرات غير المؤسسية والتى لها جذورها فى القرن ال19". وأضاف "أن مسئولية التعامل مع أزمة المهاجرين لا يمكن أن تقع على عاتق على أى دولة بمفردها". وأكد الوزير أن الحل المنطقى لهذه الأزمة المعقدة يتطلب تطبيق مبادئ التضامن والتوزيع العادل".
وكانت التوترات بين النمسا واليونان قد تصاعدت عندما وضعت فيينا قيودا مشددة على عدد المهاجرين المسموح لهم بطلب اللجوء إلى أراضيها والذى بلغ 80 مهاجرا يوميا وهو ما أثار سلسلة من ردود الفعل الغاضبة. فمثلا منعت صربيا ومقدونيا «وهما محطتان رئيسيتان فى رحلة المهاجرين« الأفغان من الدخول رغم أنهم يمثلون نحو ثلث المهاجرين وسمحت الدولتان فقط بدخول السوريين والعراقيين الذين أصبح عليهم أن يقدموا المزيد من الأوراق والمستندات التى لا يملكها الكثير منهم.
وتعمقت الأزمة الدبلوماسية الأربعاء الماضى بعدما عقدت 10 دول اجتماعا فى العاصمة النمساوية فيينا لدعم السياسات الجديدة التى تحد من تدفق المهاجرين الأمر الذى دفع اليونان للاحتجاج رسميا لعدم تلقيها دعوة للمشاركة فى الاجتماع وفى اليوم التالى استدعت سفيرها فى النمسا.
وبحسب مسئول فى وزارة الخارجية النمساوية فإنه يتعين حاليا على كل الدول التى تقع على طول طريق المهاجرين أن تتحرك بمفردها بعد أن فشلت أوروبا فى التوصل لاتفاق إقليمى وطالب المسئول الذى رفض الكشف عن هويته السفير اليونانى بأن يكون قادرا على إبلاغ رؤسائه عن المشاكل الحقيقية التى تواجه دولا مثل النمسا.
وتكافح الدول الأوروبية منذ شهور للتوصل لحل إقليمى واحد خاصة مع تدفق عدد كبير من المهاجرين منذ بداية العام ليصل إلى 100 ألف مهاجر وهو عدد يفوق بكثير العدد الذى وصل فى نفس الفترة العام الماضى. ومع هذا فإن التوصل لأى اتفاق يبدو بعيد المنال فى ظل تصاعد الحرب الدبلوماسية فى القارة الأوروبية حيث تتزايد المشاحنات بين الألمان واليونانيين من جانب والنمساويين ودول البلقان من جانب آخر. كما أن فرنسا مستاءة من القواعد الجديدة التى وضعتها بلجيكا لمراقبة الحدود ومنع المهاجرين الذين يحاولون الانتقال إليها من فرنسا. وفى الوقت نفسه تتهم الدول الأوروبية حكومة المجر المعادية للمهاجرين بتقويض اتفاق إقليمى لتقاسم عبء المهاجرين بين جميع دول الاتحاد الأوروبى.