◄| تكبد شركات قطاع الأعمال 180 مليون خسائر سنويا
◄| 26 % من الأدوية بالأسواق سعرها أقل من دولارين
◄| الإدارة المركزية لشئون الصيادلة: ندرس تحريك الأسعار على نطاق «ضيق»

«الوقاية خير من العلاج» حكمة رائعة أفسدتها حقيقة أن العلاج أيضًا لم يعد موجودًا، بعد أن أصبحت الأسواق تعاني أزمة كبيرة من نقص الأدوية رخيصة الثمن.



لم تسلم صناعة الدواء من التأثر بارتفاع سعر الدولار، الذي أدى إلى ارتفاع المواد الخام في الوقت الذي ظل فيه سعر الدواء ثابتا دون أدنى تغيير، فما كان من الشركات إلا أن تلجأ إلى وقف الإنتاج بعد أن فاض بها الكيل من المطالبة بتحريك أسعارها التي لم تتغير منذ تسعينيات القرن الماضي.



خسائر فادحة طالت شركات إنتاج الدواء وصلت إلى 180 مليون جنيه العام الماضي، ربما دفعت وزارة الصحة لإعلانها أنها تدرس تحريك الأسعار بحيث تحل مشكلة الشركات مع مراعاة اقتصاديات المواطن المصري.



« بوابة أخبار اليوم» بدورها رصدت تأثير نقص الدواء على المواطنين، فالبداية كانت مع فتحي عبد الله "سائق تاكسي" والذي قال:أنا عندي السكر والضغط والقلب وبشتري أدوية بـ1500 جنيه في الشهر، وبعاني من عدم وجوده بقالي كذا شهر ولمارحت للدكتور كتب لي علي دوا غيره مستورد عشان كمان المادة الفعالة فيه اقوي من المصري بس سعره غالي عليا وبقيت بصرف 4000 جنيه شهريا، ياريت الدولة توفر الدواء المصري تاني، أنا مش حمل المستورد".محمود عبد الفتاح، "صيدلي"، أكد أن معظم شركات الأدوية المنتجة للدواء بمصر أصبحت تعاني من ارتفاع أسعار المواد الخام التي يجلبونها بالدولار من ناحية، والإعفاء الجمركي من ناحية أخرى، في حين أن سعر الدواء بالعملة المحلية، وطالبت وزارة الصحة بزيادة أسعار الأدوية رخيصة الثمن كي تظل في متناول المرضى خاصة محدودي الدخل فما كان من الوزارة إلا أنها رفضت طلبهم على حد قولها إلى أن انتهي بها المطاف إلى إيقاف إنتاج أنواع عديدة غاية في الأهمية.



كما أوقفت شركة إيبكو إنتاج لاكتيلوز شراب 300 مللي لنفس الأسباب هذا بالنسبة للمحلي أما المستورد سيزيد سعره أو سيقل وجوده هو الأخر بسبب ارتفاع الدولار.
محمد أحمد دكتور صيدلي أضاف بدأنا نواجه بالفعل مشكلة كبيرة تتمثل في نقص أدوية مهمة بالنسبة للمرضي علي الرغم من رخص ثمنها مثل "بارا مول،وباراستامول، وينيترا أقراص، فلورست، ريفو"، وغيرها التي تعالج أمراضًا مزمنة، والمريض دائم الطلب عليها كأدوية القلب، والسكر وضغط الدم.



وتابع :"كثيرا ما وجه إلينا اللوم من قبل المستهلكين معتقدين أننا نفعل ذلك عن قصد احتكارا للمنتج، وبدورنا قمنا أكثر من مرة بحث الشركات المنتجة لها على إعادة إنتاجها مرة أخرى ولو بكميات قليلة نظرا لأن البديل المستورد منه لم يكن في متناول الجميع.



الدكتور أحمد فاروق أمين عام نقابة الصيادلة أكد أن سوق الدواء يشهد أزمة كبيرة بسبب نواقص الدواء، فعدد أصناف الدواء التي كانت متداولة بالأسواق السنوات الماضية كان 12 ألفا و326 صنفا تمثل قطاع الأعمال الذي يمثل الدولة في سوق الدواء، يوجد الآن منها2170 صنفًا سعرها أقل من 5 جنيهات ، و4300 أقل من 10 جنيهات، و7400 أقل من 20 جنيها، وهذا يعادل 60% من السوق المصري، وهذا يعني أن 62% من أدوية مصر سعرها اقل من دولارين، هذا بخلاف عدم إمكانية مواصلة شركات قطاع الأعمال خسائرها المتتالية التي بلغت في العامالماضي 180 مليون جنيه مما جعلها تتخذ قرارا بإيقاف إنتاج الكثير منها.الدكتور مصطفي الوكيل "وكيل عام نقابة الصيادلة" ارجع أزمة نقص الأدوية إلى عدة أسباب أهمها أن أكثر من 90% من المواد الخام التي يتم تصنيع الأدوية بها في مصر نستوردها من الخارج بالدولار الذي وصل إلى 9 جنيهات حاليا مما أوجد شركات كبرى كثيرة لم تعد تستطيع تغطية نفقاتها خاصة الشركات الوطنية في مصر.واستشهد "الوكيل" بالشركة القابضة للأدوية تنتج 1600 صنف دواء في السوق وهذا اقل من الحد الأدنى أو التي تعد في متناول المواطن البسيط، منها700 صنف دواء اقل من 5 جنيهات، و200 صنف اقل من 10 جنيهات، أي أن 80% من منتجاتها أقل من 10 جنيهات، بها 25 ألف عامل وتخسر 154 مليون جنيه سنويا طبقا لإحصاءات الجهاز المركزي للمحاسبات ، فهناك 30% من الدواء المصري غير متوفر بسبب ارتفاع الدولار وهذا يعني أن مصر تستورد دواء بـ10 مليارات دولار فضلا عن انه يتم إخراج 10 مليارات دولار أخرى أمامها عملة صعبة في السوق الموازي وهذا يمثل ضغطا علي الحافظة التجارية بمصر.



بالإضافة إلى عدم وجود استراتيجية ورؤية واضحة للوقوف خلف الصناعة الوطنية والعمل علي تطويرها كي تظل منافسا قويا، فمصر كان لديها صرح لصناعة الدواء يصدر لكل دول المنطقة ، كالشركة القابضة للأدوية التي تم إنشاؤها في الثلاثينيات في عهد طلعت حرب ومصنع مصر للمستحضرات الطبية كان أول مصنع أنشئ في المنطقة كلها بمصر، وكذا شركة"النصر للكيماويات والمستحضرات الطبية " خاص بالمواد الخام، والآن مصر بها 152 مصنعا قائما و60 تحت الإنشاء وتصدر بـ300 مليون دولار مقارنة بالأردن التي عرفت صناعة الدواء بعدنا بعشرات السنين بها 7 مصانع تصدر ب 9 مليارات دولار.الحل يكمن في تحريك سعر الدواء طبقا لقرار رقم 499 لسنة 2012 الذي ينص على "إذا تغير سعر الصرف 15% ارتفاعا أو هبوطا فلابد من إعادة النظرفي تسعير الدواء "، إقامة مصنع للمواد الخام في مصر علي محور قناة السويس ليس للإنتاج فقط بل ولتصدير المواد الخام للدول الأخرى كما تفعل الهند والصين التي تصدر لكافة دول العالم، إنشاء هيئة عليا للدواء بمصر وذلك للإشراف علي صناعته بداية من دخول المادة الخام المصانع وانتهاء بوصولها إلى يد المريض وبذلك نضع مصر علي خارطة التصدير في المنطقة ومساندة الشركات الوطنية وجلب العملة الصعبة لمصر.

الدكتورة مني المهدي أستاذ بكلية الصيدلة جامعة أسيوط وعضو منظمة الصحة العالمية أكدت أن الأدوية رخيصة الثمن قاربت علي الانقراض بسبب استيرادناللمواد الخام بأسعار باهظة وبالتالي لا تغطي تكاليفها بالإضافة لانعدام هامش الربحبالنسبة للصيدلي والشركة المنتجة لها مما أدي لإيقاف إنتاجها خاصة أن لها بدائل مستوردة تواكب سعر الدولار تقوم على إنتاجها شركات أجنبية، وبدورها قامت نقابة الصيادلة بتعريف المواطنين بوجود بدائل للأدوية غير المتوافرة بالصيدليات، مطالبة بإنشاء مصنع للمادة الخام بمصر ورفع هامش ربح الصيدلي فيما يخص الأدوية المحلية.الدكتورة رشا حسن زيادة مدير إدارة التسعيرة بالإدارة المركزية للصيادلة بوزارة الصحة أكدت أن الوزارة بدأت التعامل مع أزمة نواقص الأدوية منذ منتصف عام2014 إنقاذا للصناعة إلا أن هذا التعامل ليس بالقدر الكافي لأن ما يتم تحريكه حوالي 15 مستحضرًا سنويا من 12 ألفا متداولة بالسوق وهذا قليل جدا مما اوجد مجموعة كبيرة من الأدوية خاصة المصنعة من سنوات طويلة ويحتاجها المريض سعرها لا يكافئ تكلفتها تماما، فضلا عن وجود مشكلة اخري غير سعر التكلفة وهي تقليل توزيع الأدوية منخفضة السعر.



ولفتت إلى أنه حاليا تقوم الوزارة بدراسة زيادة الاسعار في نطاق ضيق بحيث تحل مشكلة الشركات وفي نفس الوقت تراعي اقتصاديات المريض المصري، وبالفعل
تعاملت مع الشركات القابضة وبعض المستحضرات من الشركات المحلية وتم نشر بيان بزيادة 54 مستحضرا وآخر بـ12 مستحضرًا للقلب والأورام ومشتقات الدم، كما تم التعامل مع النواقص التي لا مثيل لها بشكل شهري، نافية رفض الوزارة طلب الشركات بتحريك أسعار الدواء لأننا أقل أسعار أدوية في العالم كله، فتراكم المشكلة وعدم التعامل معها منذ سنوات بالإضافة لحجم الأدوية الكبير الذي يحتاج لزيادة كل هذا لم يكن له انعكاس بشكل كبير بحيث تري الشركات ان هناك شيئا ملموسا حدث.